استكشاف جزر النيل وضفافه فى القاهرة - نبيل الهادي - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 10:23 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استكشاف جزر النيل وضفافه فى القاهرة

نشر فى : الأحد 15 ديسمبر 2024 - 7:50 م | آخر تحديث : الأحد 15 ديسمبر 2024 - 7:50 م

فى يوم السبت، الثانى عشر من أكتوبر الماضى، بدأنا رحلة استكشاف جزر النيل فى القاهرة بزيارة جزيرة الذهب ومن معديتها الواقعة بالقرب من شارع البحر الأعظم كان عبورنا الأول  ومنه مشينا بمحاذاة كوبرى الطريق الدائرى ثم استدرنا لنتجه شمالا عابرين الجزيرة التى تبدو قطعة من الريف المصرى، ولم يكن العديد من طلبتى يتخيلون وجود مثل تلك الحياة فى قلب القاهرة.

حتى وصلنا إلى المعدية الأخرى المقابلة لمحطة مترو الزهراء. لاحظنا أن المراكب الشراعية التى تنقل الناس لم تكن تعمل، لأن سرعة الرياح لم تكن كافية. بعد نزولنا من المعدية سرنا باتجاه الشمال حيث جزيرة منيل الروضة وتوقفنا عند مقياس النيل ثم عبرنا الكوبرى «الخشب» الذى هو فى حقيقته معدني. واتجهنا للضفة الغربية للجزيرة حيث توقفنا قليلا أمام بعض الدعامات الحجرية نصف الدائرية والتى تعود إلى مئات السنين، ثم استأجرنا مركبا من جوار كوبرى عباس وركبناه باتجاه جنوب جزيرة الزمالك. فى الطريق أشرت لأحد الفنادق الذى سمح له بالبناء ليس فقط فى حرم شاطئ النيل بل وأخذ بضعة أمتار من مياهه، ثم نزلنا فى الضفة الغربية للنيل بالقرب من كوبرى الجلاء الحديدى الرائع.

واصلنا المسير أعلى الكوبرى التاريخى وتوقفت قليلا أمام متحف محمود مختار ثم أكملنا حتى وصلنا لأحد تماثيله الرائعة لسعد زغلول، شرحت سريعا للطالبات والطلبة كم هى رائعة الرسومات البارزة فى قاعدة التمثال. ثم مشينا بمحاذاة حديقة الأندلس حتى وصلنا لسلم كوبرى السادس من أكتوبر ثم عبرناه ونزلنا متجهين شمالا بمحاذاة النيل حتى وصلنا لبولاق أبو العلا وهناك مشينا فى إحدى الحارات التاريخية الضيقة حتى وصلنا مسجد سنان وشرحت للطلبة أن المسجد كان يقع أمامه مباشرة ساحل بولاق والنيل، كما يظهر فى رسومات كتاب وصف مصر فى اول القرن التاسع عشر. وانتهت أمام هذا المسجد الفريد زيارتنا الأولى للجزر والضفاف.

•  •  •

بعد أسبوعين قمنا بالزيارة الثانية والتى بدأت من معدية ركن فاروق بحلوان إلى جزيرة البدرشين التى لم تعد جزيرة، ومنها ركب الطلاب حتى معدية الحوامدية بينما استخدمت أنا دراجتى ثم ركبنا المعدية إلى المعصرة ومنها ركب الطلاب مرة ثانية حتى الموقع المجاور لمأخذ مياه شركة طرة للأسمنت، وهى إحدى البقاع المفضلة لى شخصيا ولكنها أيضا مفضلة للعديد من صيادى السمك بالسنارة.

استكملنا بالسيارة والدراجة حتى وصلنا للمعدية أمام سجن طرة الذى تم هدمه. ركبنا المعدية إلى قرية طموه فى الجهة المقابلة وتفاجأنا جميعا بالطيور البرية التى تختبئ خلف الجزيرة وبالقرب من مرسى المعدية (غالبا لقلة الناس فى هذا المكان) ثم نزلنا ومشينا قليلا حتى رأينا الكوبرى الذى ينفذ كجزء من محور حسب الله الكفراوى، وكيف أزيلت أراضٍ زراعية لبناء الكوبرى، كما رأينا كيف يقترب جدا هذا الكوبرى من إحدى الكنائس القائمة. كتبت قبلا عن هذا الكوبرى الذى ردموا من أجله مدخل وادى دجلة بالمعادى ولم أكن رأيت بعد ما فعله هذا الكوبرى فى الجهة المقابلة.

ركب الطلاب ما تيسر من وسائل النقل فى المكان (توكتوك طبعا) وركبت دراجتى حتى وصلنا لمعدية منيل شيحة. ثم عبرنا إلى معدية المعادى (اسم المعادى كما قرأت هو منسوب للمعدية). وانتهت زيارتنا الثانية.

•  •  •

كنت قد وعدت الطلاب أن من يكمل معى الزيارة والتى استغرقت أربع ساعات وامتدّت لتغطى حوالى ٢٦ كيلومترا سأدعوه إلى نادى اليخت القريب على إفطار متأخر، ولأن أغلب الطلاب أكملوا الزيارة كان على أن أفى بوعدى وهو ما حصل.

بدأنا الزيارة الثالثة من جوار كوبري عريض للغاية، بحيث يكون هدفنا هو الوصول للقناطر الخيرية. مررنا بعدة جزر حتى وصلنا إلى معدية الطفل.  ما كان لطيفا للغاية فى رحلة الذهاب والإياب من معدية الطفل هو رؤيتنا عن قرب لمجموعات من الطيور البرية التى استقرت فى الطرف الجنوبى للجزيرة حيث لا بشر يزعجها بوجوده.

حصلنا على مجموعة جيدة من الخرائط من الهيئة العامة للمساحة لكى يتمكن الطلاب من دراسة الجزر وضفاف النيل. توقفنا عند مسافة مائة متر من حافة النهر بناء على معلومة تفيد بأن المنطقة الإيكولوجية الحساسة المجاورة للنهر تتراوح بين عشرين إلى خمسين مترا.

فى كل من الخرائط التاريخية والحالية سيقوم الطلاب بتوثيق وحساب مساحة المناطق الطبيعية وخاصة النباتية منها والمائية كما سيقومون بحساب مساحة العمران فى كل خريطة. واستعنا بتعريف لأحد المنظرين الكبار والذى قسم الطبيعة إلى ثلاثة أقسام؛ أولها الطبيعة البرية التى لم يغير فيها الإنسان شيئا، ثم الطبيعة التى بها تدخل محدود وخاصة المناطق الزراعية، أما القسم الثالث من الطبيعة فقد حدده على أنه الحدائق التى قام بتصميمها متخصصون. وقمنا بتطبيق ذلك على النيل فاعتبرناه طبقا لذلك قبل بناء القناطر الخيرية بريا وبعد ذلك مشابه للزراعة. كما اعتبرنا الترع التى تم بناؤها بناء على تصميمات خاصة القسم الثالث فى الطبيعة المائية. أما فى العمران فقد قمنا بقدر المستطاع التمييز بين المبانى والأراضى المخططة والتى لم يغطها البناء.

طلبت توثيق كل الاستخدامات المتصلة بالنيل مباشرة مثل محطات تحلية المياه أو مصنع الأسمنت الذى له مأخذ للمياه من النهر. كما طلبت عمل قطاعات فى النيل والجزيرة تظهر اختلاف مناسيب النهر فى الصيف والشتاء حاليا وبين أوقات الفيضان وغيره فى الأوقات التى سبقت بناء القناطر والسدود.

قمنا أيضا فى إطار التعرف على البيئة الطبيعية للجزر بزيارة لمحمية سالوجا وغزال فى أسوان للتعرف على أنواع النباتات والطيور التى استمرت فى شغل تلك الجزر حتى وقت قريب. ونتمنى أن نستطيع الخروج بفهم أفضل للجزر فى القاهرة، وأن نكون قادرين على اختيار جزيرتين أو ثلاث لكى نبدأ فى الربيع القادم اقتراح طرق لاستعادة الحياة البرية لها، لتكون الخطوة الأولى لتحسين حالة الطبيعة والناس فى القاهرة فى المستقبل القريب.

 

 

التعليقات