احتضان الأسد أفضل للولايات المتحدة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 6:05 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احتضان الأسد أفضل للولايات المتحدة

نشر فى : الخميس 9 أكتوبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الخميس 9 أكتوبر 2014 - 8:05 ص

كتب جراهام فولر، مسئول كبير سابق فى وكالة الاستخبارات الأمريكية، مقالا نشر بصحيفة هافنجنتون بوست، يتحدث عن ضرورة ترك الأسد فى السلطة من أجل أن يتم القضاء على العدو المشترك (الجهاديين) فى سوريا. جاء فى المقال أن الشرق الأوسط يعانى اليوم فوضى هائلة لم نشهدها من قبل. حيث يواصل التدهور بكافة المقاييس، ويطفو على الساحة أعداء جدد للولايات المتحدة أكثر من أى وقت مضى. كما أنه يستقطب الجهاديين الشباب من الشرق والغرب المستعدين للقتال ــ وجميعهم لديهم شهوة عارمة للدم النازف من قطع الرءوس والتفجيرات.

ومن المفهوم أن تسعى الولايات المتحدة ومعظم البلدان الأخرى لكبح الصراعات الأهلية الوحشية المستعرة حاليا فى العراق وسوريا ــ وتتبدى الآن بأسوأ صورها فى انتشار الدولة الإسلامية الجهادية العنيفة. وتبدو واشنطن فى أفضل وضع لإنهاء الحرب الأهلية فى سوريا، ولديها الوسيلة الأكثر فعالية لبدء حل عقدة الشرق الأوسط.

وأوضح الكاتب فى مقاله أنه بعد حركات الربيع العربى الشعبية، التى أطاحت القيادات التونسية والمصرية والليبية واليمنية فى عام 2012، بدا الأمر وكأن نظام الأسد فى سوريا سيصبح بالتأكيد التالى فى السقوط. وراهنت الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية ودول المنطقة الأخرى على أن دفعة صغيرة من الخارج تكفى لإسقاط الأسد – بصرف النظر عمن سيخلفه بالضبط. فقد فشلت المقامرة وأثبت الأسد براعة ملحوظة فى التمسك بالسلطة، فى البداية ضد المعارضة المسلحة المحلية، ولكن بعد ذلك، ضد المعارضة المسلحة الأجنبية المدعومة من قبل الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية وغيرها. وأغرى الصراع السورى، الجهاديين الراديكاليين من مختلف أنحاء العالم الإسلامى بالقتال ضد الأسد. ويتعاطف الكثير من هذه المجموعات مع قوات داعش وسهلت انتشار الدولة الإسلامية فى سوريا - رغم وجود بعض الجهاديين المعاديين فى الواقع لداعش تكتيكيا إن لم يكن أيديولوجيا.

فوق قدرة المخابرات

وأشار فولر قائلا؛ لذلك، ليس فى مقدور استخبارات أمريكا، أو أى دولة غربية، اكتساب البصيرة الاستراتيجية والتكتيكية المعقدة والشعور الغريزى لتوجيه الصراع الوجهة التى نريدها بنجاح. حيث تتفاقم هذه الصراعات بسبب الخلافات الأيديولوجية والشخصية والإقليمية والدينية والتكتيكية، والقبلية المتشابكة للغاية، بحيث لا يستطيع الغرباء السيطرة بأى وسيلة مقنعة. ومن ثم، تراجعت واشنطن إلى توفير الدعم للهجمات الجهادية ضد الجهاديين الآخرين. والأمور تزداد سوءا. والآن، صار خوف واشنطن من الدولة الإسلامية، أهم من هدف إسقاط الأسد. ومع ذلك، فمن المستحيل تقريبا أن تنجح امريكا فى سوريا بينما الكثير من القوى التى ندعمها ضد الأسد تؤيد الدولة الإسلامية، بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويرى الكاتب أنه ليس من المتوقع إسقاط الأسد فى المستقبل المنظور. فهو ليس حاكما مثاليا، لكنه عقلانى، يحكم دولة مهمة منذ فترة طويلة ويدعمه الكثيرون فى سوريا الذين يتخوفون من الحاكم الجديد الذى قد يصل للسلطة، أو الفوضى على الصعيد المحلى بعد سقوطه. كما أنه لم يمثل تهديدا رئيسيا حقا للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط - على الرغم من خطاب المحافظين الجدد. وقد حان الوقت الآن للاعتراف بالفشل، والسماح للأسد - إن لم يكن مساعدته - فى وقف الحرب الأهلية بسرعة فى سوريا وطرد الجهاديين. فلا يمكننا أن نكره كلا من الأسد والجهاديين (مثل داعش) الذين يكرهون الأسد أيضا. ولنضع الأمور فى صورتها الحقيقية: نحن نقاتل، مع تنظيم القاعدة فى سوريا وضد تنظيم القاعدة فى العراق. لكن استعادة النظام فى سوريا أمر ضرورى لاستعادة النظام فى المناطق الحدودية العراقية واللبنانية والإسرائيلية والأردنية. وسوف يؤدى السماح للأسد للبقاء فى السلطة إلى استعادة سوريا التى لم تتصرف تاريخيا كدولة «طائفية» أو دينية حقا، فى سلوكها فى الشرق الأوسط ــ إلى أن تعرضت لهجوم من المملكة العربية السعودية بسبب شيعيتها المفترضة.

ويؤكد قائلا؛ لن نخسر كثيرا، بينما هناك الكثير الذى سنكسبه من تغيير موقفنا إزاء الأسد. وإذا أصررنا على الإطاحة به بالقوة، سوف نديم الوضع الراهن الكارثى – ربما تتحول الحملة لمكافحة الجهاديين التى اعترفت الإدارة بها بالفعل إلى حرب مفتوحة جديدة لسنوات قادمة – مع توليد عشرات الآلاف من الجهاديين الجدد يقاتلون مجاهدين جددا لا يمكننا إلغاء وجودهم.

العودة إلى النظام القديم

ويضيف فولر؛ سوف يكون من الأسهل بالنسبة لبغداد، بعد إنهاء الصراع السورى والعودة إلى النظام القديم هناك، وضع سياسات تهدف إلى التخلص من داعش على الأراضى العراقية. كما ستستفيد تركيا، وهى أسيرة منذ فترة طويلة لمناورتها الفاشلة للإطاحة بالأسد، أيضا من عودة الاستقرار إلى سوريا، ووضع حد لتدفق اللاجئين وفرصة للعودة إلى مفاوضات جادة مع الأكراد. صحيح، أنه سيكون لطيفا إحلال الديمقراطية فى سوريا، ولكننا نعرف بالتأكيد الآن من التجربة أن إسقاط الطغاة بالقوة - وخاصة من قبل قوة خارجية - نادرا ما يبشر بسلام وقيادة أفضل على نحو واضح. وقد كانت الولايات المتحدة مدفوعة فى الواقع بالحماس لتدمير الحليف الإيرانى، بأكثر من رؤى الديمقراطية فى سوريا بحد ذاتها.

واختتم جراهام فولر مقاله مؤكدا أن إنهاء الحرب، المهمة الممكنة الأكثر إلحاحا الآن، حيث إن احتدام الصراع عبر الحدود لن يجلب سوى الفوضى والاستقطاب الحاد، ومزيد من التدخلات المسلحة الدولية، وتصاعد الغضب، وتزايد أشرطة الفيديو لتجنيد الجهاديين فى أنحاء العالم. وتساءل فى النهاية قائلا؛ ألن تستفيد روسيا وإيران فى نهاية المطاف من تثبيت قوة الأسد فى دمشق؟ تماما. ولكن هل يجعله ذلك خيارا خاطئا؟ وهل يجب علينا الاستمرار فى إنفاق أموالنا فى حملة عقيم للتخلص من الأسد؟ وهل ستجدى مواصلة القصف ومحاولة للعثور على جماعة جهادية أقل سوءا تكون كارهة لكل من الدولة الإسلامية والأسد، ومحبة لنا؟

التعليقات