كتب جهاد الزين مقالا بجريدة النهار اللبنانية جاء فيه:
بعد تفاهم لوزان مع إيران سيكون الرئيس باراك أوباما مرةً أخرى خلال أسبوع واحد نجماً لحدثٍ من العيار الذي سيُطلق عليه: تاريخى. ففى باناما، وضمن قمة دول القارة الأميركية سيصافح على الأرجح بل يلتقى الرئيس الكوبى راؤول كاسترو في مصافحة هى الأولى بين رئيس للولايات المتحدة الأمريكيّة ورئيس لكوبا منذ انتصار الثورة الكوبية عام 1959.
لن يكون فى المصافحة الشخص التاريخي الذى لا شك أن باراك أوباما يتلهّف لمصافحته وهو فيديل كاسترو. مثلما لم يكن، في الحقبة الجديدة التي يطلقها "اتفاق الإطار" الأمريكى الإيراني، روح الله الخمينى قائد الثورة الإيرانية. الفارق أن الفرصة لا تزال متاحة للقائه فيديل كاسترو العجوز بينما انتهت إلى الأبد فرصة لقائه الراحل الخمينى. ومن يعرف ما إذا كانت الظروف في السنتين المقبلتين ستتيح لقاء الرئيس أوباما والسيد على خامنئى، الذى إلى اليوم حَكَمَ إيران ثلاثة أضعاف المدة التى حكمها الخمينى؟
الثورة الكوبية مختلفة جوهريا عن الثورة الإيرانية إلا من زاوية واحدة تعنينا هنا هى العداء الطويل الأمد منذ الولادة للولايات المتحدة الأمريكية. بمعايير الأفكار الكوبية الماركسية إيران ثورة دينية رجعية وبمعايير الأفكار الإيرانية كوبا ثورة ملحدة شيوعية. الأولى، أى الثورة الإيرانية، نضجت وربما تعبت جداً، لكى تسلك طريق المصالحة مع واشنطن. الثانية، أي الثورة الكوبية، ترهّلت بل تخشّبت، لكى تنتظر المصالحة نفسها.
أرجو ألا "يُخبرنى" أحدٌ أن فارقا جوهريا آخر بين إيران وكوبا موجودٌ هو أن النظام في إيران في ذروة حيويّته أي هجوميّته الخارجية في العراق ولبنان واليمن وسوريا، بينما النظام فى كوبا منكفئ كعجوز لم يبقَ من افتخاره بنفسه سوى هذا الانكفاء. فالحيوية الخارجية، وهذا صحيح جدا في الحالة الإيرانية، قد تكون مضلِّلةً إذا بولغ بها لأن الاتحاد السوفياتي قبل عشر سنوات من انهياره كان قد بلغ ذروة هجوميّته عبر دخوله العسكرى إلى أفغانستان.
لا أقول إن السيناريو السوفييتى نفسه سيتكرّر، ففى ذلك استباقٌ لمجرى التاريخ من جهة، ومن جهةٍ أخرى إسقاطٌ غير أكيد وربما غير منهجى على الحالة الإيرانية المختلفة حجماً وثقافةً وتاريخاً وقابلياتٍ وانقطاعاتٍ وتواصلاتٍ عن ومع الغرب قياساً بروسيا. فضمُّ إيران، شعباً ونفطاً وثقافةً إلى المنظومة الغربية هو بالنتيجة أيسر من ضم روسيا، التي انتبه أليكسيس دو توكفيل مبكرا منذ الثلث الثاني للقرن التاسع عشر أنها منافس عملاق بإمكاناته القارية والسياسية والعسكرية لأمريكا في كتابه المرجعى "عن الديمقراطيّة فى أمريكا".
واختتم الزين المقال بقوله: "لا شك أن النظام الدينى الإيرانى، فى العمق، هو أمام التحدى التاريخى لإظهار القدرة على التحوّل، وليس الأمريكيين رغم كل الصعوبات الداخلية الأمريكية، ومن ضمنها الصعوبات الإسرائيليّة في تثبيت السياسة الجدية فى الشرق الأوسط".