أدى إطلاق إيران الدفعة الثانية من الصواريخ تجاه إسرائيل فى الأول من أكتوبر إلى تغييرات مهمة فى أسواق النفط العالمية. فقد سجلت أسعار النفط أعلى زيادة أسبوعية لها خلال عامين، حيث ارتفع سعر نفط خام برنت 8 فى المائة خلال الأسبوع الأول بعد الجولة الصاروخية ليسجل 78.05 دولار للبرميل.
كما بدأت تتفاعل الأسواق النفطية بحذر، فى حال تكرار إطلاق الصواريخ، وبالتحديد إذا بادرت إسرائيل بالرد، كما هو متوقَّع.
وقد تعددت التكهنات حول الأهداف الإيرانية التى من الممكن أن تقصفها إسرائيل: المنشآت النووية أم المنشآت النفطية، أم الأهداف العسكرية لـ«الحرس الثوري»؟ إلا أنه فى الوقت نفسه، برزت تحفظات على معظم هذه الأهداف. فقد استُبعدت المنشآت النووية نظرًا لتحفظ واشنطن عليها وحفاظًا على عدم توريطها فى هذا الجانب من الحرب الإسرائيلية. كما تحفظت الولايات المتحدة على قصف المنشآت النفطية، تحسبًا لارتفاع أسعار النفط قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما قد يؤثر سلبًا على حظوظ المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس. ورغم ذلك، صرح الرئيس بايدن، فى 3 أكتوبر، بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «تناقشان هذا الموضوع، بصفته جزءًا من المناقشات لأهداف الرد الإسرائيلى».
لم تتأثر الأسواق العالمية بعد مرور سنة على نشوب حرب الشرق الأوسط بما يحدث إقليميا، باستثناء ملاحة الناقلات فى جنوب البحر الأحمر، بسبب الهجمات الصاروخية الحوثية. إلا أنه نظرًا لعدم بروز خطر على الإمدادات النفطية، استمرت الأسواق تراقب بحذر دون ردود فعل حادة طوال الاثنى عشر شهرا الماضية. أما الآن، فقد بدأت الأسواق تتحرك بسرعة وبقلق. وبدأت صادرات النفط الإيرانية، البالغة نحو 1.6 - 1.7 مليون برميل يوميًا (الغالبية الساحقة منها، نحو 1.5 مليون برميل يوميًا تصدر من ميناء خرج الذى لديه طاقة تخزينية 4.50 مليون متر مكعب من النفط الخام). وقد استمرت إيران فى صادراتها النفطية، بالتحديد إلى الصين، رغم الحصار الأمريكى، إذ غضَّت الإدارة الأمريكية النظر عن الحصار مؤخرًا.
وحسب نشرة «بلاتس أويل جرام» النفطية اليومية، بدأت طهران تتخذ خطوات احترازية، مثل تقليص أو إيقاف الصادرات النفطية. فقد بدأت الناقلات التجارية تُخلى دورها فى تحميل النفط من ميناء خرج وتغادره، كما بدأت شركات نقل النفط العالمية تؤجل رحلات ناقلاتها للموانئ الإيرانية. وأبعدت الشركة الوطنية الإيرانية للملاحة النفطية ناقلاتها عن الموانئ الإيرانية، وذلك خشية الضربة الإسرائيلية المتوقَّعة. وأضافت نشرة «بلاتس» أن السلطات الإيرانية بدأت فعلًا، منذ 29 سبتمبر، تقليص الصادرات النفطية، نظرا للأخطار الجيوستراتيجية. ومن الجدير بالذكر أن 7-10 ناقلات للنفط الخام كانت تحمل النفط من الموانئ الإيرانية أسبوعيا قبل هذه الحوادث الأخيرة.
وبلغ مجمل الإنتاج النفطى الإيرانى فى شهر أغسطس الماضى، نحو 3.18 مليون برميل يوميًا، ما يعنى أن حجم الإنتاج النفطى الإيرانى هو فى المركز الثالث فى «أوبك»، بعد السعودية والعراق.
أسئلة تُطرح هنا: إلى متى ستستطيع إيران تفادى إيقاف جولات الفعل ورد الفعل الصاروخية مع إسرائيل، رغم أن الخسائر التى تكبدتها فى الجولتين الصاروخيتين لا تكاد تعادل أصابع اليدين رغم مئات الصواريخ التى أُطلقت؟ وإلى متى ستستمر هذه الحرب الإبادية للفلسطينيين واللبنانيين من اليمين الليكودى بزعامة بنيامين نتنياهو وبالتعاون مع الولايات المتحدة؟ كما هو معروف أن المرشح للرئاسة الأمريكية، رغم فوزه أو فوزها فى أوائل الشهر المقبل لن ينتقل إلى البيت الأبيض قبل نهاية شهر يناير 2024.
هذا، وقد بدأت السلطات الإيرانية، من جهتها، تهدد بقصف منشآت الطاقة الإسرائيلية فى حال استهدفت إسرائيل منشآت الطاقة الإيرانية. فقد صرح الجنرال على فدايى، القائد العام لـ«الحرس الثوري» الإيرانى فى 4 أكتوبر، بأن «إيران قد تلمست الصبر والحذر فى الماضى. لكننا مستعدون لتوجيه ضربات محددة وقاسية فى الوقت المناسب». كما هدد بعض كبار الضباط فى «الحرس الثورى» الإيرانى بـ«قصف جميع منشآت الطاقة الإسرائيلية - محطات الكهرباء، ومصافى النفط، وحقول الغاز».
وليد خدورى
خبير اقتصادى من العراق
الشرق الأوسط اللندنية