المعضلات الأمريكية فى الشرق الأوسط بمناظرة كلينتون وترامب - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المعضلات الأمريكية فى الشرق الأوسط بمناظرة كلينتون وترامب

نشر فى : الإثنين 7 نوفمبر 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 7 نوفمبر 2016 - 10:35 م
نشر معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى تحليلا لـ«عوديد عيران» الباحث بالمعهد حول قضايا الشرق الأوسط لدى كل من هيلارى كلينتون ودونالد ترامب خلال إحدى المناظرات التى دارت بينهما ومستقبل هذه القضايا عقب وصول أحدهما إلى البيت الأبيض.

يستهل «عيران» بالقول إنه من بين ثلاث مناظرات تلفزيونية جمعت هيلارى كلينتون ودونالد ترامب، ركزت المناظرة الرئاسية الثانية التى جرت فى 9 أكتوبر 2016 على قضايا السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وعلى رأسها الحرب فى سوريا وكشف النقاش بين المرشحين الرئاسيين بشكل ملفت المعضلات التى واجهتها الولايات المتحدة منذ آخر مرة نشرت فيها قوة عسكرية أمريكية على نطاق واسع ولفترة طويلة من الزمن، أى إبان حربى أفغانستان والعراق.

خلال المناظرة، اختلف كلينتون وترامب حول هوية العدو، وحول كيفية التوصل إلى قرار بشأن الحل فى سوريا والعراق، وحول الدور الذى ينبغى على الولايات المتحدة أن تلعبه لإيجاد حل لأزمة اللاجئين الهاربين من القتال الدائر فى هذه الدول. وبينما شددت كلينتون على الدور المسىء الذى تمارسه روسيا فى سوريا وتحدثت عن ضرورة ممارسة ضغط على موسكو لوضعها مجددا على مسار التعاون الصحيح، حدد ترامب تنظيم «الدولة الإسلامية» والإسلام الراديكالى على أنهما المشكلة الرئيسية. والتباين بين المرشحين الرئاسيين أيديولوجى بعمق وليس مجرد تباين تكتيكى، وهو ينطوى على تداعيات بعيدة المدى، انطلاقا من فرضية أن السياسات العامة التى عبر عنها كلا المرشحين ستدخل حيز التطبيق فور دخولها «كلينتون» أو دخوله «ترامب» إلى البيت الأبيض.

وألمح ترامب بقوة إلى أن هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» كلية يشرعن الاستفادة من الأسد وروسيا. وشددت كلينتون على نقطة رئيسية: أنها تعارض بإصرار استخدام قوة عسكرية أمريكية على الأرض، وأنها تفضل تقديم مساعدة لأطراف محلية واستهداف قادة، مثل أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية. وفى الواقع فإن مقترحات هيلارى كلينتون هى عبارة عن تبنٍ كامل للسياسات الأمريكية الحالية الهادفة إلى عدم نشر جنود أمريكيين على الأرض، مع استعدادها لاتخاذ مزيد من الإجراءات ضد الأسد وضد تدخل روسيا، ولإقامة منطقة حظر للطيران فوق سوريا، ولاستخدام قوات خاصة لتنفيذ عمليات صغيرة وسريعة.
أما فيما يتعلق بترامب فهو لم يشرح على سبيل المثال، ما هو المغزى من مساعدة الأسد على محاربة الدولة الإسلامية، أو ماذا سيحدث فى حال رفض كل من الأسد وروسيا لعب الأدوار التى يعتزم إسنادها لهما. ومن هنا، فشل ترامب فى تقديم بديل واضح عن طرح كلينتون.

إن وصف ترامب «الدولة الإسلامية» بأنها أساس جميع مشكلات الشرق الأوسط، ومطابقته بين هذا التنظيم والإسلام الراديكالى، يشحذ الفرق بينه وبين كلينتون حول المسألة الأخلاقية والأيديولوجية العميقة المتعلقة بكيفية التعامل مع المذبحة الجماعية فى سوريا وملايين اللاجئين والنازحين السوريين. وبذلك يتمكن ترامب من تضمين موقفه العام معارضة جارفة لقبول مهاجرين ولاجئين، وخاصة من منطقة الشرق الأوسط، وهم من يشتبه فى أنهم يمثلون تهديدا أمنيا.

***

هذه المناظرة لم تطرح التساؤل الرئيسى الذى يكمن وراء توجسات الولايات المتحدة إزاء سياستها الشرق أوسطية، وإزاء الموارد التى ستكون مستعدة لتوظيفها توصلا إلى تحقيق أهداف والمحافظة على مصالح. إن الطموحات السامية لجورج بوش الابن ولأوباما الرامية إلى تدعيم مجتمع مدنى ديمقراطى وتطوير حوار بين الثقافات والديانات، تهشمت على أرض الواقع الإقليمى حتى قبل «الربيع العربى». وتبعا لذلك، فإن خليفة أوباما سيكتفى بقائمة أهداف قد تشمل التالى:

• منع انتشار السلاح النووى فى المنطقة.

• منع تصدير الإرهاب الإسلامى المتشدد.

• مساعدة أنظمة صديقة فى المنطقة، ولا سيما تقديم مساعدات مالية، فضلا عن معدات عسكرية وتدريب مصمم لتأمين الاكتفاء الذاتى.

• المشاركة فى محاولات لتشكيل وضمان استقرار هيكليات سياسية فى أجزاء من المنطقة تمر حاليا بمراحل متعددة من التفكك.

• المشاركة فى الجهد الدولى لتأمين حلول لمشكلة اللاجئين، ولا سيما من خلال تقديم مساعدة مالية لتوطينهم فى أماكن تواجدهم الحالية أو فى دول مستعدة لقبولهم.

تتطابق الأهداف المدرجة فى هذه القائمة مع الخطوط العريضة التى عرضتها كلينتون فى المناظرات. وعلى الأرجح سيكرر ترامب ما كرره مرارا عن دور الولايات المتحدة فى المجهود العسكرى لهزيمة الدولة الإسلامية. وبينما تميل كلينتون إلى قبول وجود عسكرى محدود، يشمل قوات خاصة وتقديم مشورة عسكرية وتدريب، تجنب ترامب التطرق الصريح إلى هذه المسألة، ويبدو أنه يفضل أن يقوم آخرون بهذا العمل ولديه القليل من التحفظ حول أساليب هؤلاء.

ويشير الكاتب إلى أنه فيما يتعلق بالشأن الإيرانى، تنوى كلينتون إبقاء السياسة العامة على حالها، بينما ترامب قابل للانجراف فى سياسة استفزازية معدة لتمكينه من العودة عن الاتفاق أو إبطال أجزاء منه.
وتشمل الخطوط العريضة لمقاربة كلينتون على ما يبدو الأفكار التى اقترحتها مرارا فى الفترة الأخيرة من عهد أوباما، علما بأن الغاية الرئيسية منها هى وضع حد للتآكل الإقليمى. وهذا يعنى جزئيا وقف تفكك كيانات أخرى، ومنع جماعات إرهابية إسلامية من تحقيق نجاحات أخرى على الأرض، وتدريجيا تقليص حيز انتشار الإرهابيين توصلا إلى تصفية معاقلهم الإقليمية.

أما رؤية ترامب فيفترض أن تنفذ بالتزامن مع تشديد السياسة الأمريكية حيال الراغبين فى الهجرة إلى الولايات المتحدة، ومع الموافقة على أخذ عدد محدود جدا من لاجئى منطقة الشرق الأوسط فى إطار برنامج دولى لاستيعاب اللاجئين. وتنفيذ هذه السياسة لا يتطلب تعديلا جوهريا فى موارد الولايات المتحدة المرصودة لإدارة شؤون الأمة، الأمر الذى سوف يسهل على الإدارة الأمريكية القادمة مواجهة ضغوط تتعلق بالموازنة العامة.

***

بشكل عام فإن السياسة الشرق أوسطية للرئيس الأمريكى القادم ستضعف على نحو كبير الدفاع عن دول المنطقة لأن الولايات المتحدة لن تكون بحاجة إلى حماية مصادر الطاقة فى الشرق الأوسط. وقد أشارت كلينتون من قبل إلى تحقق استقلال الولايات المتحدة فى مجال الطاقة. وعلى الرغم من اعتماد بعض حلفاء الولايات المتحدة على طاقة مصدرها روسيا ومنطقة الشرق الأوسط، لن يستطيع هؤلاء الاعتماد على التزام أمريكى تلقائى بحماية مصادرهم الحالية من الطاقة.

إن محاولات مقارنة هذه السياسة، فى حال نفذت وعندما تنفذ، بأزمنة ماضية، مثل فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية هى محاولات مغلوطة، جزئيا بسبب صعوبة مقارنة حقب شديدة التباين نتيجة القدرات التكنولوجية ــ العسكرية الدفاعية والهجومية. ومن الصعب تجاهل أثر عوامل قوية وسابقة، مثل الهجوم على بيرل هاربر أو أحداث 11 سبتمبر 2001، أو التغييرات الجذرية فى الرأى العام الأمريكى وتبعا لذلك فى السياسة العامة.

ويختتم الكاتب بأن أية استراتيجية ستختارها الولايات المتحدة لابد أن تتأثر كثيرا بالتعاون مع دول وكيانات فى الشرق الأوسط، على الرغم من أن هذا المبدأ سيضطر الولايات المتحدة للاختيار بين المصالح والقيم وتحديد أولويات المسائل التى ينبغى التركيز عليها.
التعليقات