قمة كامب ديفيد الجديدة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمة كامب ديفيد الجديدة

نشر فى : السبت 16 مايو 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : السبت 16 مايو 2015 - 9:20 ص

للعرب ذكريات سيئة مع كامب ديفيد منذ تفاهمات السادات وبيجن وكارتر سنة 1978 التى أعقبها توقيع اتفاق سلام مصري / إسرائيلى منفرد 26 مارس 1979 فى واشنطن، ما زالت ملاحقه تفاجئنا بالغرائب والعجائب من وقت لآخر.

وبمقارنة كامب ديفيد كارتر مع كامب ديفيد أوباما، فالأولى أتت بعد حرب أكتوبر 1973 بين العرب وإسرائيل وتمكنت الدبلوماسية الأمريكية بعدها من غرس إسفين بين العرب وإسرائيل تسبب فى بعثرة التضامن العربى الذى ظهرت بوادره من خلال تلك الحرب، وكان من الممكن لو قدر له الاستمرار أن يغير وجه المنطقة عما نراه اليوم.

أما القمة الحالية، فتأتى أيضا بعد تحالف خليجي/ عربى بدا قويا ومتماسكا فى عاصفة الحزم ويعول عليه فى تغيير التوازنات الإقليمية والدولية فى المنطقة، ويفتح الباب على مصراعيه لمرحلة جديدة من الأمن والاستقرار وتحجيم التدخلات الأجنبية فى تغيير معادلات التوازن الوطنى الداخلية للدول العربية.

وفى الوقت الذى عقدت فيه كامب ديفيد القديمة وسط تماسك عربى على المستوى القطرى للدول، إلا أن القمة الحالية تعقد مع مجموعة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التى تمكنت بتضامن شعوبها وحكامها من تجنب التشرذم والصراعات الداخلية العنيفة المدفوعة من أطراف إقليمية ودولية فرضت نفسها على التوازنات المحلية حتى أصبحت طرفا فى الصراعات فى العديد من الدول مثل العراق وسوريا وليبيا وغيرها.

ولكن أمريكا التى كانت على أبواب التفرد بالهيمنة على النظام الأمنى العالمى أثناء القمة القديمة، ليست أمريكا التى نراها اليوم كواحدة من القوى العالمية المهيمنة بعد فشلها فى أفغانستان والعراق وكوريا الشمالية وتهديد الصين لليابان وتمدد إيران طولا وعرضا فى دول الجوار ودعمها للإرهاب جهارا نهارا حتى فى الأرجنتين، بل إن رد فعلها تجاه اقتياد سفينة شحن محسوبة عليها من مضيق هرمز إلى ميناء إيرانى كان مدعاة للتندر بتسخيرها لقطع الأسطول لمرافقة السفن الأمريكية العابرة.

وبتحليل الظروف التى تعقد فيها قمة كامب ديفيد الحالية، نجد أنها تعكس اعترافا أمريكيا بخطورة الاتفاق النووى المزمع توقيعه مع إيران بنهاية يونيو. ويبدو أن الرئيس أوباما يعتبر التوقيع على هذا الاتفاق أهم إنجاز لإدارته على مستوى السياسة الخارجية والمسوغ المتأخر الوحيد لحصوله المسبق على جائزة نوبل للسلام. ولذلك اعتبر انتقاد الاتفاق من المحرمات حد أنه هدد بإسقاط أى مشروع قرار فى الكونجرس لمعارضته بالفيتو الرئاسى، ولكن تغير وجه مجلسى النواب والشيوخ لصالح المنافسين الجمهوريين خفف من غلوائه فوافق على مضض.

ولذلك، أتساءل: كيف للإدارة الأمريكية التى لم تتمكن من تسويق الاتفاق النووى مع إيران محليا أن تسوقه لمن يتضررون من نتائجه بشكل مباشر فى المنطقة مع تمدد الأذرع الإيرانية غير النووية فى كل مكان وصمت أمريكى واضح عن كل ما يجرى.

وفى ضوء الأوضاع المستجدة فى المنطقة وظهور المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كقوة إقليمية عظمى ضمن تحالف عربى متماسك يتوقع منه استعادة التوازن الإقليمى المفقود مع إيران وتنظيف الدول العربية من سرطانها المنتشر فى كل مكان، تجد الإدارة الأمريكية نفسها فى حالة سباق وتنافس مع الدول العظمى الأخرى التى تملك إمكانات عسكرية وتنموية كافية للمساهمة فى التسليح والبناء التى يتوقع أن تكون هائلة خاصة بعد أن تضع الحرب أوزارها.

ويبقى تسويق صفقة الدرع الصاروخية المتقدمة التى بدأتها هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة سنة 2008، وما زالت الإدارة الأمريكية تصر عليها مثار جدل واسع على المستويين الإقليمى والدولى. علما بأن المسافة بين الشواطئ الإيرانية والخليجية تتباعد وتتقارب فى مدى لا يزيد على 400 كلم، وقد يقل عن 200 كلم، باعتبار الجزر التى تحتلها ايران ومضيق هرمز، ما يعنى أن وسائل تدمير أقل من الصواريخ الباليستية يمكن أن تستخدم فى أى حرب محتملة ــ لا سمح الله.

ولذلك أعتقد أن على الإدارة الأمريكية أن تعترف بالحقائق المستجدة فى المنطقة وتوظف القمة الحالية فى إصلاح ما ألحقته سياستها الخارجية بالعرب من أذى.

عكاظ ــ السعودية
على بن حسن التواتي

التعليقات