سرقة التيار الكهربائى علانية من أعمدة إنارة الشوارع تتم على مرأى ومسمع من الجميع، ولا تحتاج إلى مباحث أو تحريات للكشف عنها، فما هو الإجراء الذى اتخذته الحكومات المتعاقبة لمواجهتها؟
ليست السرقة فحسب، بل أجزم أننا وحدنا دون بقية دول العالم من يعانى من ظاهرة أعمدة إنارة الشوارع الموقدة صباحا بل وفى قيظ الظهيرة دون تفسير واحد مقنع، والظاهرة قد رصدتها ــ كما رصدها غيرى ــ بمشاهدات شخصية على مدار سنين ليس فقط داخل القاهرة والإسكندرية، بل وفى محافظات سواهما كثير.
ترى كم سيكلفنا تبديل منظومة إنارة الشوارع لتستهلك الطاقة الشمسية عوضا عن الكهربائية؟ التطبيق نجح فى أماكن متفرقة وتجارب محدودة على أرض مصر فما هى عوائق تعميم الاستخدام؟ لا أعتقد أن التكلفة بأى حال تتجاوز حجم الخسارة الاقتصادية الفادحة التى نتكبدها يوميا جراء الانقطاع الطويل للتيار الكهربائى.
وثمة مسألة أخرى لا تحتاج إلى غوص وراء فنيات معقدة يفهمها أهل المجال وحدهم، لماذا لا تمضى الحكومة قدما فى (إدارة قطع التيار الكهربائى)؟ سمعت منذ فترة ليست بالبعيدة وزير الكهرباء يتحدث عن إمكانية التنويه عن فترات انقطاع الكهرباء موزعة حسب التقسيم الجغرافى، ثم تلاشى الوعد ونسى التصريح!
اتباع سياسة المصارحة بالإعلان عن خريطة زمنية توضح خطة الوزارة لتخفيف الأحمال، من شأنها أن تساهم فى إدارة الأزمة وتساعد المواطنين فى التكيف معها والصبر عليها حتى تنجلى، سيوفق الناس أوضاعهم المعيشية بصورة آلية مع فترات الانقطاع المعلن عنها مسبقا فتقل مساحة الارتباك والتعطل المفاجئ للمصالح إلى أقل الدرجات.
إغفال نقطة كهذه من شأنه التأكيد على غياب كامل للشفافية فى معالجة هذه الأزمة، وهذا الغياب بدوره ناتج عن أمرين لا ثالث لهما: إما أن الأزمة تدار بعشوائية تامة فما ثمة خطة عادلة لتوزيع تخفيف الأحمال ابتداء، أو أن الكشف عن خطة كهذه سيثير عاصفة من الغضب بعد اكتشاف تعمد معاملة متميزة لمناطق وحرمان مناطق جغرافية أخرى، وتلك أدهى وأمر.