الدرس الباكستانى - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 15 مايو 2025 12:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الدرس الباكستانى

نشر فى : الأربعاء 14 مايو 2025 - 8:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 14 مايو 2025 - 8:50 م

كل حسابات السياسة والاقتصاد والسكان والقوة العسكرية التقليدية كانت تقول إن القصف الهندى للأراضى الباكستانية فى أعقاب هجوم مسلح استهدف مجموعة هنود كانت تزور الشطر الهندى من إقليم كشمير المتنازع عليه، سيكون مقدمة لحرب شاملة تشنها الهند التى يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا القومى الهندوسى المتطرف بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودى، يستبيح فيها الهنود أراضى باكستان.
وبدأ العالم يحبس أنفاسه ويستعد لتحول المناوشات إلى حرب شاملة بين الجارتين اللدودتين، فى ظل موازين قوة تميل بشدة لصالح الهند التى يبلغ عدد سكانها 1.409 مليار نسمة مقابل 252 مليون نسمة فى باكستان، وتمتلك رابع أكبر جيش فى العالم بقوة تبلغ 5.137 مليون فرد منهم 1.455 مليون فى الخدمة الفعلية و1.155 مليون فى صفوف الاحتياط و2.527 مليون فرد فى صفوف التشكيلات شبه العسكرية، مقابل جيش باكستانى قوامه 1.7 مليون فرد منهم 654 ألف فرد فى الخدمة الفعلية و550 ألفا فى الاحتياط و500 ألف فى تشكيلات شبه العسكرية. وفى حين يمتلك الجيش الهندى 2229 طائرة و293 قطعة بحرية وحاملتى طائرات و4201 دبابة 148.6 ألف مركبة، يمتلك الجيش الباكستانى 1399 طائرة، و2600 دبابة و17.5 ألف مركبة.
لكن باكستان ردت على القصف الهندى بقصف مماثل، وأرسلت طائراتها تتصدى للطائرات الهندية المهاجمة فتسقط عددًا منها. وعندما استهدفت نيودلهى 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ جو ــ أرض فى ساعة مبكرة، صباح السبت الماضى، أطلقت باكستان وابلًا أكبر بكثير من الصواريخ استهدفت قواعد جوية فى الهند، بالإضافة إلى أهداف عسكرية بالقرب من خط السيطرة فى منطقة كشمير المتنازع عليها. وقال الجيش الباكستانى فى بيان، «العين بالعين».
وبعد ساعات قليلة من قول نائب الرئيس الأمريكى جى. دى فانس إن بلاده لا شأن لها بتلك الحرب، وبدا أن واشنطن ستترك حليفتها الهند تلتهم جارتها الصغرى، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب دخول بلاده على خط الوساطة بين البلدين والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بينهما.
بسبب فارق القوة الهائل، وشكل إعلان وقف إطلاق النار الذى بدا أن الهند أجبرت عليه، تحدث المسئولون الهنود بغضب عن الإعلان الأمريكى، لكن الحقائق على الأرض أكدت أن باكستان نجحت فى تحجيم غطرسة القوة الهندية التى خاضت 3 حروب سابقة مع باكستان خرجت منها جميعا منتصرة.
وقدمت باكستان فى المواجهة الأخيرة الدرس الذى بات على جميع دول العالم استيعابه وهو ضرورة أن تمتلك كل دولة أوراق ردع قوية قادرة على لجم عدوان الدول الأخرى وبخاصة دول الجوار التى تستشعر أن لديها فائض قوة تستطيع استخدامه لقهر الجيران، كما تفعل إسرائيل مع العديد من الدول العربية التى تستبيح أراضيها فاحتلتها وقصفتها كما شاءت وانتهكت أجواءها فعبرتها طائراتها الحربية ذهابا وإيابا لقصف بلدان أخرى بدءًا من اليمن وحتى إيران.
فما أجبر «الفيل الهندى» على الاستجابة لصوت العقل وتجنب التصعيد هو لم يكن سوى امتلاك باكستان لترسانة نووية قادرة على إلحاق الأذى بجارتها العملاقة، وربما التلويح باستخدامها إذا مضت الهند فى عدوانها.
كما أن باكستان لا تتبنى سياسة «عدم البدء بالاستخدام». وطورت العديد من الأسلحة النووية التكتيكية ــ المخصصة للاستخدام فى ساحة المعركة، وليس لتدمير المدن ــ فاستغلت التهديد باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لردع أى غزو من الهند، التى تتفوق قواتها البرية على قوات باكستان، بحسب المحلل العسكرى اليونانى ستافروس أتلاماز أوغلو فى تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنتريست الأمريكية.
أما شبكة سى. إن. إن الأمريكية فقالت إن نائب الرئيس الأمريكى نقل رسالة تضمنت معلومات مخابراتية حساسة كانت كافية لإقناع الهنود بالقبول بوقف إطلاق النار، ورغم عدم الكشف عن طبيعة هذه المعلومات، فالواضح أن باكستان بامتلاكها لورقة الردع النووى، والتلويح بإمكانية استخدامها لتعويض الفجوة الهائلة فى ميزان القوة التقليدية مع الهند، استطاعت حماية أراضيها وسيادتها. ليكون الدرس الواجب على الجميع استيعابه هو أن امتلاك قوة الردع والتلويح الجاد باستخدامها أصبح فرض عين على الجميع.

التعليقات