حتى لا نزرع الشوك - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى لا نزرع الشوك

نشر فى : الإثنين 13 أغسطس 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 13 أغسطس 2012 - 9:05 ص

نداء عاجل إلى كل مسئول عن عملية «النسر» العسكرية، الجارية الآن فى شمال سيناء، من أول الرئيس محمد مرسى والمشير حسين طنطاوى إلى أصغر مجند جيش أو أمن مركزى: نرجوكم و«نبوس أياديكم» احترسوا وأنتم تؤدون عملكم وفكروا ألف مرة أن مهمتكم صعبة وتتم ضد بعض أبناء وطننا، لا نريد أن نكسب معركة صغيرة ونخسر جزءا كبيرا من أهلنا فى سيناء.

 

قد يبدو الكلام السابق رومانسيا وغارقا فى المثالية، لكن الحقيقة أن أى سيناريو بديل قد يكلفنا الكثير. المهمة التى يؤديها جنودنا الآن نبيلة بل ومقدسة، وهم لم يسعوا إليها، بل فرضت عليهم.

 

لا أحد يتمنى باستثناء إسرائيل وبعض المهووسين أن يتصادم جيشنا مع بعض أبناء وطننا فى أى مكان.

 

لكن وبما أن المعركة حتمية فعلينا أن نخوضها بأكبر قدر من الحكمة وأقل قدر من الخسائر. نقدر حماس الجنود للثأر لزملائهم الذين قتلوا غدرا، ولكرامة الوطن التى حاول البعض النيل منها، لكن علينا ونحن نفعل ذلك أن نفكر أيضا فى المستقبل.

 

عندما يواجه جيش نظامى ــ مهما كانت قوته ــ مجموعات محلية ــ مهما قل عددها ــ بطريقه الكر والفر وحرب العصابات، فإن الحسم يتأخر خصوصا لو أن المجموعات المسلحة أدرى بأرض المعركة ولها ظهير محلى يوفر لها سائر أنواع الدعم والأهم الاحتضان.

 

المسألة باختصار أنه من دون كسب قلوب وعقول أهالى المنطقة وإقناعهم بعدالة هذه المواجهة، فلن نكسب المواجهة مهما كانت قوة وكثافة النيران.

 

لكى تقنع أهل المنطقة بمواجهة المتطرفين فيجب أن يكون ذلك فى إطار عملية تنمية شاملة تعود عليهم بالنفع، كى يتركوا التجارة المحرمة من المخدرات الى السلاح مرورا بتهريب الأفارقة.

 

هذه التنمية الشاملة ينبغى أن تبعث برسالة لأهالى سيناء أن مستقبلهم مع إخوتهم فى الوادى والدلتا مهما كان الوضع صعبا، وليس مع «أولاد العم» فى الطرف الآخر من الحدود مهما زادت الاغراءات.

 

 النقطة الأكثر أهمية ونحن نخوض هذه المواجهة المؤلمة هى ضرورة احترام حقوق الإنسان، وبالأخص عادات وتقاليد هذا المجتمع البدوى المحافظ. لا يصح مهما كانت المبررات اقتحام حرمة البيوت بالطريقة القديمة وفى أوقات متأخرة من الليل، ولا يصح اختطاف رهائن خصوصا من النساء، كما لا يصح إهانة كبار رموز العائلات.

 

لمن يجد هذه النصائح تحليقا فى فضاء الخيال نذكره بأن حبيب العادلى فعل كل ذلك فى سيناء بعد تفجيرات طابا وكانت النتيجة أصفارا ضخمة.

 

شرطة العادلى اعتقلت أكثر من ثلاثة آلاف سيناوى وانتهكت كل التقاليد وحقوق الإنسان، والنتيجة ان عدد المتطرفين زاد إلى درجة مخيفة.

 

سمعنا قبل أيام روايات مخيفة لأهالى معتقلين نتمنى ألا تكون صحيحة عن إعادة لأجواء منهج العادلى المدمر. نعم علينا أن نكون رادعين، لكن مع المسلحين والإرهابيين وليس مع أسرهم.

 

من يرفع السلاح ضد الدولة فلا حل له إلا السلاح، لكن لماذا نغامر ونخسر أسرته وأهله وبالتالى المنطقة؟.

 

فى مثل هذه النوعية من الحروب فان إطلاق النار لا يتواصل للابد، وبعد ان يمتص المسلحون الضربة سيعودون مرة أخرى ربما أكثر تنظيما. وعلينا ألا نغفل أن هناك بعض المتطرفين فى غزة، وكل إسرائيل يريدون أن يغرقونا فى مستنقع لا نخرج منه لأطول فترة ممكنة.

 

المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة.. وليكن شعارنا أن هدف المواجهة هو ضرب المتطرفين واستعادة سيناء لحضن الوطن، والسيناريو الكابوسى هو أن نكسب المواجهة المسلحة المؤقتة ونخسر أهل سيناء. لو حدث ذلك لا قدر الله فنحن نزرع شوكا، لن نستطيع أن ننزعه بسهولة لسنوات.

 

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي