الحب مشاعر نبيلة تحقق السعادة للطرفين.. لكن اختلاق المبررات والأعذار لتجاوزات وأخطاء طرف فى حق الآخر أبعد ما يكون عن مفهوم الحب، إنما هو تعلق مرضى يستنزف مشاعر صاحبه. فى ضوء الجملة السابقة، نشرت جريدة الراى الكويتية مقالاً للكاتبة نادية الخالدى توضح فيه الآثار السلبية لهذا النوع من التعلق المرضى الذى يمنع فيه المحب نفسه عن رؤية عيوب الآخر بحجة أن الحب كفيل بإصلاح كل شىء. ختامًا، تشير الكاتبة إلى عدة خطوات للخروج من هذا الوهم بأمان... نعرض من المقال ما يلى:
كثيرا ما نسمع القول: «الحب أعمى»، وهو بالفعل كذلك حين يعيّش الإنسان فى وهمٍ يجعله يتجاهل الحقائق ويبرر الأخطاء، بل وقد يبرر حتى الإساءة وسوء المعاملة باسم العاطفة. يصبح الشخص مغمورا فى مشاعره، متغافلاً عن العيوب، مقتنعا بأنه وحده من «يفهم» الطرف الآخر، وأن الحب وحده كفيل بإصلاح كل شىء. وهنا، لا يكون الحب مجرد أعمى، بل قد يصيبه الصمم والبكم أيضا!
الحب الأعمى هو حالة من التعلق غير الصحى؛ حيث يتغاضى الشخص عن جميع الإشارات التحذيرية، ويرفض الاستماع لصوت العقل، فيعيش فى عالم من الخيال يصنعه بنفسه. قد يكون الطرف الآخر نرجسيا، متلاعبا، أو حتى مؤذيا، لكن الشخص المتعلق به يظل مقتنعا بأنه «الحب الحقيقى»، غير مدرك لحجم الضرر الذى يلحق به.
الآثار السلبية للحب الأعمى
الحب الأعمى لا يقتصر تأثيره على المشاعر فقط، بل يمتد إلى الصحة النفسية، حيث يؤدى إلى القلق، الاكتئاب، وانخفاض الثقة بالنفس. كما أنه يسبب عزلة اجتماعية، إذ يجد الشخص نفسه يدافع عن علاقته أمام الجميع، حتى لو كان واضحاً أنها تؤذيه أكثر مما تسعده.
أمثلة من الواقع:
«هو يغضب ويصرخ على، لكنه يعتذر لاحقا، ويقول إنه يحبنى، وأنا أعلم أنه لا يقصد الإساءة». (وهنا تدخل الضحية فى حلقة مفرغة من الأذى النفسى!).
«الجميع يخبرنى أنها تستغلنى، لكنى أشعر بأنها تحبنى بطريقتها الخاصة». (مع أن أمواله تتلاشى بسببها!).
«نعم، هو يتجاهلنى أحيانا، لكنه مشغول، ولو لم يكن يحبنى لما بقى معى طوال هذه السنوات». (وهنا نرى تبرير الإهمال وكأنه دليل حب!).
كيف نخرج من هذا الوهم؟!
• المواجهة مع الذات، قف مع نفسك واسأل: هل هذه العلاقة تمنحك السعادة والطمأنينة، أم أنها تستنزفك؟
• استشارة شخص محايد، لا يعنى ذلك أن تستمع فقط لأهلك، إن كنت تراهم ضد العلاقة، لكن تحدث مع صديق تثق به، أو مختص نفسى لمساعدتك على رؤية الحقيقة.
• التركيز على الأفعال لا الأقوال، الحب الحقيقى لا يؤذى، لا يقلل من شأنك، ولا يجعلك تشعر بأنك أقل. الأفعال وحدها هى المقياس، وليس الوعود أو الكلمات المعسولة.
• العمل على الذات، أحيانا يكون الحب الأعمى نتيجة فراغ داخلى أو ضعف فى الثقة بالنفس؛ لذا من المهم تطوير ذاتك، والبحث عن سعادتك بعيدا عن شخص واحد.
• تخيل أن صديقك فى وضعك، لو كان أحد أصدقائك يمر بتجربتك ذاتها، هل ستقول له «استمر، ربما يتغير»؟! أم أنك ستنصحه بالمغادرة؟ هذا التمرين يساعدك على رؤية الأمور من زاوية أكثر عقلانية.
الحب فى جوهره ليس أعمى، لكننا نحن من نختار أن نغمض أعيننا عن الحقيقة. العلاقة الصحية تقوم على الاحترام والتفاهم، لا على الأعذار والتبريرات؛ لذا، إن وجدت نفسك فى علاقة تستنزفك، اسأل نفسك: هل هذا حب حقيقى، أم مجرد تعلق مَرَضى؟
تذكّر أن.. الحب الذى يجعلك تخسر نفسك ليس حبا، بل هو وهم، يجب الإفاقة منه.