من المسئول عن كارثة التغيرات المناخية التى تهدد العالم بأكمله؟!
قولا واحدا، إنهم الأغنياء أو الدول الأكثر تقدما وتصنيعا.
التقدم والتصنيع أمر جيد، ويتسابق عليه العالم بأكمله، ولكن هناك أكثر من طريقة لكى تكون متقدما، منها مثلا أن تستخدم الطاقة التى تزيد الانبعاثات الكربونية، وبالتالى تسبب احترار الكوكب مثل البترول والفحم والميثان، أو تستخدم طاقة نظيفة لا تفعل ذلك، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية أو الحيوية.
وقد يسأل البعض ولماذا لا يستخدم العالم الطاقة النظيفة بدلا من الأحفورية؟!
الإجابة ببساطة لأن الطاقة النظيفة لاتزال مكلفة ماليا جدا، مقارنة بالطاقة الأحفورية.
دول مجموعة العشرين الأكثر تصنيعا مسئولة عن ٨٠٪ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى. هذه الدول كانت مجتمعة قبل أيام فى العاصمة الإيطالية روما، وقالوا كلاما جميلا جدا، واتفقوا فى بيانهم الختامى على عدم زيادة درجة الحرارة على ١٫٥ درجة، حتى لا تزيد الانبعاثات، لكن المشكلة أنهم لم يقدموا خططا وإجراءات عملية لتطبيق ذلك.
هى نفس المشكلة التى تواجه قمة ومؤتمر المناخ العالمية أو «كوب ٢٦»، التى انعقدت فى جلاسجو فى اسكتلندا، قبل أيام وحضرها قادة من ١٩٧ دولة ومستمرة حتى الآن على مستوى الخبراء، إضافة إلى خبراء ونشطاء وإعلاميين زاد عددهم على ٢٥ ألف شخص، يحلمون بأن يستيقظ قادة العالم وشركاته الكبرى من سباتهم، ويتعظون من المصير المأسوى الذى ينزلق إليه العالم بسرعة واضحة.
من أكثر البلدان تلويثا للبيئة وتسببا فى زيادة الاحتباس الحرارى الصين وأمريكا.
الأولى غابت عن قمة جلاسجو رسميا، وقالت إنها تتعهد باتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم زيادة الاحتباس الحرارى.
وأمريكا انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ الموقعة عام ٢٠١٥، بما يعنى عدم التزامها بأى شىء، بسبب عدم إيمان الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بأن هناك مشكلة من الأساس فى المناخ!
ترامب لم يكن خبيرا فى المناخ، لكنه كان يدافع عن مصالح شركات كبرى تريد أن تكدس الأرباح، بغض النظر عما يسببه نشاطها من تغير خطير فى مناخ الكوكب.
الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن، وبعد أن فاز فى الانتخابات قبل نحو عام، قرر فى خطوة موفقة العودة لاتفاقية باريس، لكن من دون تعهدات واضحة ومحددة، والسبب أن الكونجرس لايزال منقسما بشأن قضية مهمة جدا، وهى كيفية تمويل تقليل الانبعاثات، وكيفية وضع الوكالات الأمريكية المختلفة قواعد إجرائية منظمة لوقف الانبعاثات.
لكى يبدأ العالم فى السير فى الطريق الصحيح، فإنه يحتاج لوضع جداول زمنية محددة وملزمة للتخلص التدريجى من استخدام الفحم فى الصناعة، وكذلك الحد من إزالة الغابات، وتسريع التحول إلى السيارات التى تعمل بالكهرباء، وتشجيع الاستثمار فى مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.
ولكى يتم كل ذلك، فلابد أن تؤمن الشركات الكبرى بأن مصير الكوكب أهم من تكديسها الأرباح، وأن يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقا بتقديم ١٠٠ مليار دولار سنويا للعالم النامى، لكى يبدأ فى التكيف مع إجراءات وقف الانبعاثات والتحول إلى الاقتصاد الأخضر.
السؤال الأهم: هل سينفذ العالم المتقدم هذه التعهدات أم تتحول لحبر على الورق مثل سابقاتها؟!
الاحتمال الثانى هو الأرجح، لكن هناك فريقا من الخبراء المتفائلين يقولون إن بعض الدول المتقدمة، ستكون مضطرة للتعامل بجدية مع المشكلة، ليس حبا فى الكوكب المنكوب أو خوفا عليه، ولكن لأن الأزمة بدأت تطالها، وخصوصا غضب الطبيعة والمتمثل فى الحرائق والسيول والفيضانات، والذى وصل أكثر من مرة إلى مدن أمريكية وصينية وأوروبية كثيرة، وكانوا يعتقدون أنهم بمنأى منه، وأنه أمر يخص القارة الإفريقية أو بعض مناطق آسيا.
آثار التغير المناحى صارت واضحة للجميع وبالتالى لم يعد هناك عذر لأحد.
الطبيعة تعطينا إنذارات مستمرة لكن معظمنا لا ينتبه أو يتعظ.