لبنانيون وفلسطينيون وسوريون - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لبنانيون وفلسطينيون وسوريون

نشر فى : الجمعة 6 مايو 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 6 مايو 2016 - 9:50 م
فى سياق تصنيف الدول التى تأسست نتيجة اتفاق سايكس ــ بيكو، اعتبرت مراكز دراسات أمريكية لبنان والعراق وأراضى الدولة الفلسطينية دولا فاشلة، ولم تشر إلى سوريا ربما لكونها آيلة إلى السقوط ومفتوحة على احتمالات شتى.

ولبنان، «الدولة الفاشلة»، يتصدر مع اليمن قائمة الأكثر فسادا بين تسع دول عربية تضم أيضا مصر والسودان والمغرب والجزائر وفلسطين والأردن وتونس. أصدرت القائمة «منظمة الشفافية الدولية» نتيجة دراسة مسحية، وأبدت فى المناسبة مخاوف حيال لبنان مع أزمة شغور منصب الرئاسة الأولى وعدم إجراء انتخابات نيابية منذ سنة 2009.

فَقَدَ لبنان جاذبيته عربيا ودوليا، ومعظم المسئولين الأجانب الذين يزورونه يهتمون فقط بالنازحين السوريين وبالأمن على حدود إسرائيل. مثل هذا الأمر كان يلقى احتجاجات أهل السلطة، لكنه صار عاديا، حتى أن سفراء أجانب يزورون شخصيات ومؤسسات وجمعيات مباشرة ومن دون استئذان وزارة الخارجية. هذا وغيره من الحراك السياسى الخارجى على الأراضى اللبنانية، يمكن اعتباره إشارة إلى تفكك الدولة اللبنانية التى يستقطبها زعماء الطوائف والقوى الحزبية الرئيسية.

يكتفى الزعيم اللبنانى بقاعدته الشعبية ويحافظ عليها لتحافظ عليه، كأنه يتزعم كانتونا وليس مسئولا عن المواطنين الآخرين خارج دائرته الطائفية أو الحزبية. بل إن الحيز المشترك للقاءات بين اللبنانيين بدأ فى الانهيار، إذ تندر شيئا فشيئا نواد أو مقاهٍ أو جمعيات أو هيئات سياسية تضم مواطنين متعددى الانتماء الطائفى، وبذلك تنمو ثقافات فرعية ذات عصب دينى أو طائفى أو جهوى على حساب الثقافة المشتركة التى جعلت من اللبنانيين رواد التحديث منذ أوائل القرن العشرين، كما اشتهروا بميزتهم هذه فى العالم العربى وأوروبا والولايات المتحدة، والآن تنقرض هذه الصورة الزاهية لمصلحة خطاب بائس ومتعصب كان يوصف فى الزمن الذهبى للبنان بأنه حماقة.

نشهد تحلُل الدولة اللبنانية وهيئاتها السياسية والاجتماعية الجامعة، فيما يقف أهل السلطة شهودا على انهيار شبه يومى يلاحظونه لكنهم يشيحون النظر مكتفين بعروش الجمر، يجلسون عليها فى انتظار الحريق.

ولا يمكن أى عاقل أن يشرح هذا الهدوء وتلك الثقة لدى أهل السلطة فى لبنان، خصوصا أن سوريا القريبة بسياساتها وحريقها سائرة إلى مصير ربما أسوأ من مصير فلسطين.

فى سنة 1948 تناولت الصحافة اللبنانية الجهود لإيواء اللاجئين الفلسطينيين، وأوردت اسم مؤسس حزب الكتائب الشيخ بيار الجميل بين المنخرطين فى عمليات الإيواء تلك. احتاج الأمر 27 سنة لتنفجر الحرب اللبنانية سنة 1975، وكان طرفاها الرئيسيان المنظمات الفلسطينية المسلحة وحزب الكتائب. لقد فَقَدَ لبنانيون كثيرون الصبر وهم يرون إسرائيل تترسخ أكثر فأكثر على أرض فلسطين ويمتد نفوذها فى المنطقة.

النزوح السورى منذ سنة 2013 يكرر التجربة نفسها، خصوصا إذا فقد النازحون ومعهم اللبنانيون الأمل بوجود سوريا كما يعرفونها وبعودة النازحين إلى بيوتهم وممتلكاتهم. ولبنان الغارق فى أزماته واستقطاباته الطائفية والفساد، لا يستطيع تعليق مشكلاته على شماعة النازحين السوريين، لكنه ربما يفعل ذلك من دون انتظار 27 سنة كما فى الحال الفلسطينية، لأن العالم يعيش إيقاعا أسرع مما كان فى أواسط القرن الماضى.

حرب 1975 ــ1991 انتهت بتسوية بعدما أدت إلى هجرة أكثر من مليون لبنانى. وإذا سار لبنان إلى حرب مماثلة فالمرشحون للهجرة كثيرون إذا أتاحت لهم ذلك دول بدأت تغلق حدودها وتفقد القدرة على احتضان لاجئين، فضلا عن أن الشرقيين، خصوصا المسلمين، موصومون بشبهة الإرهاب التى تنفر العالم، من باب الحيطة والحذر على الأقل.
لبنان على الحافة، ولا أحد يحسد أهل السلطة فيه... إذا كانوا أهل سلطة مسئولة حقا.

الحياة ــ لندن

محمد على فرحات
التعليقات