جامعاتنا لأكسفورد: هات واحد نوبل - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:37 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جامعاتنا لأكسفورد: هات واحد نوبل

نشر فى : الجمعة 18 نوفمبر 2016 - 11:05 م | آخر تحديث : الجمعة 18 نوفمبر 2016 - 11:05 م

• حصل هذا العام ثلاثة علماء بريطانيين من جامعة أكسفورد على جائزة نوبل لترتفع حصيلة علماء أكسفورد الذين حصلوا على جائزة نوبل 65 عالما منذ إنشائها.

• فرحت كثيرا لأكسفورد قلعة العلم وكل محبى الإنسانية عليهم أن يحبوا العلم أينما كان وحيثما ارتحل، ولكنى تحسرت فى الوقت نفسه على جامعتنا التى لم يحصل أحد علمائها على نوبل، وتحسرت على جامعة القاهرة أعرق جامعاتنا والتى تجاوز عمرها مائة عام لم يحصل خلالها عالم على نوبل، وخرجت فى السنوات الأخيرة من التصنيف العالمى لأفضل مائة جامعة، لأن بيئة العلم الحقيقية التى تؤهل للجوائز العلمية غير موجودة فى الجامعات المصرية كلها ومنها جامعة القاهرة.

• مرتب الأساتذة لا يكفيهم العيش بكرامة وسط هذا الغلاء، وميزانية البحث العلمى للأستاذ فى العام لا تكفى لشراء فوط تنظيف المعمل، ومعظم معامل البحث العلمى تفتقر للأجهزة الحديثة وأبسط لوازم البحث العلمى.

• أكثر جامعتنا تدار من خارجها لا من داخلها، وتدار بقواعد السياسة والأمن والتوريث والصراعات السياسية أكثر من إدارتها بقواعد العلم وتقييم الطلبة والأساتذة بالعلم وليس بانتماءاتهم وأفكارهم ما لم تسبب هذه الأفكار جرما قانونيا.

• معظم المعيدين والمدرسين فى جامعتنا مشغولون بالدروس الخصوصية التى تكفل لهم حياة رغدة وذلك أفضل عندهم من البحث العلمى أو حتى الحصول على الدكتوراه الذى قد يحرمهم من دخل خيالى لا يستطيع رئيس الجامعة نفسه الوصول إليه.

• هذا المدرس المساعد يدرك أن البحث العلمى لا جدوى له فى بيئة تضع الأبحاث فى الأدراج دون أدنى اهتمام أو تطبيق، وأن الذين اهتموا بالبحث العلمى الرصين عاشوا على الكفاف.

• طلاب الجامعات المصرية معظمهم يعتمد على الدروس الخصوصية وخاصة فى الكليات النظرية أما الكليات العملية فقد غزتها الدروس الخصوصية أيضا ولكن بدرجة أقل.

• بعض رؤساء الجامعات لدينا لا هم لهم سوى الشو الإعلامى والسياسى والدخول فى قضايا أيديولوجية لا دخل للعلم بها، قبل الناس هذا الشو على مضض منتظرين على أحر من الجمر اهتمام جامعاتهم العريقة بالعلم أو حصول عالم واحد منها على نوبل، ولكن طال الانتظار دون جدوى.

• مائة عام كاملة انحدر فيها التعليم فى جامعتنا بطريقة غير مسبوقة وهجرنا الطلاب الأجانب النابهين الذين يريدون العلم حقا، وأتى إلى جامعاتنا كل من يريدون الحصول على الماجستير والدكتوراه المزيفة وخاصة فى كليات الحقوق والآداب والتجارة ودار العلوم وأشباهها.

• الطالب الخليجى والليبى ونحوهما يدفع بالدولار، قد لا يحضر أبدا محاضرات الدراسات العليا فهو لا يريد العلم، يدفع أيضا لبعض الأساتذة الذين يرونهم مغنما وكنزا لا ينبغى التفريط فيه، إذا تقدم لهم طالب دكتوراه مصرى جهبذ فى العلم يرفضونه دائما بعد أن يمطروه بعدة أسئلة أهمها عمله و«معروف أهمية هذا العمل»! ما مدى غناه وثرائه، أما علمه وعبقريته فلا شأن لهم به وعليه أن يلقى علمه فى البحر فالزمن ليس زمن علم، فهو لا يطعم فما جائعا ولا يحفظ لصاحبه كرامة، ولا يؤهل لوظيفة.

• عندما يحضر الطالب الخليجى الذى لا يكلف نفسه كتابة حتى جزء من الرسالة، لأن المجموعات والمكاتب التى تختص بكتابة الرسائل للخليجيين أو الليبيين ونحوهم معروفون بالاسم والرسم، والمكتب عادة ما يأخذ عشرة آلاف دولار من الباحث العربى ويعطى الذى يكتب الرسالة خمسة آلاف جنيه، ويكسب الباقى.

• بعض الذين يكتبون رسائل الدكتوراه حاولوا الحصول عليها لكنهم وجدوا كل السبل مسدودة أمامهم لفقرهم وقلة حيلتهم، فعرفت هذه المكاتب بنبوغهم فكلفتهم بذلك فوجدوها أسلوبا يسيرا لسد فاقتهم وحاجتهم قال بعضهم : «طظ فى الدكتوراه» فرح هذا بالأموال، وفرح الخليجى والليبى بالشهادة والرسالة والكتاب الذى سيطبعه باسمه فى بلده والمنصب الموعود فى بلده الذى حصل عليه بالتزوير والغش.

• فى يوم مناقشة شاب خليجى للرسالة لم يكلف نفسه عناء أن يقرأ حتى مقدمة الرسالة فى الأيام السابقة للمناقشة، قال لصديق مصرى فقير يحارب للحصول على الدكتوراه دون جدوى رغم عبقريته العلمية: اقرأ لى هذا الحديث وطلب منه تكراره، لم يستطع قراءته، فظن صديقه أنه لم يقرأ المقدمة ولا البحث كله، حاول أن يفهمه مقدمة البحث، دخل الأِساتذة فشل فى قراءة الحديث ولا عرض الرسالة بطريقة جيدة أمامهم، حصل عليها مع مرتبة الشرف مع تبادل الرسالة، الرسالة كانت جيدة ولكن الطالب لا يعرف عنها شيئا.

• كل النابهين والمتميزين من الطلبة الخليجيين وهم الأغلبية يذهبون إلى أمريكا وبريطانيا وغيرها، ويحصلون على العلم والشهادة معا.

• حصل لدينا أساتذة نادرون على علوم رائعة من خارج مصر فى تخصصات نادرة مثل زراعة القلب، وعاد بعضهم بعد 17 عاما من دراسة وتطبيق زراعة القلب فى جامعات أوروبا وغيرها، كان يحلم بالمركز الذى بنته جامعة عين شمس لزراعة القلب، عاد إلى مصر محملا بالشهادات والخبرات فوجئ أن المركز بيع للتخصصات المربحة مثل الولادة والأطفال، مات المشروع، حزن على وطنه أن تتخلف عن السعودية التى تزرع القلب الآن أو الأردن، أو إسرائيل التى لم يزد عمرها على 70 عاما.

• الجامعات تحولت فى أغلبها إلى بيزنس كبير، لأنه ليس من المعقول أن يكون مرتب أستاذ الجامعة يقل كثيرا عن تلاميذه فى مهن أخرى تهتم بها الدولة وتوليها رعايتها.

• كليات الطب تحاول التماسك قدر الإمكان ولكن لا خدمات متميزة جيدة فى مستشفياتها لضعف الميزانية، ضع للمستشفيات الجامعية منظومة مثل منظومة مستشفى 57357 أو مركز د/مجدى يعقوب للقلب سترى أن منظومة الصحة ستكون فى أفضل حال، وسيتفرغ الأستاذ للعمل بالمراكز فقط لأنك أغنيته ووفرت له منظومة عمل وبحث جيدة.

• هذا النظام معمول به فى كليفلاند وهو من أكبر المراكز الطبية الأمريكية، تفرغ كامل ومرتب يغنيه، ومستشفى مجهز بإمكانيات كاملة.

• فى المستشفيات الجامعية قد ترى فى قسم جراحة قلب الأطفال مثلا غرفة عمليات واحدة مع عشرة أساتذة جراحة قلب مبدعين فلا يحضر أحدهم إلا يوما فى الأسبوع والباقى فى البيزنس لأنهم لو حضروا جميعا لن يجدوا عملا ببساطة، غرفة الجراحة تكفى أحدهم فقط.

• لولا العيادات والمراكز الخاصة لأصبح أساتذة الطب والأطباء «شحاذين على باب السيدة» فالدولة المصرية تعطى بدل عدوى للقاضى والضابط الذى لا يلامس المرضى إلا نادرا، وترفض إعطاء الأطباء بدل عدوى مماثل، حتى بعد حكم المحكمة النهائى بذلك وتسمع بعدها الوزير يقول: ليست هناك ميزانية لذلك البدل مع إن حالات العدوى بين الأطباء جعلت بعضهم يقابل رب كريم وهو فى ريعان شبابه.

• المنظومة الجامعية والصحية كلها قد تحتاج لنظر وفكر جديد مع الشفافية الكاملة التى تغيب عنا الآن.

• الآن جامعة فى كل محافظة يعتبرها نوابا وكبراء المحافظة نصرا جديدا لهم دون الاهتمام بمستوى جامعاتهم الجديدة، وهل تتوفر لها الإمكانيات الحقيقية لإقامة جامعة بحق، والله بعض الأقسام فى كليات الطب لا تجد أى ميزانية للإنفاق على أبسط الأمور الضرورية فى هذه الأقسام.

• ورغم ذلك يبذل المخلصون جهدهم لبقاء هذه الأقسام على قيد الحياة والمصيبة أن المستشفيات الجامعية التى تقوم بـ 90% من عمليات القلب المفتوح مثلا لا تستطيع جمع 1000/1من التبرعات التى يحصل عليها مركز د/يعقوب، وجراحات السرطان فى المستشفيات الجامعية تسعة أضعاف التى تجرى فى 57357، إذ يمنع القانون هذه المستشفيات وأمثالها من تلقى تبرعات.

• كلها أوضاع مأساوية، حصيلة التبرعات كلها تذهب للذى يقوم بـ 5% من الجراحات أما الذى يقوم بـ 90% لا يستطيع حتى أن «يفتح فمه» فضلا عن حساب تبرع لها، يا قوم افتحوا الحسابات لمستشفيات الجامعات وراقبوها.

• مستشفى جامعة أسيوط يخدم الصعيد كله ويفتقر إلى أبسط الإمكانيات فلا يجدها رغم أنه لا يرفض ولا يرد أى مريض فقير لأنها حالات مأساوية، ولا يتبع سياسة بعض المستشفيات الحكومية الأخرى: «تزويغ المريض» حتى يصل للمراكز الخاصة التى تذبح الفقير ذبحا.

• فى الختام نحن نقبل كل شو إعلامى وسياسى يصنعه بعض رؤساء الجامعات حتى يصل أحد العلماء فى جامعاتهم إلى نوبل، نريد نوبل واحد فقط يا محسنين، أقرضونا واحد نوبل يا أكسفورد.

التعليقات