صحيفة الشرق الأوسط ــ لندن هزل «تيك توك» وجدّه - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صحيفة الشرق الأوسط ــ لندن هزل «تيك توك» وجدّه

نشر فى : الثلاثاء 8 فبراير 2022 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 8 فبراير 2022 - 8:45 م

 

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكابت عبدالله الردادى تناول فيه «تيك توك» كمنصة صينية استطاعت تحدى سيطرة الشركات الأمريكية على وسائل التواصل الاجتماعى.. نعرض منه ما يلى.

أحد أقل التطبيقات جدية فى المحتوى؛ هكذا يمكن وصف تطبيق «تيك توك» من النظرة الأولى إلى محتواه وملايين المقاطع المصورة فيه والتى لا تعدو مقاطع ترفيهية. ولكن خلف هذا كله قصة نجاح كبيرة من الشركة الأم «بايت دانس» التى استطاعت فى أقل من 5 سنوات تحقيق ما استغرقت «فيسبوك» 9 سنوات لتحقيقه. فالشركة الأم نفسها لم تكمل حتى الآن 10 سنوات على التأسيس، ومع ذلك فقد تمكنت من الوصول إلى عدد هائل من المستخدمين من خلال عدد من التطبيقات، أشهرها على الإطلاق «تيك توك» الذى أبرز، وبشكل مقلق للغرب، أن الصين يمكن لها التفوق على الغرب فى ميادينهم.
أطلق «تيك توك» فى عام 2016، وكانت انطلاقته الحقيقية حين استحوذت الشركة الأم على تطبيق «ميوزكلى» فى عام 2017 قبل أن تدمج التطبيقين فى عام 2018. منذ ذلك الوقت؛ حقق «تيك توك» أرقاما قياسية فى جوانب عدة؛ أبرزها أنه كان التطبيق الأكثر تحميلا من المستخدمين فى عام 2020، متفوقا على عمالقة التطبيقات الأمريكية. كما أنه وصل إلى مليار مستخدم العام الماضي؛ أى أنه وفى 5 سنوات فقط وصل إلى ما وصل إليه «فيسبوك» فى 9 سنوات، و«انستجرام» فى 8 سنوات، و«يوتيوب» و«واتساب» فى 7 سنوات.
و«تيك توك» واجه مشكلات كثيرة مع عديد من الحكومات العالمية، فهو قد حظر فى الهند منذ منتصف 2020، وسبق لحكومات إندونيسيا وبنجلاديش وباكستان إيقافه. كما أن الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترمب حاول إيقافه إبَّان رئاسته بحجة تعريضه الأمن القومى للخطر. ومع ذلك كله، وخلال هذه الفترة القصيرة، تمكن «تيك توك» من اجتياح عالم التواصل الاجتماعى، بل واكتساحه، متفوقا على تطبيقات ضخمة، مستندا إلى استثمارات ضخمة فى الإعلانات بلغت فى عام 2018 وحده مليار دولار!
ويبدو العالم الغربى قلقا من انطلاقة «تيك توك» لأسباب عديدة؛ منها أنه تفوق على الغرب فى لعبتهم المفضلة؛ وهى وسائل التواصل الاجتماعى، فقد استهدف هذا التطبيق شريحة مختلفة عن مستخدمى «فيسبوك» الذى يثيرون الموضوعات الجدلية، ومستخدمى «تويتر» الميالين إلى النقاشات السياسية، ومستخدمى «إنستجرام» الذين يغلب عليهم الاستعراض بممتلكاتهم. ويبدو التطبيق فى محتواه هزليا بحتا، إلا إن خلف هذا الهزل خوارزمية لا يمتلكها «فيسبوك» بكل ما لديه من إمكانات فى الذكاء الصناعى. وتعمل خوارزمية «تيك توك» على زيادة الوقت الذى يقضيه الأشخاص فى مشاهدة مقاطع الفيديو، لا سيما مع قصر هذه المقاطع وكثرتها، وتحديث الخوارزمية طريقة عملها بحسب الوقت الذى يقضيه المشاهد فى متابعة المقاطع واقتراح المقاطع التى تتناسب مع ذائقته. وتفوق «تيك توك» فى هذا المجال وفى نموذج عمله جعل «يوتيوب» و«إنستجرام» يحذوان حذوه، فأطلق الأول خدمة «شورتس» والثانى «ريلز»، وكلتاهما مشابهة لأسلوب «تيك توك» تماما.
ويبدو القلق الغربى معلنا من امتلاك شركة صينية كمًّا هائلًا من المعلومات؛ لا سيما مع إمكانية حصول الحكومة الصينية على هذه المعلومات، رغم التأكيد المتكرر من الشركة عدم إعطائها معلومات عن مستخدمين أوروبيين أو أمريكيين للحكومة الصينية، وهو أمر يصعب التأكد منه بكل حال. ولكن هذا الأمر لا ينطبق على الشركة الصينية وحدها، فلدى الغرب «ميتا» أو «فيسبوك» سابقا، وهو مثال يصعب التغاضى عنه فى انتهاك خصوصية المستخدمين وفى نشر خطاب الكراهية فى العديد من الدول وعدم القدرة على السيطرة على المحتوى المنشور بلغات متعددة.
إن «تيك توك» أول تطبيق صينى يمكن وصفه بـ«العالمي»، وهو مثال على أن المنتجات الصينية يمكن أن تتفوق على مثيلاتها الغربية فى الشعبية والجودة، فانتشاره لا يقتصر على الصينيين فحسب؛ بل هو منتشر فى جميع أجزاء العالم، وما يقلق العالم الغربى هو انتشاره فى الغرب نفسه. وهو ــ مع تفوقه الحالى ــ لا يزال فى تطور مستمر، حتى أصبح من أهم المنصات المعروفة بـ«التجارة الاجتماعية»، فمقاطعه اليوم من طرق التسويق لمنتجات صناع المحتوى فيه، بل حتى البث المباشر فيه يستخدم وبشكل فعال فى تسويق وبيع المنتجات، مما يعنى أن الشركة الصينية قد لا تكتفى بما وصل إليه التطبيق من انتشار، بل ستسعى إلى تسخير هذا الانتشار فى الانتقال بنموذج أعمالها إلى مفهوم أكثر جدية.

التعليقات