لست وحدك: عنوان لسلسلة من كتب أدب الأطفال تعرفت عليها للمرة الأولى فى معرض الكتاب الذى أقيم فى يناير الماضى حرصت على اقتناء كل العناوين منها وقد كانت بالفعل مثيرة للاهتمام تدعو للرغبة فى مطالعتها خاصة للمهتمين بأمور الصحة النفسية للأطفال.
- أبى وأمى عندما نسيا أنهما صديقان!
- أخى مصاب بالتوحد!
- أمى مريضة بالسرطان.
- صديقتى مصابة بمتلازمة «داون».
كانت تلك بعض العناوين التى توقفت عندها وأنا أتناول تلك الكتيبات الأنيقة المرسومة بخطوط بهيجة وألوان زاهية لأطالع كيف تحولت تلك الكلمات الصادمة عن السرطان والتوحد ومتلازمة داون إلى حوارات بسيطة سهلة الفهم صادقة التعبير تصل إلى القلب والعقل مباشرة لتشرح حقائق قد يستعصى فهمها على الأطفال إذا ما أحاط بها لبس أو ظروف جعلت منها كابوسا ليليا يعانيه الطفل دون فهم حقيقى لما يحدث حوله أو يفاجأ به دونما استعداد نفسى.
اللغة الأصلية لتلك السلسلة هى الإسبانية للكاتبة جنيفرمور - مالينوس أما الرسوم فللفنانة مارتا فابريجا وقد صدرت فى برشلونة ــ إسبانيا وتمت ترجمتها لعدة لغات عالمية منها العربية والتى تولت نشرها الدار المصرية اللبنانية.
رغم جديد الموضوعات وقسوتها أحيانا إلا أن الكاتبة قد استطاعت أن تسرد حقائق علمية عن السرطان فى كلمات موجزة تشرح للطفل خطورة المرض لكنها لا تخلو من أمل فى الشفاء عند تعاطى وسائل للعلاج تجهد الإنسان وقد تجعله يفقد كامل شعره كالعلاج الكيماوى كما أنها تطرقت بمهارة إلى الحديث عن متلازمة داون أو الإصابة بأطياف التوحد وكيف أن العلاج الأساسى هو اندماج الطفل فى مجتمعات صحية لها أن تستوعبه دون التوقف عند أى من حدود إعاقة يعانيها حتى تنمو مداركه ويمكنه أن يواصل تقدمه فى الحياة بين أقرانه.
تطرقت الكاتبة أيضا إلى المشكلات الحياتية التي يمكن أن يواجهها الطفل إذا ما انتهى أمر والديه إلى الطلاق والانفصال «أدركت أن أبى وأمى نسيا كيف يظلان صديقين لأن الأمور بدأت بينهما تتغير. كنت أستيقظ أحيانًا فى وسط الليل على صوت شجارهما الحاد. كان يبدو عليهما الاضطراب وغالبا ما كانت أمى تبكى».
«تأكدت الآن أن أبى أمى لن يعودا صديقين أبدا».
رغم تلك النتيجة الصادمة التى يواجهها الطفل إلا أن الكاتبة تسانده حينما تكتب على لسانه «لقد فهمت الآن.. أنه على الرغم من أن أبى وأمى نسيا أنهما صديقان فهما ما زالا والدى ويحملان لى كل مشاعر الحب.. والوقت الذى أقضيه مع أى منهما ممتع للغاية. إننا لا نقيم جميعا معا.. ولكننا سعداء لقد توقفت المشاجرات أخيرا».
تأثرت كثيرا بتلك الفكرة: كتابة وصياغة وإخراجا وتمنيت لو أن أحد أدبائنا التقط طرف الخيط فدعا طبيبا للأمراض النفسية والعصبية ومعه رسام يجيد التعبير عن النفس واجتمعا على إخراج نسخة مصرية من تلك السلسلة الإنسانية البديعة التى تخاطب وجدان الطفل ببساطة وعمق. من يدرى.. ربما كان هناك من يتحين انتظار تلك المهمة.