من فرشوط للهجانة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 4:25 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من فرشوط للهجانة

نشر فى : الإثنين 21 ديسمبر 2009 - 9:08 ص | آخر تحديث : الإثنين 21 ديسمبر 2009 - 9:08 ص

 فى زحمة انشغالنا بموقعة الخرطوم الكروية، كانت موقعة أخرى تجرى فى فرشوط، حيث حاصر المسلمون الأقباط، وأحرقوا بيوتهم ومحالهم عقابا لهم على اعتداء شاب قبطى على فتاة مسلمة وسط الزراعات، وهى حوادث تجرى يوميا دون أن تكون ديانة الجانى دالّة فى التكييف القانونى للجريمة.

لكننا ــ ياللعجب ــ صرنا نقرأ فى صحف أيامنا هذه عن «انقلاب سيارة ووفاة سبعة أشخاص بينهم ثلاثة أقباط»!، وكأن المسيحية «جنسية» تستدعى أن نشير إلى صاحبها بوصفه «آخر»، لا ديانة أمرنا أن نؤمن بها دون قيد أوشرط.

كان مدهشا أن بعضا ممن دافعوا عن أشقاء العروبة فى موقعة الخرطوم، ولم يتحمسوا للدفاع عن أشقاء الوطن فى موقعة فرشوط، وسمعنا من بعضهم كلاما عن الكفاح المشترك والمصير الواحد بين الشعبين المصرى والجزائرى (وهو حق)، ولم نسمع شيئا عن الكفاح المشترك والمصير الواحد لأبناء الشعبين المسلم والقبطى فى المحروسة!

وفى هوجة الحديث عن التوريث، وما أحدثته اشتراطات البرادعى «البديهية جدا» للترشح للرئاسة، قررت الحكومة إزالة العقارات المخالفة فى عزبة الهجانة، وحدثت مواجهات بين الشرطة والأهالى أسفرت عن إصابات وضحايا، دون أن يعرف أحد لماذا استيقظت الحكومة لتزيل 28 عقارا مخالفا فجأة.

ولماذا اختارت الهجانة بالذات وهى ليست سوى واحدة من آلاف العشوائيات التى انتشرت فى محافظات مصر جميعها، بفعل الفساد والرشوة وسوء التخطيط وانتشار الفقر والانحيازالغاشم لفئة من أبناء الوطن على حساب أخرى؟، ما دفعها إلى البحث عن حلول لمشكلاتها على طريقتها.

الحادثان يمثلان برأيى تجليين جديدين للدولة الغائبة أو المستقيلة من وظائفها، وأولها توفير الأمن لأبنائها وتحقيق المساواة بينهم فى حياة كريمة.

نحن نردد كثيرا شعار حزب الوفد العظيم «الدين لله والوطن للجميع» باعتباره دعوة للوحدة بين المسلمين والأقباط، كان ذلك ردا على مؤامرات الاحتلال لشق وحدة الأمة، أما الآن فإن الشعار ينبغى له أن يتجاوز هذا الفهم، فالوطن للجميع تعنى أنه لجميع أبنائه: الغنى والفقير، المالك والأجير، القوى والضعيف، المسيحى والمسلم.

فى مصر المعاصرة لم يعد الدين لله، ولم يعد الوطن للجميع.
وهذه هى المعضلة التى ينبغى أن يواجهها أى «برادعى» يحكم مصر.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات