أما وقد تشكلت الحكومة وحصل رئيسها على صلاحيات رئيس الجمهورية، فلابد أن تمارس مسئولياتها كاملة، إذ لن يقبل منها الإدعاء بأنها بلاصلاحيات، أو أنها مجرد واجهة للمجلس العسكرى.

شخصيا، أنا متفائل بقدرة حكومة الجنزورى على الإنجاز برغم الظروف الصعبة التى نمر بها، وبرغم الخيام المنصوبة أمام مقرها، وأتصور أن أول شروط نجاحها، هو إدراكها لطبيعة مهامها، باعتبارها حكومة إنقاذ، وقد كان الخطأ الأساسى لحكومة شرف برغم كل النوايا الحسنة والجهد الجهيد الذى بذلته، هو عدم إدراكها لحقيقة دورها، فلم يكن مطلوبا منها أن تقدم خططا استراتيجية، ولا تصورات وبرامج بعيدة المدى، ولا أن تشغلنا وتشغل نفسها بمدينة زويل العلمية، ومشروع فاروق الباز لتنمية الصحراء، ومحطات الضبعة النووية.

 مطلوب من حكومة الجنزورى أن تكون أكثر صدقا وشفافية فى التعامل مع مطالب الناس، فلا يعلن رئيسها استجابته لمطالب فئوية لا يعرف كيف سيلبيها، ولا أن يتجاهل مطالب ذات أولوية بإمكانه تنفيذها دون ضغوط كبيرة على موازنة الدولة، فما يتطلع إليه الناس من عدالة اجتماعية وإصلاح التعليم وتشغيل العاطلين وتحسين الصحة والمواصلات والسكن والنهوض بالزراعة والصناعة والإعلام، لن يتحقق فى سنتين أو ثلاث، ولن تحققه حكومة إنقاذ أو سلطة انتقالية مؤقتة، هذه مهام حكومة ــ وربما حكومات ــ ما بعد البرلمان المنتخب.

مطلوب من حكومة الجنزورى فقط أن تعبر بنا هذا المرحلة الحرجة، أن تكون أفكارها وإبداعاتها على مستوى اللحظة، على مستوى طموحات الناس وتضحياتهم منذ الخامس والعشرين من يناير وحتى اليوم، فإذا نجحت فى محاصرة الانفلات الأمنى والسلوكى، وإيجاد حلول عاجلة وعادلة لمعاناة أسر الشهداء والمصابين، وانجاز المرحلتين التاليتين من الانتخابات البرلمانية بأكبر قدر من النزاهة والحيدة، ومهدت التربة لأجواء تعيد للسياحة عافيتها، وللنشاط الاقتصادى والاستثمار تدفقه، تكون قد أدت ما عليها، وتستحق منا الشكر والامتنان.

مطلوب من المجلس العسكرى أيضا، وقد أعطى صلاحيات كاملة للحكومة، أن ينسحب أعضاؤه من الواجهات الإعلامية، وأن يتوقفوا عن إصدار التصريحات والمداخلات فى برامج التوك شو، أقول هذا من موقع محبة لقادة قواتنا المسلحة العظيمة، التى يحمل لها المصريون على اختلاف أطيافهم تقديرا كبيرا، ويربأون أن يزج بها فى معارك صغيرة، يصطنعها الإعلام وتغذيها منافسات الأحزاب ومماحكات المتبارين على الساحة السياسية.

أتمنى أن تعود الشرطة إلى الشارع بروح وحساسية جديدة، متسلحة بهيبة القانون وصرامته، وأن يعود أفراد القوات المسلحة إلى قواعدهم، يسدون ثغور الوطن ويدافعون عن حدوده، فليس من مهامهم توزيع أنابيب البوتاجاز والفصل بين سائقى الميكروباص وأصحاب التوك توك، والتحجيز بين النسوان بسبب «طرطشة» ماء الغسيل فى الزاوية والشرابية.

لو حدث ذلك، تكون حكومة الإنقاذ قد أنقذتنا فعلا.

eghazaly@shorouknews.com