يطرح تفجير حافلة السياح الكوريين فى طابا قضايا فقهية وفكرية وإسلامية عديدة وأهم هذه القضايا من وجهة نظرى ما يلى:
1 ـ مازال بعضنا يقدم أسوأ صورة عن الإسلام.. فيلوثون ثوبه الأبيض ويدنسون وجهه الناصع.. فالإسلام قضية عادلة يتولاها محامون فاشلون أمثال هؤلاء وغيرهم فتخسر هذه القضية باستمرار.. والإسلام تجارة رابحة يتولاها أحيانا تجار فاشلون مثل هؤلاء وأمثالهم فتخسر هذه التجارة.. ولو أنهم تركوا الإسلام وحده يدافع عن نفسه ما خسر قضية واحدة.
2 ـ لم يسأل هؤلاء أنفسهم: ما هى مشاعر الشعب الكورى نحو الإسلام والمسلمين والحركات الإسلامية بعد هذا الحادث؟.. خاصة أن جميع القتلى من المدنيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل فى كل ما يحدث فى مصر.. ولا علاقة لهم بالسياسة لا فى بلادهم ولا فى بلادنا.
3 ـ وهل يصب تفجير الأتوبيس وأمثاله من تفجير جنود الجيش والشرطة فى خانة هداية الخلق إلى الحق؟.. أم فى تنفيرهم من الإسلام وكراهيتهم للحركة الإسلامية؟!.. وهل مثل هذه التفجيرات تقرب الناس فى مصر وغيرها من الإسلام ومحبته وموالاته أم فى البعد عنه والنفور والخوف منه والانصراف عن الحركة الإسلامية؟.. وهل هو لخدمة الهداية أم لخدمة مشروع السلطة الذى لن يعود بمثل هذه التفجيرات؟
4 ـ الأصل فى كل الأنفس العصمة كما قال ابن تيمية.. ولا يزول هذا الأصل إلا بدليل أنصع من شمس النهار.. وذلك لقوله تعالى «مَن قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا».. فأطلق القرآن لفظة «نفسا» للعموم ولم يقل «مسلما» للتخصيص.
وقد قال الفقهاء قديما «الأصل عدم جواز إتلاف النفس».. سواء كانت هذه الأنفس مسلمة أو غير مسلمة.. مصرية أو غير مصرية.. متدينة أو غير متدينة.. إخوانية أو سلفية.. شرطة أو جيش.. مسلمة أو مسيحية.. عربية أو أجنبية.
5 ـ أن الجهاد فى سبيل الله فريضة عظيمة أساء إليها أبناؤها وخصومها على السواء.. فقد أساء إليها أبناؤها الذين لم يدركوا أن الجهاد كغيره من الفرائض له شروط توجيه وله موانع تمنعه.. وله أحكام تفصيلية ينبغى الالتزام بها.. وهو وسيلة وليست غاية.. وهؤلاء الذين حولوها إلى غاية أساءوا إليها.. وكذلك الذين وضعوا السيف فى غير موضعه فقاتلوا فى المكان الخطأ والزمان الخطأ وبالطريقة الخاطئة.. وقتلوا معصومى الدماء دون فقه أو علم.
ولى فصل كامل فى أحد كتبى على الرد على من يقولون ويقومون بـ«بالجهاد للجهاد أو للقتل».. فغاية الجهاد إعزاز الدين وتحرير بلاد المسلمين.. والبعض يذل الدين والمسلمين بقتاله ويفتنهم فى دينهم بذلك ويحشرهم إلى السجون حشرا دون مبرر من شرع أو دين ودون تحقيق أى غرض شرعى.
6 ـ كل السياح مع اختلاف مللهم وشعوبهم جاءوا إلى مصر بعقد أمان شرعى ملزم لكل المصريين.. ومن صور الأمان الحديثة تأشيرة الدخول وختم جواز السفر واستقدام شركات السياحة للسياح.. ودعوة الجامعات أو المستشفيات للعلماء والخبراء.
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أجاز أمان المرأة قائلا «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ».
وأجاز أمان أدنى المسلمين شأنا فى قوله «ويسعى بذمتهم أدناهم».. فأمان الدولة والشركات والمؤسسات جائز من باب أولى وينبغى الالتزام به.
7 ـ جربت الجماعة الإسلامية ضرب السياحة 7 سنوات كاملة فى التسعينيات دون جدوى.. ودون أن يحسن ذلك أحوالها أو يخفف الضغوط عنها أو يجبر الدولة على التفاوض معها.. بل زادها رهقا وعنتا وسجنا وتنكيلا.. فمتى نبدأ من حيث انتهى الآخرون لا من حيث بدأوا؟!
8 ـ إن الذى يضرب السياحة والسياح لا يضر الحكومة والحاكم فى الحقيقة كما يتصور ولكنه يضر 5 ملايين مواطن مصرى يعيشون من ريع هذا القطاع.. وسيحظى بكراهية هؤلاء الملايين وأسرهم.