العضوية مثل الجنسية تحتاج لشروط وضوابط صارمة قبل منحها، شعار قديم ومتجدد ترفعه نقابة الصحفيين، التى تعد النقابة الوحيدة التى لا تمنح عضويتها تلقائيا عقب الحصول على المؤهل الدراسى الملائم، كما هو الحال مع باقى النقابات المهنية مثل الأطباء والمحامين والمهندسين، وهو ما يجعل الانضمام إلى نقابة الصحفيين رحلة شاقة، وطريق طويلة قد يستعصى على البعض بلوغ نهايتها.
ومع كل لجنة قيد لضم زملاء جدد، والتى تفتح أبوابها لتلقى الطلبات مرتين فى العام طبقا للمادة الرابعة من اللائحة، يثار غبار كثيف، بشأن الأعداد التى جرى إجازتها، وتلك التى تم تأجيلها أو رفضها، وربما تكون لجنة القيد الأخيرة التى التأمت قبل أسابيع الأكثر إثارة للجدل، فى ظل ما وصفه البعض بـ«الفوضى»، التى منحت صحفا لا تصدر، وأخرى تحوم حولها الشبهات فرصة تقديم «جحافل من الصحفيين».
وفى ظل منصات الإطلاق العابرة لصفحات السوشيال ميديا، التى تتحكم فى تحركات العديد من المؤسسات، ومنعا للقيل والقال، أحسن الزميل خالد البلشى نقيب الصحفيين بدعوة أعضاء من الجمعية العمومية إلى اجتماع يناقش ملف القيد الشائك وتطوير اللائحة، على هامش المؤتمر العام السادس للصحفيين الذى يجرى الاستعداد لعقده حاليا، وقد شرفت بالمشاركة ضمن كوكبة من الزملاء طرحوا أفكارا ووجهات نظر جديرة بالاحترام.
النقاش الذى ابتعد عن «شخصنة» المشكلات، على لسان غالبية المتحدثين، تشابك وتفرع فى محطات عديدة، لكنه لم ينكر وجود أزمة فى ملف قيد الصحفيين، سواء عبر تحايل بعض الصحف والتفافها على القانون، أو وقوع العديد من الزملاء، وخاصة فى الصحف الإلكترونية، تحت سيف الابتزاز المادى والمعنوى، من أجل الحصول على «جنسية» نقابة الصحفيين، وهو واقع مرير حان، فى رأيى، وقت التخلص منه.
أتذكر خلال انتخابات الصحفيين مارس 2015، طرحت فى برنامجى الانتخابى، ضرورة منح الزملاء فى الصحف الإلكترونية الحق فى الالتحاق بالنقابة، ليس إنصافا لهم وفقط، بل انتصارا للمستقبل، فالصحف الورقية إلى زوال شاء من شاء وأبى من أبى، وقد سعدت أن بعض من كانوا وقتها ضد ضم الزملاء فى الصحف الإلكترونية، قد عدلوا عن موقفهم، وأبدوا خلال اجتماع مناقشة ملف القيد قبل يومين حماسة لالتحاق أبناء الصحف الإلكترونية بالنقابة العريقة.
وفى تقديرى أن قيد الزملاء فى الصحف الإلكترونية، ضمن ضوابط محددة تضعها النقابة فى إطار اللائحة، سيغلق بابا للتلاعب من «صحف بئر السلم»، وتلك التى لا تضع معايير عند التوظيف ومنح العقود، وكل همِّ القائمين عليها التحكم فى مصائر شباب يكافح لإيجاد مكان ومظلة حماية فى بلاط صاحبة الجلالة، فالأصل فى العمل النقابى السعى للأعضاء وليس إغلاق الأبواب فى وجههم.
قضية الصحف الإلكترونية، على أهميتها، لم تكن بالطبع المحور الوحيد المهم فى النقاش، إذا كانت بؤرة الحوار أصلا مُنصبة على لجنة القيد ذاتها، وهل تحتاج إلى لجنة معاونة يتم اختيارها من الجمعية العمومية وتضم شيوخا للمهنة وأهل اختصاص؟ أم أن القانون واللائحة يمنعان ذلك؟ ورغم تقديرى لكل الآراء التى طُرحت، وهى من زملاء وأساتذة أعزاء، أجد نفسى منحازا لتشكيل لجنة معاونة، تساعد أعضاء لجنة القيد فى الوقوف على ملفات الزملاء المتقدمين للقيد، وبما يسهم فى إنضاج قرارها، ولا أعتقد أن مشاركة أعضاء من الجمعية العمومية فى بعض الملفات، لضمان أكبر مساحة من الشفافية، سيتعارض مع أية لوائح.
مشاركة لجنة معاونة ليس تشكيكا فى أحد، ولا رغبة فى انتزاع صلاحيات زملاء منتخبين بشكل ديمقرطى، لكنها ضمانة لتخفيف الأعباء، وتجنبا للغط الذى يصاحب عادة الإعلان عن أسماء المرشحين لعضوية النقابة، وما يتلوه من طعون، واختبارات تمهيدا للقيد، وهى رحلة يتخللها العديد من المواقف المزعجة للنقابة وللزملاء الذين ينامون على قلق، ويصحون على توتر، وربما تنتابهم الكوابيس قبل الحصول على «كارنيه» دولة نقابة الصحفيين.