بدايات الكاتب ونضجه - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بدايات الكاتب ونضجه

نشر فى : الخميس 21 ديسمبر 2023 - 8:10 م | آخر تحديث : الخميس 21 ديسمبر 2023 - 8:10 م
نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن، يوضح فيه أهمية المؤلفات الأولى للأديب باعتبارها حجر الأساس لخبرته ونضجه الفكرى فيما بعد، كما يستنكر اعتبارها مجرد محاولات ساذجة للأديب لا تستحق المراجعة... نعرض من المقال ما يلى:
كيف ينظر الأديب إلى بداياته فى الكتابة، بعد أن تنضج تجربته وتتراكم خبراته، لا فى الكتابة وحدها وإنما فى الحياة نفسها، ويتطور وعيه، فهل يبلغ الأمر حد التنكر إلى تلك البدايات واعتبارها مجرد محاولات ساذجة لا تستحق الوقوف أمامها؟
محمود درويش قال شيئا من هذا عن ديوانه الشعرى الأول، الذى كان عنوانه، إن لم تخن الذاكرة، «عصافير بلا أجنحة»، وصدر فى عام 1960، عندما كان الشاعر دون العشرين من عمره، لكن ما يصح على هذا الديوان لا يجوز اعتماده قاعدة للنظر إلى كل بدايات الأديب، أى أديب، فقط لأن تجربته أصبحت أعمق وأنضج.
الرواية الأشهر لجابرييل ماركيز، التى بسببها نال «نوبل» للآداب هى «مئة عام من العزلة»، لكنه يعتبر روايته «الجنرال فى متاهته» الرواية الوحيدة التى يشعر إزاءها بارتياح مطلق، لأنه اشتغل على إعدادها أكثر من أى رواية أخرى، وتطلب منه الأمر ثلاث سنوات من الكتابة وثلاث سنوات من البحث كى يشرع فى كتابتها، وأذكر أيضا قولا له فى مقابلة صحفية أجريت معه بعد نيله «نوبل» إنه يفضل الرواية الصغيرة: «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» عليها، رغم أنها لم تنل الكثير من الشهرة.
حين تناول المفكر والناقد الراحل محمود أمين العالم رواية «مدن الملح» لعبدالرحمن منيف خاصة فى جزئها الأول «التيه»، أتى على قول لمنيف نفسه، سمعه منه فى ندوة عن الرواية العربية استضافتها تونس فى عام 1980، مفاده أن كل ما كتبه من روايات قبل «مدن الملح» كان بمثابة تمارين تؤهله لكتابة هذه الرواية. ومع الإقرار بأن شهادة أى أديب على أدبه لها أهمية خاصة، كونها تسلط الضوء على زوايا فى هذه التجربة لا يراها النقاد ولا القراء، لكن هذه الشهادة ليست كافية وحدها للإحاطة بكل جوانب هذه التجربة، ولو أخذنا منيف مثالا فإن ما دعاه بالتمارين السابقة لـ«مدن الملح» بينها أعمال مهمة وجديرة بالوقوف أمامها.
محمود أمين العالم نفسه تناول فى دراسة له رواية منيف «شرق المتوسط» الصادرة فى عام 1975، حسب ما تيسر لنا من معلومات لا نجزم بدقتها، ولكنها سابقة لـ«مدن الملح» على كل حال، ومن سياق تلك الدراسة نقف على أهمية تلك الرواية، وهو أمر لمسه من قرءوها، ووجب التنويه إلى أن العالم جمع فى دراسته تلك بين «شرق المتوسط» ورواية «الآن هنا» لمنيف، كونهما جمعتا بين الموضوع نفسه، وهو القمع السياسى، مع ملاحظة أن «الآن هنا» صدرت مطلع التسعينيات، أى بعد «مدن الملح»، كأن منيف عاد فيها إلى «التمارين» لكن برؤية أنضج وأعمق.
التعليقات