لو كنت مكان الإخوان لتمنيت ولفعلت كل ما فى وسعى لضمان فشل حكومة الدكتور حازم الببلاوى.
القاعدة البسيطة هى أن نجاح أى حكومة حالية أو مستقبلية يعنى مزيدا من انصراف المواطنين وبعض المتعاطفين عن الإخوان. وبالتالى فمن المنطقى أن قيادات وأعضاء الإخوان يدعون ربهم ويبتهلون إليه ليل نهار لإفشال الحكومة.
بل أعتقد أن البعض منهم يتمنى ربما أن تنهار الدولة بأكملها حتى لو كانت بضربة إسرائيلية، على غرار البعض الذى أعلن أنه حمد الله وصلى ركعتى شكر بعد أن انهزمت مصر من إسرائيل، لأنهم كانوا لا يطيقون سماع اسم جمال عبدالناصر.
أظن أن القاعدة البسيطة التى يفكر فيها الإخوان الآن هى كالتالى: علينا ألا نتوقف عن الاحتجاجات والاشتباكات مع أجهزة الحكومة حتى لا تظن الأخيرة ومعها المواطنون العاديون أن الحياة عادت إلى طبيعتها وأن وجود الإخوان فى الحكم كان جملة اعتراضية عابرة.
المظاهرات والاحتكاكات ستجعل المواطن العادى يشعر بأن حياته صارت جحيما، وصور التجمعات ستعطى قناعة للأوروبى والأمريكى ان الاستقرار لن يعرف طريقا لمصر.
أما إذا صاحب هذه الاشتباكات مصابون وقتلى فهذا أمر عظيم لأنه يظهر الحكومة فى صورة دراكولا المتعطش لدماء الإسلاميين. يعتقد الإخوان أن جزءا من استراتيجية المعارضة ضدهم خلال عام حكمهم كانت إعطاء إحساس بوجود أزمة طول الوقت سواء عبر التظاهر فى التحرير وقذف فندقى سميراميس وشبرد بالطوب، أو تعطيل كوبرى أكتوبر والمترو عبر «البلاك بلوك»، وأن هذه الخطة نجحت إلى حد كبير وربما كانت عاملا ساهم فى حشد المواطنين ضدهم فى 30 يونيو.
يعتقد الإخوان أيضا ان تفاقم المشاكل الحياتية خصوصا نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار كان عاملا حاسما فى تراجع شعبيتهم، وبالتالى فما المانع من تكرار نفس السيناريو ضد حكومة العهد الجديد؟!.
من المنطقى أن يفكر الإخوان بهذه الطريقة، لكن عليهم تذكر أنه طوال حكم مرسى لم تكن هناك مهاجمة لأقسام الشرطة ومديريات الأمن والقمر الصناعى بقذائف الآر بى جى، ولم تكن هناك صواريخ تطلق على منشآت الدولة فى سيناء ومنطقة القناة أو استهداف للكنائس وكمائن الشرطة والجيش، ولم يكن يتم اكتشاف قنابل كل يوم. وبالتالى فهذا هو المتغير الجوهرى.
سيقول الإخوان وما صلتنا نحن بهذه الأسلحة الثقيلة؟ وسترد الحكومة وتسألهم: من حرك هؤلاء، ولماذا لم يتحركوا إلا بعد سقوط مرسى وأسئلة غامضة كثيرة فى هذا الملف.
نعود إلى أصل الموضوع ونسأل: إذا كان طبيعيا أن يكون هدف الإخوان هو «التفنن فى التنغيص» على الحكومة، فما الذى ينبغى على الببلاوى أن يفعله؟!.
لا يحق للحكومة أن تمنع التظاهر السلمى لأنصار الجماعة طالما التزموا بالقانون، لكن يحق لها أن تطبق القانون.
أما السلاح الفتاك الذى يمكن للحكومة أن تنهى به المواجهة فهو: أولا خطة اقتصادية واضحة المعالم محددة الأهداف والبرامج،انحيازها الأساسى للفقراء حتى توقف متاجرة الإخوان بهم، ثم مخاطبة عقول الناس للرد على أى افكار متطرفة.
وبالطبع لا يمكن أن ينجح الأمر من دون ضمان الحريات والالتزام بالقانون وبحقوق الإنسان، لأنك ببساطة تحتاج إلى مواطنين أحرار وليس لعبيد كى تواجه هذه الأفكار الظلامية.