معًا أفضل بالنسبة لمن؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:44 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معًا أفضل بالنسبة لمن؟

نشر فى : الإثنين 15 سبتمبر 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 سبتمبر 2014 - 8:15 ص

نشرت مجلة التعليم العالى الأمريكية «كرونيكل أوف هاير إديوكيشن» مقالا للكاتب جيفرى بولام يوضح من خلاله رأيه فى فشل حملة «معا أفضل» التى انطلقت للترويج لبقاء إسكتلندا جزءا من المملكة المتحدة والتى ترفض الاستقلال المقرر إجراء الاستفتاء عليه فى الثامن عشر من سبتمبر2014. بدأ الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن حملة التنظيم من أجل التصويت بـ«لا» فى استفتاء الاستقلال الاسكتلندى اختارت عبارة «معا أفضل» اسما لها، وهى فى الأصل شعارها. وتتعثر الحملة فى الفترة الأخيرة وتظهر عليها علامات الذعر. وقد نوقشت أخطاؤها السياسية كثيرا فى بريطانيا. لكن غموض شعار «معا أفضل» ومراوغته لم تثر الكثير من التعليق.

«معا أفضل» عبارة وصفية. فإذا استُخدِمت بمفردها، دون أن تصاحبها عبارة اسمية يكون المعنى المقصود موضع تخمين. ويبدو أنها تشير إلى أن شيئا ما سيكون أفضل بشكل ما بالنسبة لشخص ما أكثر من غيره، إذا اجتمع شيء مع شيء آخر.. لكن لم يُخَصَّص أيٌ من هؤلاء الأشخاص والأشياء ذو الأهمية المطلقة. ورأس هذه العبارة، أى «أفضل»، صيغة تفضيل، ولذلك فهناك موصوف مستتر: أى شيء يوصف بأنه «أفضل» ولابد أن يكون أفضل من شيء آخر. والحال «معا» لا معنى له ما لم يكن فى جملة؛ فعبارة «اسكتلندا أفضل معا» غير متماسكة نحويا. لابد أن يكون هناك فعل كى تكون «معا أفضل» خبرا: فلابد أن نتحدث عن شيء أفضل بالفعل، أو سيصبح أفضل، أو مازال أفضل، أو يسير بشكل أفضل، أو يعمل بشكل أفضل، أو شيء من هذا القبيل. «معا»، باعتبارها حالا لـ«أفضل»، لها معنى شرطى ضمني؛ أى أن شيئا ما سيكون أفضل من بديل ما، إذا بقيت جماعة ما معا أو عملت معا، أو أيا ما كان ما تقوم به.

هناك كذلك الخبر المستفيد: أفضل لمن؟ «من الأفضل لهم أن يكونوا معا» تعنى أنه «من الأفضل لأشخاص بعينهم أن يكونوا معا». وربما يكون المستفيد كيانا غامضا كالمصلحة العامة أو المراقب القومى، لكن لابد بصورة عامة أن يكون هناك مستفيد.

من ثم فإن شعار حملة «لا» غامض من خمس نواح مختلفة بشأن كونه القضية التى يدعى معالجتها. والشيء الأخير ربما يكون هو الأهم. من أجل من؟

•••

وأكد الكاتب على أن المملكة المتحدة الحالية ستكون أفضل إذا صوتت اسكتلندا لمصلحة البقاء فيها. فمن ناحية، التزويد المطرد بالنفط من المياه الاسكتلندية فى بحر الشمال هو أساس استقرار الجنيه. وكل الأحزاب السياسية باستثناء الحزب القومى الاسكتلندى متفقة على أنها ترغب فى بقاء اسكتلندا. لكن بدلا من الحجج الإيجابية المؤيدة لرأيها، لم تقدم هذه الأحزاب سوى التخويف والترهيب.

أحد أسباب هبوط الاسترلينى مقابل الدولار هو أن الحكومة الحالية تصر على ألا تكون هناك وحدة نقدية فى حال استقلال اسكتلندا، وبذلك يمكن أن تزيد الخوف من كون البلد الجديد بلا عملة راسخة. (من المحتمل أنهم لا يعنون ذلك؛ فسوف يكسب الكل من مواصلة استخدام اسكتلندا للجنيه كعملة لها).

وأضاف بولام؛ من الطبيعى أن تأمل المملكة المتحدة فى المشاركة فى موارد اسكتلندا الطبيعية والترويحية والتعليمية والمالية والبشرية الضخمة. (جامعاتها الرائعة مجرد مثال: أظهرت بعض الاستطلاعات أن جامعة إدنبره واحدة من أفضل 20 جامعة على المستوى الدولى، وكذلك سانت أندروز، وهى أقدم جامعة فى اسكتلندا. وكلتاهما بها أعداد كبيرة من الطلاب الأمريكيين). وسيشك قليلون فى أن تكون اسكتلندا كمّا إيجابيا بالنسبة لبريطانيا ككل. لكن ليست هذه هى المسألة المهمة بالنسبة للاسكتلنديين. فالمسألة المهمة هى ما إذا كان الاتحاد الرباعى ترتيبا أفضل مما سيكون عليه الاستقلال بالنسبة لإسكتلندا نفسها.

ويرى بولام أن شعار حملة «معا أفضل» غير الملائم يتحاشى تلك النقطة المهمة، عن قصد تقريبا. ووصفا الكاتب بالحملة الفاشلة، معللا بأن نتائج استطلاعات الرأى على مدى الأسبوع الماضى تحولت نحو نعم، حيث أظهر أحدها تقدم نعم على لا. ولابد أن الرجل الذى تراهن بـ 13 مليون جنيه مع وكيل المراهنات ويليام هيل على نتيجة «لا» فى الاستفتاء سيصبح شديد القلق. أما من الناحية السياسية، فيميل الاسكتلنديون أكثر بشكل ساحق إلى اليسار، وهم مؤيدون لعضوية الاتحاد الأوروبى بشكل أكبر، كما أنهم أقل عداء للهجرة. وخطاب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بشأن الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبى، والحد من الهجرة بمقدار أُسِّى لا يتوافق بقوة مع اسكتلندا. وليس واضحا أن أفضل مصالح اسكتلندا يخدمها كونها زائدة صغيرة لبلد تحكمه نخبة «ويستمنستر» الحاصلة على تعليم خاص ذات المركزية اللندنية التى يهيمن عليها المحافظون.

•••

وفى نهاية المقال أوضح الكاتب أن شعار «معا أفضل» الغامض على نحو مثير للضحك لا يتضمن أى سبب يجعل الاسكتلنديين يقولون لا. وفى الثامن عشر من سبتمبر سوف يظهر عدد الاسكتلنديين الذين سيصوتون بنعم بدلا من ذلك ويضعون بلدهم على المسار ليكون العضو رقم 194 فى الأمم المتحدة.

التعليقات