عندما تجلس الحكومة مع الأحزاب الكرتونية الصغيرة وتستمع منهما إلى أفكار للخروج من الأزمة الراهنة، فعلينا أن نتوجس خيفة.
لا أعلم من الذى نصح الحكومة أن تجلس مع رؤساء هذه الأحزاب.
يفترض أن الحكومة تعانى أزمة عميقة وتريد بكل السبل أن يعود المتظاهرون والمعتصمون إلى منازلهم.. الافضل والمنطقى أن تحقق مطالبهم خصوصا إذا كانت هى نفس مطالب غالبية الشعب.. أما أن تضيع الوقت مع هذه الأحزاب فعلينا مرة أخرى أن نشعر بالقلق، بل الخطر.
يمكن تفهم جلوس الحكومة مع أى شخصية قادرة على التأثير فى المعتصمين، لكن أن تجلس مع قادة أحزاب لا يستطيعون التأثير ــ ربما حتى فى منازلهم ــ فالمؤكد أن هناك شيئا خطأ.
مستعد للمراهنة على أن رؤساء هذه الأحزاب إذا ذهبوا إلى ميدان التحرير فلن يعرفهم أحد.. هؤلاء ـ مع التقدير لأشخاصهم ـ عبارة عن اسم حزب ومقر وبعضهم حتى لا يملك صحيفة يضع فيها صوره وبياناته.
لا يخفى على أحد أن غالبية هذه الأحزاب تم اختراعها بمساعدة حكومية حتى يقال عنا فى الخارج أننا نملك أحزابا.
مثل هذه الأحزاب «الاصطناعية» تستخدمها الحكومة وقت اللزوم مثل الانتخابات أو الأوقات الحرجة، ولذلك كان طبيعيا أن يتم منحها مقعدا أو مقعدين فى مجلسى الشعب والشورى.
قد نتفهم أن تجلس الحكومة مع رؤساء أحزاب الوفد والناصرى والتجمع والجبهة بحكم أن لهم قواعد جماهيرية، حتى لو كانت مغيبة.
بالطبع هذه الأحزاب الرئيسية فقدت تأثيرها لسببين رئيسيين: الأول هو الحصار الحكومى الممنهج والثانى ضعف قياداتها وتخاذلها وقبولها الارتماء فى أحضان الحكومة والقيام أحيانا بدور «المحلل» أو الديكور.
يفترض أن الحكومة تدرك جيدا أن رؤساء أحزاب المعارضة «الكرتونية» لا يملكون أعضاء لكى يؤثروا فيهم، فى حين أن رؤساء أحزاب المعارضة التى يمكن وصفها بالأحزاب.. لا يملكون التأثير فى أى عضو باستثناء أولئك الذين يتلقون منهم رواتب أو مميزات تضمن استمرار الولاء. ورأينا عقب الانتخابات كيف ثارت معظم القواعد الحزبية ضد قيادتها عقب فضيحة الانتخابات الأخيرة.
لو كانت الحكومة جادة فعلا فى البحث عن مخارج للأزمة الراهنة والبدء فى عملية انتقالية حقيقية تقود إلى إصلاح سياسى شامل وحقيقى فعليها أن تجلس مع الممثلين الحقيقيين للاعتصام أو شخصيات عامة تستطيع أن تؤثر فى المعتصمين.
أما الطريق الأقصر والمختصر الذى يمكن أن يحل الأزمة فهو سهل وبسيط ويتمثل فى قيام الحكومة بإعلان خطوات محددة بشأن الإصلاح السياسى.
لو كنت مكان السيد عمر سليمان لوفرت وقتى ورفضت الجلوس مع شخصيات لا تملك من أمر نفسها شيئا،...الجلوس مع هذه الأحزاب الهشةيمكن أن يتم بعد الخروج من الأزمة عندما يحين موعد مناقشة كيفية بناء حياة حزبية سليمة، وأمر ذلك سهل ويتمثل ببساطة فى إطلاق حق تشكيل الأحزاب بدون قيود لجنة الأحزاب الحكومية.
لو تم ذلك فسوف تختفى أحزاب الأنابيب التى لا يعرفها إلا صاحبها فقط وأحيانا بعض الأولاد وعامل البوفيه.
حل الأزمة موجود فى ميدان التحرير عند ممثلى الشباب المحترمين الذين نجحوا فى تفجير أنبل ثورة مصرية قبل أن يحاول البعض ركوب موجتها أو سرقتها.
الحل هناك وليس عند السيد موسى مصطفى موسى وزملائه رؤساء منتخب الأحزاب التى صنعتها الحكومة فى الماضى، وتحاول اليوم إقناعنا بأنها معارضة!