نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، تناول فيه أن عام 2025 شهد استثمارات ضخمة فى مجال الطاقة على الرغم من حالة عدم اليقين الجيوسياسى والاقتصادى، مع تحول ملحوظ نحو الطاقات المستدامة على حساب الوقود الأحفورى.. نعرض من المقال ما يلى:
سجلت قيمة الاستثمارات فى مصادر الطاقة رقمًا قياسيًا خلال عام 2025، بلغ 3٫3 تريليون دولار، منها نحو الثلثين (2٫2 تريليون دولار) فى تقنيات الطاقات المستدامة، بحسب التقرير السنوى للاستثمارات فى الطاقة الصادر عن وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضى.
يذكر التقرير أن هذا الرقم القياسى قد تم تحقيقه خلال سنة اكتنفها الكثير من «عدم اليقين» فى سياسات الطاقة عمومًا والاضطرابات الجيوسياسية. كما أشار التقرير إلى أن الاستثمار فى قطاع النفط (1٫1 تريليون دولار)، قد انخفض للمرة الأولى منذ عام 2020.
ذكر التقرير أن القيمة الاستثمارية القياسية 3٫3 تريليون دولار تشكل زيادة 2٫2 فى المائة للقيمة الحقيقية عن استثمارات عام 2024. وأن الاستثمارات فى الطاقات المستدامة شملت تقنيات البدائل: النووى، شبكات الطاقة الجديدة، التخزين، الانبعاثات المنخفضة، الاستهلاك الرشيد والكهرباء، أو ما هو معروف بطاقات «عصر الكهرباء».
كما أضاف التقرير أن «عام 2025 قد تميز بالتساؤلات الكثيرة حول تطورات الاقتصاد والتجارة العالمية؛ الأمر الذى عكس بدوره فترات أطول لاتخاذ القرارات الاستثمارية النهائية فى هذا الجو المرتبك والملبد بالأسئلة الجيوسياسية دون قرارات نهائية سريعة حول المضى قدما بالكثير من الاستثمارات». ومن ثم يستنتج التقرير «أنه لا يمكن التوصل إلى رؤية واضحة حول الاستثمارات فى المشاريع الجارية».
وأكد التقرير أن «الانطلاق العالى للاستثمار فى مشاريع تحول الطاقة الذى بدأ فعلاً منذ خمس سنوات» كان جزءًا من مجموعات سياسات الدعم العالمى لعصر ما بعد «كوفيد ــ 19»، هذا الدعم الذى سانده أيضًا سياسات متعددة فى مجالات الاقتصاد، التكنولوجى، الصناعة، واعتبارات تقنية الطاقة، ناهيك بالسياسات البيئية والمناخية.
فبحسب التقرير، فإن نحو 70 فى المائة من الزيادات فى نفقات الاستثمارات مرجعها الدول المستوردة الكبرى للطاقات الهيدروكربونية. وقد قادت الصين، أكبر مشتر للنفط والغاز، الاستثمارات فى قطاعات «العصر الكهربائى». والسبب الرئيس لهذا هو محاولة الصين تخفيض استيرادها من البترول، لتتبوأ دورًا مركزيًا فى التقنيات الجديدة.
كما ساهم فى هذا التحول، المحاولات الأوروبية لزيادة اعتمادها على الطاقات البديلة والنظيفة، بعد أن قلصت بشكل ضخم من استيرادها للغاز الروسى. ومن ثم، هناك الدور المتصاعد للهند فى إنتاج تقنية وسلع الطاقات النظيفة.
وهنا تلعب المنافسة بين الدولتين الآسيويتين الضخمتين ــ الصين والهند ــ دورًا كبيرًا فى الحصول على التكنولوجيا لمصادر الطاقة البديلة، وكذلك على إنتاج سلع «العصر الكهربائى».
أخيرًا، وليس آخرًا، فإن الحاجة إلى الحصول على تقنية إنتاج الطاقات النظيفة تبقى سببًا مهمًا للتغييرات الحاصلة. فهناك ضغوط داخلية لدفع الدول إلى الاستثمار فى الطاقات الأقل تلوثًا.
استعرض التقرير الفروق فى الاستثمارات الطاقوية، بالذات الحاجات والمتغيرات فى الطلب للتحضير «للعصر الكهربائى»، من خلال تزايد الطلب على الكهرباء فى الصناعات، ووسائل التدفئة والتبريد، ومراكز المعلومات، والذكاء الاصطناعى.
كان قبل 10 سنوات الاستثمار فى إمدادات الوقود الأحفورى 30 فى المائة أكثر من الاستثمارات فى تقنيات «العصر الكهربائى». لكن قد تغيرت هذه المواقع الآن.
والأمثلة متعددة: فهناك عودة لاستعمال الطاقة النووية؛ حيث زيادة الاستثمارات فى هذا القطاع تقدر بنحو 50 فى المائة خلال السنوات الخمس الأخيرة. إذ تشير التقديرات إلى أن معدل الاستثمار فى المفاعلات النووية الجديدة، أو إعادة تأهيل المفاعلات القديمة يقدر بأكثر من 70 مليار دولار، وحجم هذه الاستثمارات فى ازدياد، بالذات مع الاهتمام المتزايد بالمفاعلات الصغيرة الحجم.
من ناحية أخرى، ومن الملاحظ، أن تقريبًا نحو نصف الاستثمارات الحديثة العهد لتشييد مصانع الكهرباء المغذية بالغاز، هى فى الولايات المتحدة والشرق الأوسط.