هزيم رعد الشمال... تلويحٌ بالعاصفة - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:55 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هزيم رعد الشمال... تلويحٌ بالعاصفة

نشر فى : الإثنين 14 مارس 2016 - 10:40 م | آخر تحديث : الإثنين 14 مارس 2016 - 10:40 م
كانت الصورة الختامية لمناورات رعد الشمال بليغة حوت من الرسائل ما احتاجت معه كل الأطراف إلى إعادة حساباتها جيدا قبل الإقدام على الخطوة التالية... لم تقتصر بلاغة الصورة على حضور قادة أغلب الدول المشاركة بجيوشها تأكيدا على قوة التحالف ولُحمته؛ إنما أشارت بالتصريح لا التلميح إلى أن الهدف يتجاوز الحرب المُعلنة على الإرهاب... يتجاوزها ليصبح نواة عمل ٍتأخر كثيرا، لردع كل من يريد اختطاف هويتنا وزرع الشقاق فى بلادنا وغصب ثرواتنا... عمل يتجاوز القومية العربية الضيقة إلى الفضاء الإسلامى الرحب.

أقول (نواة) لأن المبالغة فى الاحتفاء بمجرد التحالف ليست مطلوبة وإلا فإن العرب قد أكلوا على شعارات الحماسة وشربوا طيلة قرن ٍمن الزمان وأكثر؛ كانوا فى أثنائه ينتقلون من هزيمة ٍإلى أخرى أشر منها ومن تمزق ٍإلى تمزق ومن فتنة إلى فتنة... ولولا نصر العاشر من رمضان لكاد سجلهم أن يكون شاهدا على أقسى وأمر فشل يمكن لأمة أن تصل إليه فى التاريخ... أمة لها ثرواتنا وشعوبنا وتراثنا.

والعجيب أن أوقات استقرارنا ــ ولو كان نسبيا ــ ما كانت لتتمخض عن خطوة هائلة كهذه؛ ووحدها التغييرات المذهلة فى شكل المنطقة التى بدأت حتى قبل الربيع العربى وتحديدا من توقيت سقوط العراق؛ هى التى ساهمت بالنصيب الأكبر فى تعاظم الإحساس بالخطر وهى التى ألجأت إلى اتخاذ خطوات كهذه على طريق استعادة التوازن.

(التحالف المشرقى) الذى كانت بوادره تلوح قبل عامين بين القاهرة والخليج اتسع ليصبح عربيا إسلاميا يضم عشرين دولة دفعة واحدة؛ صحيح أنه من المبكر الحديث عن تطابق تام فى وجهات النظر حيال كل القضايا على الأقل من حيث ترتيب أولويتها؛ لكن يُمكن الحديث بلا شك عن (توافق) أو (مساحة مشتركة صُلبة) كان مجرد التفكير فى خلقها قبل ذلك من ضروب الخيال.

والعجيب أن (كهنة) المعبد(العروبى) لا يروقهم المنظر ولا يعجبهم الحديث... شغلهم الشاغل تكرار ما مجته الأسماع وكذبته الأيام صوتا وصورة من أحاديث ( الممانعة) و(المقاومة)... همهم الأكبر الاستماتة فى تغطية عورة (حزب الله) اللبنانى بعدما انكشفت للصغير قبل الكبير... قضيتهم الرئيسية التبرير لـ(طهران) والتهليل لـ(بشار)!

يصعب عليك فهم منطق من يتحدث عن (مقاومة) من نظام قتل ربع مليون أعزل وشرد أضعافهم ومزق بلاده بيده بمنتهى الوحشية حفاظا على كرسيه؛ ثم أباحها للروس وللإيرانيين يمرحون فيما تبقى منها؛ وهو الذى لم يطلق على ( إسرائيل) التى تحتل أرضه رصاصة واحدة منذ أربعين عاما وزيادة.

يصعب محاورة من لازال يتخيل أن (إيران) تُمثل لنا ــ عربا ومسلمين ــ أى رصيد استراتيجى يُذكر؛ ومن لازال يتغافل عن طبيعة الاتفاق الأمريكى ــ الشيطان الأكبر سابقا ــ مع طهران لغض الطرف عن ابتلاعها العراق ولبنان وسوريا... ويصعب محاورة من لازال يستميت فى إقناعنا أن (حزب الله) الذى يحاصر مُدنا سورية يموت أهلها من الجوع باعتراف قادته هو ( مُقاومة) تردع عنا يد (إسرائيل).

فى آذان كل هؤلاء؛ قادة ومتملقين، دُول كبرى وميليشيات وعصابات، دوى هزيم رعد الشمال دويا مُزعجا مُقلقا يُنذر أن فرض الواقع يواجه بواقع آخرٍ... وأن الموازين يُمكن أن يعاد ترتيبها رغم التأخير ترتيبا مغايرا تماما لما تداولته أروقة صناع القرار بواشنطون وباريس... وأن زمان انتظار فُتات موائد اللئام أصبح تاريخا غير قابل للتكرار.