الاتحاد ــ الإمارات: الصين.. الأرض الطيبة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاتحاد ــ الإمارات: الصين.. الأرض الطيبة

نشر فى : الجمعة 14 فبراير 2020 - 8:15 م | آخر تحديث : الجمعة 14 فبراير 2020 - 8:15 م

نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب محمد عارف... جاء فيه ما يلى:

«المرءُ يستشرفُ المستقبل بماضيه»، تقول الروائية الأمريكية «بيرل باك» التى ترعرعت فى الصين، وكتبت عنها روايتها الجميلة «الأرض الطيبة»، ونرى فيها كيف تستشرف الصين مستقبلها بماضيها، الذى علم العالم، آلاف السنين قبل الميلاد، تربية القز ونسيج الحرير، وزراعة الرز، وصناعة الورق، والسفن، والبارود، وصب الحديد، وأول آلات رصد وقياس الزلازل، والخزف (ويُسمى «صينى» فى لغات عالمية عدة، بينها العربية)، وعلوم الرياضيات والهندسة والفلك، والطب الصينى التقليدى الذى ساهم فى الحملة ضد الوباء الجديد، حيث شفى فى الأسبوع الماضى 18 مصابا غادروا المستشفى فى مدينة «يوهان» التى اندلع فيها الوباء. وأروع ما أبدعته الصين الحكمة؛ عقيدتها الأساسية عبر العصور، ويقول عنها «كونفوشيوس» أشهر الحكماء الصينيين: «نيل الحكمة أولا بالتأمل، وهو أرقاها، وثانيا بالتقليد، وهو أسهلها، وثالثا بالتجربة، وهو أكثرها مرارة».

ومن حسن حظ العالم حدوث وباء الإنفلونزا الجديدة فى أكثر بلدان العالم حكمة وانضباطا، وقدرة على مواجهة الكوارث، أى الصين التى تقول حكمتها: «أعظم أمجادنا ليس فى ألا نقع أبدًا بل أن ننهض كلما وقعنا». وعلى خلاف المألوف، لم تهرع الصين لطلب المعونة من «منظمة الصحة العالمية» التى انتظرت نحو أسبوعين بعد زيارة رئيسها بكين، والتقائه بالزعيم الصينى «شى»، الإذن لخبرائها بالدخول. وفيما يلى مقتطفات من آخر تقارير الصحف العالمية:

«عودة النشاط لمدن الصين الرئيسية»، و«زيارة الرئيس الصينى مستشفيات بكين وهو مكمم بالقناع الطبى، ويرفع كم معطفه لقياس الحرارة، الأسلوب المتبع الآن فى جميع الأماكن العامة»، و«66 إصابة بفيروس كورونا فى ناقلة ركاب بحرية فارهة محتجزة فى المياه اليابانية»، و«شخص واحد نقل الفيروس من سنغافورة إلى بريطانيا عبر فرنسا»، و«وقوع إصابات بالفيروس لا علاقة لها بالصين»، وقد اعتبرتها «منظمة الصحة العالمية» أخطر التطورات فى أزمة «الفيروس» الجديد، الذى يستمد اسمه من «كورونا»، وتعنى «التاج» باللاتينية، وذلك لشكله المتوج. وهو أحد أنواع الفيروسات العابرة لحاجز الأنواع بين الحيوانات والبشر، ومن بينها فيروس ينتقل من الجمال. ولم يتفق الرأى العلمى بعد على ناقل الفيروس الجديد، حيث قيل فى البداية إنه من الخفافيش، ثم الأفاعى، ويُعتقدُ الآن أنه من الحيوان «آكل النمل» الذى يستخدم فى الطب التقليدى الصينى.

والتهويل بشأن الفيروس الجديد يجهل حقيقة أن 2 فى المئة فقط من المصابين به يموتون بسببه، ومعظمهم متقدمون فى السن، أو صحتهم واهنة. وتقتل الإنفلونزا العادية 60 ضعفا لما يقتله من الضحايا، وقد توفى بالإنفلونزا العادية فى الولايات المتحدة منذ أكتوبر الماضى نحو عشرة آلاف شخص.

وما إن تلتفت إلى الصين حتى تتفاجأ برقم قياسى خارق جديد تحطمه، ليس فقط فى العلوم والتكنولوجيا والتعليم العالى، بل فى الاقتصاد أيضا، وآخرها فى الشركات المليارية Unicorns، وهى الشركات الناشئة برأسمال قدره مليار دولار، وقد بلغ عددها فى الصين 206 مقابل 203 فى الولايات المتحدة.

وتُساعدنا حكمة «كونفوشيوس» أيضا فى فهم أنفسنا والصين: «أينما تذهب اذهب بقلبك كله». وعندما نذهب بقلبنا كله إلى الصين، نرى كيف أنشأت خلال بضعة أيام فقط مستشفى يضم 1000 سرير، لعلاج ضحايا الفيروس، وأعقبه فى بضعة أيام إنشاء مستشفى متخصص كامل التجهيز بشبكات المياه والكهرباء، والإنترنت.. للنزلاء، وللعاملين بالمستشفى، الذى زُرعت فى باحاته الأشجار.

وفى «الأرض الطيبة»، وهى أول رواية كتبتها روائية أمريكية نالت عنها «نوبل» عام 1932، نعرف مصادر ثراء الصين التى لم تستعمر ولم تنهب ثروات أى بلد عبر تاريخها الطويل. «إذا كانت عندى حفنة من الفضة، فذلك لأنى أعمل، وزوجتى تعمل، ونحن لا نفعل ما يفعله البعض، ننكب على موائد القمار، أو إطلاق الشائعات على عتبات لا تُغسل قط، تاركين الأعشاب تنمو فى الحقول، وأطفالنا نصف جوعى».

التعليقات