التعامل بشرف مع الشرفاء فقط - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 8 فبراير 2025 1:08 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

التعامل بشرف مع الشرفاء فقط

نشر فى : الجمعة 7 فبراير 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 7 فبراير 2025 - 7:20 م

على ماذا تقوم العلاقات بين الدول المختلفة؟!

المفترض والأفضل أن تقوم على أساس القانون الدولى والاتفاقيات والمبادئ الإنسانية والمصالح. لكن ماذا عن الواقع؟!

الواقع يقول إن المبدأ الأساسى الذى تقوم عليه علاقات الدول هو المصالح ثم المصالح ثم المصالح، وأخيرا على مبدأ القوة الشاملة وأحيانا على منطق الغابة، وإذا لم تكن متمتعا بالقوة فلن تستطيع أن تحمى مصالحك وسيطمع فيك العدو وأحيانا الصديق.

هل ينبغى أن تقوم العلاقات على أساس الأخلاق والشرف؟!

إذا حدث ذلك فسوف يعيش العالم فى جنة حقيقية على الأرض، وسوف تتحقق المدينة الفاضلة التى تحدث عنها العديد من الفلاسفة والمصلحين وخصوصا أفلاطون أو القديس توماس مور فى كتابه الشهير يوتوبيا.

سؤال: لكن ماذا نفعل إذا وجدنا أن  بعض بلدان العالم لا تقيم وزنا للشرف أو الأخلاق أو القانون الدولى، وتعتمد فقط مبدأ القوة والبلطجة والفتونة.

أظن أن الإجابة المنطقية أن نتعامل بالأخلاق والشرفاء مع أى شخص أو دولة أو حكومة يكون مبدأها وطريقها وسلوكها الشرف أما إذا كان الأمر غير ذلك، فلا يصح أن نطلب ممن لا يملكون الشرف أن يتعاملوا به.

لماذا أطرح هذا السؤال الآن؟

السبب المباشر هو التهديدات التى أطلقها ويطلقها بعض الرؤساء بحق بعض الدول بإخضاعها اقتصاديا وإذا رفضت فبالاستيلاء عليها بالقوة العسكرية.

والسؤال: كيف يمكن للدول أن تتعامل مع هذه التهديدات؟

هل ترد على من يهددها بأن ما يقوله مخالف للقانون الدولى، وللإنسانية وللأخلاق وللشرف وللمبادئ وللشرعية الدولية، وللاتفاقيات الموقعة منذ عشرات، بل ربما منذ مئات السنين؟

لو فعلت كل الدول ذلك، فإنه سيكون أفضل هدية لمن يقوم بالتهديد، فهو لا يقيم وزنا للقانون أو الأمم المتحدة أو الاتفاقيات، فقد يكون مجرد مغامر لا يؤمن إلا بالصفقات والقوة المجردة، وربما يكون ذلك سببا فى حبه لكل الطغاة والمستبدين والزعماء والأقوياء.

ما ينطبق على هذا النوع من القادة ينطبق تماما على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ويمينه المتطرف فهم واضحون إلى حد كبير فى أهدافهم، خصوصا تصفية القضية الفلسطينية وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، فى حين أن من يدعى الاعتدال والواقعية مثل بينى جانتس أو يائير لابيد يرفضان تماما قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967.

ما يجمع ترامب وبايدن أو نتنياهو ولابيد هو المصالح والقوة ولا شىء غيرها، حتى ولو تم تزيين الأمر بعبارات إنشائية من عينة القانون الدولى والشرعية الدولية، لكننا اكتشفنا أنه تم العصف بكل ذلك والدوس عليه بالأحذية الأمريكية الإسرائيلية الغليظة فى الإبادة الجماعية فى غزة وجنوب لبنان وسوريا وأخيرا فى تهديد ترامب بالسيطرة على غزة عسكريا وامتلاكها.

وإذا كان ترامب يهدد جيرانه وحلفاءه الأقربين مثل كندا والمكسيك والدنمارك وبنما فماذا يمكن أن يفعل مع خصومه وأعدائه؟

الإجابة على هذا السؤال تتطلب الشجاعة والصراحة، خصوصا من العرب الذين ما يزال يراهن بعضهم على فكرة تطبيق القانون والشرعية الدولية.

ليس عيبا أن يتحلى الناس والحكومات بالواقعية السياسية وعدم المجازفة والمغامرة وإلقاء النفس والدول فى التهلكة، لكن من المهم عدم الرهان على أشياء لم تكن موجودة.

المدينة الفاضلة موجودة فى كتب الفلاسفة وأمانى الفقراء والمغلوبين على أمرهم، لكنها لم تتواجد على أرض الواقع. علينا أن نتمسك بالشرف والأخلاق فى العلاقات الدولية مع من يستحقها، أما غير ذلك فلابد أن نتعامل معهم بما يستحقونه!

لا يعنى ذلك الحروب العنترية بل ترتيب أوراقنا بصورة صحيحة حتى نتمكن من إفشال خطط الأعداء وهذا أمر يستحق بحثا ودراسة من جميع المهتمين فى مصر والوطن العربى.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي