قمة النقب: رمزية تاريخية وخلافات حادة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمة النقب: رمزية تاريخية وخلافات حادة

نشر فى : الإثنين 4 أبريل 2022 - 7:15 م | آخر تحديث : الإثنين 4 أبريل 2022 - 7:15 م
نشرت صحيفة ذا نيويورك تايمز مقالا بتاريخ 28 مارس 2022 للكاتب باتريك كينجسلى والكاتبة لارا جيكس، أوضحا فيه أن قمة النقب وإن كانت حدثا تاريخيا إلا أنها شهدت خلف الأبواب المغلقة خلافات حادة بين الأطراف لا سيما فيما يتعلق بإيران والحرب فى أوكرانيا... نعرض من المقال ما يلى.
كان اجتماع كبار الدبلوماسيين من إسرائيل والولايات المتحدة وأربع دول عربية فى فندق ومنتجع فى صحراء النقب يوم الاثنين قبل الماضى حدثا بارزا أظهر شرعية إسرائيل المتزايدة بين قادة الشرق الأوسط الذين تجنبوا الدولة اليهودية لعقود. كما شهدت الصور المرحة الصريحة للقادة وخطبهم الرفيعة المستوى على أهمية الحدث.
لكن الهدف الحقيقى للقمة التى تم الترتيب لها على عجل كان مدفوعا بالحرب فى أوكرانيا والاتفاق النووى المعلق مع إيران: فالولايات المتحدة أرادت الضغط على الدول الخمس الأخرى لاتخاذ موقف أكثر تشددا ضد روسيا بشأن غزوها لأوكرانيا، بينما أرادوا بدورهم تأكيدات أمريكية بأن إيران ستكون مقيدة.
القمة التى استمرت 18 ساعة لم تسفر عن نتائج علنية ملموسة، لكن كانت هناك مؤشرات على ذوبان الجليد بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة بعد أسابيع من التوترات المتزايدة. فواشنطن كانت تشعر بالإحباط من الرد الإماراتى المحايد على الغزو الروسى، فى حين غضب المسئولون الإماراتيون مما يرون أنه لامبالاة أمريكية تجاه التهديدات الإيرانية لأمن الإمارات.
جلبت القمة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكين ونظيره من دولة الإمارات العربية المتحدة، عبدالله بن زايد آل نهيان، وجها لوجه. قال اثنان من المسئولين الذين حضروا المؤتمر إن بلينكين والشيخ عبدالله أظهرا دفئا واضحا لبعضهما البعض. وظهرت صورة واحدة لهما خلف الكواليس يظهران فيها وهما يتشاركان نكتة، مما دفع المشاركين الآخرين إلى الابتسام.
إلى جانب الوفاق الواضح بين الجانبين الأمريكى والإماراتى، سمحت القمة أيضا لإسرائيل والدول العربية الأربع الأخرى بتعميق تنسيقها بشأن التهديدات الأمنية المشتركة وجمع المعلومات الاستخبارية والمخاوف المتعلقة بالطاقة والإمدادات الغذائية، وفقا لمسئولين حضروا القمة.
القمة سمحت لدول الشرق الأوسط الخمس ــ البحرين ومصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل ــ بتشجيع الولايات المتحدة على الاستمرار فى المشاركة فى المنطقة، على الرغم من تركيزها على روسيا والصين. وأعطتهم الفرصة للضغط على بلينكين لعدم رفع العقوبات عن الحرس الثورى الإيرانى من أجل كبح طموحات إيران النووية.
قال وزير الخارجية الإسرائيلى، يائير لابيد، الذى نظم المؤتمر: «ما نقوم به هنا هو صنع التاريخ ــ بناء هيكل إقليمى جديد قائم على التقدم والتكنولوجيا والتسامح الدينى والأمن والتعاون الاستخباراتى». وأضاف: «هذه البنية الجديدة، القدرات المشتركة التى نبنيها، ترهب وتردع أعداءنا المشتركين، وفى مقدمتهم إيران ووكلائها».
•••
ربما كان أهم جانب من جوانب القمة أنها عقدت. فعندما وقعت إسرائيل اتفاقيات تطبيع مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب فى عام 2020، بمساعدة إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، لم يكن من الواضح إلى أى مدى ستكون العلاقات مستدامة أو ذات مغزى. لكن اجتماع الثلاثة لأول مرة على الأراضى الإسرائيلية، بعد ما يقرب من عامين، يظهر مدى توطيد هذه العلاقات.
كما أن وجود مصر، أول دولة عربية تصنع السلام مع إسرائيل فى عام 1979، سلط الضوء على كيف شجعت اتفاقيات أبراهام 2020 القاهرة على بث حياة جديدة فى علاقتها مع إسرائيل التى لطالما أهملتها.
قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان فى بيانه الختامى «هذه هى المرة الأولى لنا فى إسرائيل. إذا كنا نشعر بالفضول فى بعض الأحيان، ونريد معرفة الأشياء والتعلم، فذلك لأنه على الرغم من أن إسرائيل كانت جزءا من هذه المنطقة لفترة طويلة جدا، إلا أننا لم نعرف بعضنا البعض. لذا حان وقت اللحاق بالركب».
بهذه الروح، أكد بعض المشاركين أنهم سيحاولون الاجتماع فى بلد مختلف كل عام، وقالوا إنهم يريدون الترحيب بمزيد من الدول فى التجمعات المستقبلية. لكن على انفراد، ناقش المشاركون خلافاتهم بالإضافة إلى نقاط وحدتهم، بما فى ذلك ما يتعلق بإيران وتداعيات حرب أوكرانيا.
فمن جانب، شعرت الإمارات بالإحباط بسبب ما يُنظر إليه من نقص فى المشاركة الأمريكية بعد الهجمات الأخيرة التى شنها الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران، على الإمارات والسعودية. تخشى الإمارات، مثل إسرائيل، من أن الجهود المدعومة من الولايات المتحدة لإقناع إيران بكبح برنامجها النووى لن تفعل ما يكفى للحد من الأنواع الأخرى من العدوان الإيرانى فى جميع أنحاء الشرق الأوسط.
أما الجانب الأمريكى فقد شعر بالخيانة من القرار الإماراتى بالامتناع عن التصويت فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإدانة الغزو الروسى، كما شعروا بالإحباط من تجاهل الإمارات الطلبات الأمريكية لزيادة إنتاجها النفطى لجعل العالم أقل اعتمادا على إمدادات الوقود الروسية.
الإمارات أثارت أيضا الدهشة فى واشنطن من خلال الحفاظ على العلاقات الدافئة مع روسيا، حيث التقى الشيخ عبدالله بوزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، فى موسكو الشهر الماضى. كما أحيت الإمارات العلاقات مع سوريا حيث قام الرئيس السورى بشار الأسد بزيارة أبوظبى الشهر الماضى لتقويض المساعى الأمريكية لإبعاده دوليا.
من جهتها، وصفت إيران القمة بـ«مؤتمر الشر» و«خيانة لتطلعات الفلسطينيين فى الحرية». ونقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، قوله إن «أى إجراءات لتطبيع العلاقات مع الإرهابيين الصهاينة ومحتلى القدس وإقامة علاقات معها هى طعنة فى ظهر الشعب الفلسطينى».
•••
القمة أكدت أن عدم وجود حل للصراع الإسرائيلى الفلسطينى لم يعد عقبة أمام الشراكة مع إسرائيل، حتى لو كانت هذه الشراكة لا تزال تعارضها غالبية الشعوب العربية. وبالرغم من استخدام بلينكن وثلاثة من الوزراء العرب الأربعة ملاحظاتهم الختامية لإعادة تأكيد دعم بلدانهم لحل الدولتين، إلا أن غياب القيادة الفلسطينية عن المناقشة سلط الضوء على كيفية انفصال علاقات إسرائيل مع العالم العربى الأوسع عن العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية.
ومع ذلك، وعلى هضبة مقابل الفندق الذى انعقدت فيه القمة، حاول المتظاهرون لفت الانتباه إلى الشعب الفلسطينى. ورفعت إحدى المجموعات لافتة كتب عليها: «ألم تنسوا أحدا؟». كما قال محللون إن الدول العربية المشاركة فى القمة قد تكون مستعدة للعمل مع إسرائيل، إلا أنهم يريدون تجنب أى بادرة تقوض بشكل رمزى آمال الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة، بما فى ذلك عاصمة مستقبلية فى القدس الشرقية، والتى احتلتها إسرائيل من الأردن عام 1967.
قرار عقد القمة فى بلدة سديه بوكر الصحراوية الصغيرة النائية، وليس فى مدينة القدس، يعد تذكيرا بأن وضع القدس لا يزال قضية حساسة للغاية بالنسبة للدول العربية المشاركة فى القمة.
لكن سديه بوكر، الموطن والمثوى الأخير لأول رئيس وزراء لإسرائيل، ديفيد بن غوريون، له مغزى خاص. فبن غوريون رأى فى إنشاء مدن صحراوية مثل سديه بوكر شعارا مهما للحلم الصهيونى بإعادة إنشاء أرض إسرائيل.
توم سيغيف، المؤرخ الإسرائيلى وكاتب السيرة الذاتية للزعيم الإسرائيلى بن غوريون، قال «لو كان بن غوريون على قيد الحياة اليوم، فلن يذهل أحد أكثر منه». فلم يكن «يؤمن قط بسلام حقيقى مع العرب».

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى:

التعليقات