نشر موقع The American Enterprise Institute مقالا للكاتب، هال براندز، تحدث فيه عن أسباب خسارة الولايات المتحدة حربها ضد جماعات الحوثى وتهديداتهم فى البحر الأحمر، وما إذا كان ذلك يدل على عدم قدرة واشنطن على الفوز أم على عدم رغبتها.. نعرض من المقال ما يلى:
شهد العام الماضى أعنف يوم ضد اليهود منذ الهولوكوست (هجوم حماس فى 7 أكتوبر 2024). وبالنسبة للعام الحالى، شنت إيران أكبر هجوم فى التاريخ ضد إسرائيل بطائرات بدون طيار وصواريخ، وتم إحباطه بفضل التعاون غير المسبوق من جانب دول فى المنطقة وخارجها. لكن المفاجأة الأكبر بالنسبة للنظام العالمى هى شن جماعة الحوثى فى اليمن أخطر تحد لحرية التجارة البحرية منذ عقود، ويمكن القول إنها هزمت الولايات المتحدة، القوة العظمى.
بدأ الحوثيون حملتهم ضد الشحن فى أواخر عام 2023 عبر باب المندب، الذى يربط البحر الأحمر وخليج عدن. هم يهاجمون - ظاهريًا - من منطلق التعاطف مع الشعب الفلسطينى، ولكن أيضا من أجل اكتساب مكانة داخل ما يسمى محور المقاومة (مجموعة من وكلاء إيران فى الشرق الأوسط).
فى يناير الماضى، ردت واشنطن بعملية «حارس الازدهار»، التى تضمنت جهودا دفاعية من جانب المدمرات الأمريكية لحماية السفن من الهجمات، فضلا عن الغارات الجوية ضد قدرات الحوثيين العسكرية داخل اليمن. وكانت النتائج متوسطة فى أفضل تقدير.
نجح الحوثيون فى خفض حركة المرور عبر قناة السويس إلى أكثر من النصف، مما أدى إلى حرمان مصر من عائدات الرسوم. كما تسببوا فى إفلاس ميناء إيلات الإسرائيلى فى خليج العقبة. وبعد مرور ما يقرب من عام، تبدو الجماعة أكثر جرأة من أى وقت مضى، فقد عطلت مؤخرًا ناقلة نفط، تهدد بحدوث تسرب وعواقب بيئية كارثية. باختصار، أصبح الممر المائى لما بين 10% إلى 15% من التجارة العالمية منطقة قتال ومثال على سعى أعداء الولايات المتحدة إلى تقويض النظام العالمى. لكن لماذا تخسر أمريكا هذه الحرب؟
أولا: الحوثيون ليسوا قوة عسكرية تقليدية؛ فهم لا يسيطرون حتى على اليمن بالكامل. ومع ذلك فقد استخدموا الطائرات بدون طيار والصواريخ للسيطرة على المياه الحيوية. وللقيام بذلك، اعتمدوا على مساعدة إيران التى زودتهم بالأسلحة والخبرة اللازمة لتصنيعها.
ثانيا: التآزر الاستراتيجى بين أعداء الولايات المتحدة. أصبح الحوثيون أكثر شراسة بفضل التوجيه من إيران وحزب الله. ومنذ أكتوبر 2023، سمحوا لمعظم سفن الشحن الصينية بالمرور دون ضرر. كما تلقى الحوثيون التشجيع - ويبدو أنهم تلقوا الدعم المباشر - من روسيا الحريصة على الانتقام من واشنطن (تجنى بكين وموسكو مكاسب جيوسياسية عندما تتحمل أمريكا أعباء الصراعات فى الشرق الأوسط، ولذلك فإن كليهما على استعداد للسماح لهذه الأزمة بالتفاقم، أو حتى جعلها أسوأ).
ثالثا: ما يزيد من تأجيج الأمور هو إحجام أمريكا عن الإفراط فى القوة العسكرية. فالمشكلة الأساسية هى أن واشنطن ترددت فى اتخاذ تدابير أقوى ــ مثل إغراق سفينة الاستخبارات الإيرانية التى تدعم الحوثيين، أو استهداف البنية الأساسية التى تدعم حكمهم داخل اليمن ــ خوفا من تأجيج الوضع الإقليمى المتوتر بالفعل.
لكن من غير المرجح أن يكون هناك تصحيح دراماتيكى لهذا المسار من جانب الولايات المتحدة على المدى القريب. فما زال الرئيس جو بايدن يسعى إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وهذا من شأنه على الأقل أن يحرم الحوثيين وغيرهم من وكلاء إيران من ذريعة العنف، حتى لو لم يكن أحد متأكدا حقا مما إذا كان هذا من شأنه أن ينهى الهجمات فى البحر الأحمر، كما أنه يأمل فى اجتياز الانتخابات الرئاسية القادمة دون المزيد من المتاعب مع طهران.
ومع ذلك، هذا النهج المتخبط قد لا يدوم طويلا. فمهما كان من سيتولى الرئاسة فى عام 2025 فسوف يضطر فى النهاية إلى مواجهة حقيقة مفادها أن أمريكا تخسر الصراع فى البحر الأحمر، مع ما يرتبه ذلك من عواقب عالمية سلبية.
ترجمة: ياسمين عبداللطيف