نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب «محمد عارف» تناول فيه ما يلى:
جامعات النخبة الأمريكية العالمية، «ييل»، و«ستانفورد»، و«ساوث كاليفورنيا»، و«ويك فوريست»، و«جورجتاون»، متورطة فى عمليات تلقى رشاوى عن قبول الطلاب. «لورى لوغلن» نجمة هوليوود، وزوجها مصمم الأزياء «موسيمو غيانولي» و16 من الأزواج الآخرين، متهمين بالحصول على قبول لأبنائهم، وغسيل الأموال لإدخالهم فى جامعات النخبة. ونجمة هوليوود وزوجها متهمون بتقديم نصف مليون دولار رشوة إلى «كين سنغر» استشارى القبول فى جامعة «ساوث كاليفورنيا» لإدخال ابنتيها، وذلك عن طريق ضمهما لفريق تجديف الزوارق. وكشفت «وكالة التحقيقات الفيدرالية» عن شبكة يديرها «كين سنغر» فى ولايات عدة، دفع لها الآباء الأثرياء 25 مليون دولار لتأمين قبول أبنائهم فى جامعات النخبة. وتواطأ فى ذلك مسئولو امتحانات القبول، والتى أجريت فى مدارس خاصة، حيث يُعدِّلُ مدرسوها الأجوبة لقاء 10 آلاف دولار، عن كل طالب، مدّعين بأن الطلاب المتقدمين للقبول معوقون، أو تُزوّر لهم مؤهلات رياضية، ومعظم الكليات والجامعات الأمريكية تجند طلابا يملكون قدرات رياضية.
ويتجاوز حجم ونوعية فساد الجامعات هذه الحالات الفردية، فالاستقصاءات كشفت عن فساد مُنظم فى جامعات أستراليا، وكندا، وبريطانيا، واليابان وسلوفاكيا.. حيث المحاباة فى قبول الطلاب، وتقديم شهادات أكاديمية مزورة، وأطروحات دكتوراه منتحلة، تُعدّها حوانيت تُدعى «طواحين الشهادات».
إنه «عصر الفساد الأكاديمي»، حسب عنوان تقرير «دامتيو تيفيرا» الأستاذ فى جامعة «كوازولو ناتال» بجنوب إفريقيا، والذى يذكر فيه أشكالا عدة لسوء التصرف الأكاديمى، كالمحاباة، وفساد التوظيف، والقبول، والغش فى الامتحانات، وتزوير الوثائق، والتحيز فى تقدير الدرجات، والرشوة، والتواطؤ، والانتهاكات الأخلاقية. «ومع مرور الوقت تضاعفت هذه التصرفات السيئة حدّ تهديد أسس الصرح الجامعى، والمجتمعى عموما. ومخاطر ذلك فى تخريج رعيل مريب من أطباء، وطيارين، ومهندسين ومحاسبين. وفاقمت المشكلة تكنولوجيا حفظ المعلومات، والساعات الذكية، وكاميرات التصوير المجهرية المثبتة فى النظارات، المستخدمة فى الغش والاحتيال على نطاق واسع».
وتثير الجزع وقاحة مرتكبى هذه الأفعال، حتى عندما يتم ضبطهم متلبسين، حسب «فيليب ألتباش» أستاذ «كلية بوسطن» بالولايات المتحدة، الذى ذكر أن الاحتيال تأسس فى بعض أجزاء الهند إلى حدّ أن الطلاب هناك يعتبرون أنه «يحق» لهم الغش. واضطرت «جامعة دلهي» إلى وضع أجهزة كبح الهواتف فى قاعات الامتحان لمنع الغش. وذكر «ألتباش» أن التحقيقات فى جامعة جنوب «نيجيريا» كشفت أن الغش فى الامتحانات والاحتيال فى الشهادات الجامعية أصبح «بيزنس» كبيرا.
وينفرد الباحث الأمريكى فى التعليم العالى العالمى «بول شولمان» بالتأكيد على أن ما يسميها «الأكاديمية الرأسمالية» هى المشكلة، وليست الحل. ويقارن ذلك بالدعوة لإدخال السلاح فى المدارس الأمريكية لمكافحة العنف، فيما السلاح مسئول عن قتل 40 ألف شخص سنويا. وقد أوقفت «الرأسمالية الأكاديمية»، إنفاق الدولة على التعليم العالى، واستبدلته بقروض خاصة للطلاب، تجاوزت تريليون و500 مليار دولار.
وتكشف «الأكاديمية الرأسمالية» أبشع وجه لها فى نهب الكفاءات والعقول.. «أليس لوحوش الغاب شقيقات وأشقاء؟» عبارة الشاعر «وليام شكسبير» افتتحت بها مقالتى المنشورة هنا فى الشهر التالى لاحتلال العراق عام 2003، وعنوانها «مغتربون عراقيون يسرقون بلدهم مرتين». وفيها: «الوحوش تأنف عن قتل أشقائها ونهب طعامهم وتدمير موطنهم، وقد رفض حتى العراقيون المتعاونون مع الاحتلال الأمريكى التعامل مع هؤلاء الأفاقين الذين سرقوا البلد مرتين: سرقوه أولا حين كرّسوا كفاءاتهم، التى كلفت العراق ملايين الدولارات لخدمة أعداء بلادهم، وجاءوا اليوم على دبابات الاحتلال لانتزاع لقمة خبز العراقيين وسرقة ثرواتهم الطبيعية وتدمير مصانعهم ومزارعهم ونهب كنوزهم الحضارية». وتنتهى المقالة بمقطع من أغنية كاظم الساهر لآلاف المغتربين العراقيين فى الولايات المتحدة قبيل الاحتلال: «تذكرْ كلما صلّيت ليلا، ملايينا تلوكُ الصخرَ خبزا، على جسر الجراح مشت، وتمشى، وتلبس جلدها وتموت عزا.. تذكرْ قبل أن تغفو على الوسادة، كيف ينام الليل من سرقوا بلاده».