11 ملاحظة على زيارة ماكرون - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 7 أبريل 2025 11:04 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

11 ملاحظة على زيارة ماكرون

نشر فى : الإثنين 7 أبريل 2025 - 6:30 م | آخر تحديث : الإثنين 7 أبريل 2025 - 6:30 م

 كيف يمكن تقييم الزيارة الرسمية للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى مصر، والتى بدأت أمس الأول الأحد وتنتهى اليوم الثلاثاء؟

تاليًا مجموعة من الملاحظات:

أولًا: ماكرون زار مصر أكثر من مرة، لكن هذه المرة، الأمر مختلف بسبب التوقيت والظروف المحيطة بالمنطقة والعالم، والأماكن التى زارها والمعالم.

ثانيًا: جدول أعمال الزيارة مختلف ومتنوع، فهو لم يقتصر على اللقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، والمباحثات الرسمية وتوقيع مذكرات التفاهم فى المجالات المختلفة، لكن شمل زيارات لأماكن مختلفة ذات دلالات كثيرة.

وربما كانت زيارة خان الخليلى، مساء الأحد، هى أكثر ما لفت الأنظار. فهى إشارة إلى الهدوء والاستقرار فى الشارع المصرى، والقدرة على تأمين زيارة مثلها فى مكان شديد الازدحام، تحسب للأمن المصرى، والتجول وتناول الطعام فى مطعم نجيب محفوظ تشجيع كبير للسياحة، والأهم أنها إشارة لما تتمتع به مصر من إمكانيات تراثية وثقافية والعديد من مظاهر القوة الناعمة.

ثالثًا: زيارة المتحف المصرى أيضًا هى تأكيد على ما تتمتع به مصر من ثروة أثرية لا تُقدر بثمن، وهى أفضل تمهيد لافتتاح المتحف المصرى الكبير فى ٣ يوليو المقبل.

رابعًا: استقلال مترو الأنفاق تأكيد على الدور الفرنسى المهم الذى لعب الدور الأكبر فى إنشاء خط المترو الأول من المرج إلى حلوان عام ١٩٨٤، وما تزال فرنسا تلعب دورًا مهمًا فى صيانة هذا الخط وغيره.

خامسًا: زيارة جامعة القاهرة وتوقيع اتفاقات وتفاهمات علمية وجامعية، إشارة أخرى مهمة على الدور الذى يمكن أن يلعبه التعليم والبحث العلمى سواء على مستوى علاقات الدول أو تعظيم القوة الناعمة المصرية. وهنا تجدر الإشارة إلى دور الجامعة الفرنسية فى مصر وتوسعها.

سادسًا: الزيارة أشارت إلى عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، فالوكالة الفرنسية للتنمية استثمرت نحو ٤ مليارات يورو، كما قال ماكرون، فى المؤتمر الصحفى، وبالتالى فإن فرنسا هى المستثمر الأوروبى الأول فى مصر، إذا تم استثناء قطاع المحروقات، وهى لعبت الدور الأبرز فى اتفاق الشراكة المصرية الأوروبية قبل عام، والمتوقع أن يزيد التعاون بعد ترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

سابعًا: كان ملفتًا أن فرنسا تحفظ الجميل لمصر فيما يتعلق بأنها أول دولة فى العالم وثقت بمقاتلات الرافال ما جعل كثيرًا من بلدان العالم تطلبها.

ثامنًا: فيما يتعلق بالقوة الناعمة أيضًا هو لقاء ماكرون مع فنانين ومثقفين مصريين سواء من دار الأوبرا أو غيرها من القطاعات الفنية.

تاسعًا: فيما يتعلق بالسياسة كان ملحوظًا توافق رؤى البلدين فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، كما كان هناك توافق كبير على قضايا السودان وليبيا والبحر الأحمر ومياه النيل، لكن كان هناك إصرار فرنسى على أنه لا ينبغى أن يكون لحماس أى دور فى حكم غزة فى اليوم التالى، بل دور واضح للسلطة الفلسطينية، بما يقود إلى قيام دولة فلسطينية.

عاشرًا: فى ظنى أن أهمية هذه الزيارة تأتى أيضًا فى ظل توقيت يقوم فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإشعال حرب عالمية تجارية ضد الجميع، من أول جارته كندا إلى زيمبابوى، ومن الصين إلى البرازيل، ترامب يقدم مفهومًا للعلاقات الدولية لا يقوم إلا على الصفقات والأرباح و«امتلاك الأوراق»، فى حين يقدم ماكرون إضافة إلى ذلك ما هو أكبر من فرض الرسوم الجمركية، مثل الفنون والثقافة والتراث والبحث.

المؤكد أن ماكرون يسعى مثل ترامب لخدمة بلاده، لكن بطريقة تقوى دور ومكانة فرنسا فى العالم، ولا تجعلها مكروهة بالصورة التى يتصرف بها ترامب.

حادى عشر: توقيت الزيارة شديد الأهمية، لأنه يأتى وسط استمرار أبشع عدوان إسرائيلى على قطاع غزة، وعلى سوريا ورفض الانسحاب من جنوب لبنان والحديث عن إمكانية توجيه ضربات عسكرية للمشروع النووى الإيرانى، وحينما يزور ماكرون العريش، فهى إشارة واضحة إلى رفض العدوان ورفض مخطط التهجير والتمسك بحل الدولتين، وكذلك التأكيد على الدور المصرى فى تقديم المساعدات للشعب الفلسطينى منذ بداية العدوان وحتى الآن.

كان ماكرون موفقًا حينما قال إن ما يجمع مصر وفرنسا هو الإيمان بالسلام وعدم ازدواجية المعايير، وهى إشارة ضمنية للدول الأخرى التى لا تؤمن بهذا المبدأ.

أخيرًا فإن زيارة ماكرون غير التقليدية لمصر، تشير إلى أن علاقات الدول ينبغى أن تقوم على تعظيم المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، أما الاعتقاد بأن منطق القوة والبلطجة وإثارة الحروب التجارية والعسكرية هو الحل، فلن يقود إلا إلى الفوضى وعدم الاستقرار، حتى وإن حقق بعض المكاسب الوقتية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي