هل العيب فى تراثنا؟ - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:56 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل العيب فى تراثنا؟

نشر فى : الخميس 22 ديسمبر 2016 - 9:25 م | آخر تحديث : الخميس 22 ديسمبر 2016 - 9:25 م

(تجديد الخطاب الدينى) مصطلح يدندن به كثيرون سواء من استوعب الحاجة إليه ومن ثم انطلق فى تحصيل أدواته اللازمة، أو من وجد فيه سترا ينطلق من ورائه لتمرير ما يحلو له من قيم التهتك والانسلاخ عن الدين نفسه، أو من يساير الاتجاه ليحصل شهرة وينال سُمعة... ويشبه الجدل الدائر حول هذا المصطلح المعارك الفكرية الطاحنة حول (التجديد) أو (القديم والجديد) و(التغريب والتحديث) التى دارت رحاها القرن الماضى ولم تنقض بانقضائه.

(٢)
تراث المسلمين احتوى بشكل ذاتى على آلية التصحيح والتضعيف والتنقية والتصويب... احتوى آلية الاجتهاد الصالحة للعمل فى كل زمان ومكان فليس ذنبه أن هؤلاء لم يطلعوا عليه.
التجديد الفقهى أمر حتمى بديهى عند كل من فهم الشريعة الإسلامية وتفطن إلى مقاصدها وأهدافها التى لا تحمل للبشر مشقة ولا تضيق عليهم واسعا... لكن التجديد لا يعنى بحال حرق تراثنا بحجة أن التكفيريين والمتنطعين لم يُعرفوا إلا باستدلالاتهم الفقهية التراثية.

(٣)
ما هو المنهج الذى يسعى (مدعو الثقافة) لتمريره؟ أن يحكم كل إنسان على نصوص القرآن بذائقته الشخصية مهما تنوعت الخلفيات الثقافية وتباينت أنواع العلوم والمعارف وتعددت الألسن واللهجات؟... حسنا فليكن، سنفترض ــ فقط مجرد الافتراض ــ أنّ الأمة فى مجموعها ارتضت هذا المنهج ــ إن صح أن يُوصف بذلك ــ فلماذا ننكر على (داعش) مثلا أن تطبق المنهج ذاته فى تذوقها وفهمها لآيات القرآن؟ ولماذا ننكر على داعش إن اعتمدت المنهج نفسه المتحرر من أى قواعد علمية؟
داعش أقدمت على ذلك بالفعل مع نصوص الشرع لكن بذائقة مختلفة يغلب عليها السادية وتطرف المشاعر وعنف النزعة، بحثوا عن كل آية ٍقرآنية تفسرها ذائقتهم المختلة بالدعوة إلى التخريب والهدم وحرق الأحياء فاعتمدوها شعارا... الصبى منهم لا يتجاوز العشرين من عمره لا يحفظ إلا(جئتكم بالذبح) ولم يسمع (اليوم يوم المرحمة)...القائد منهم يحرق الأسير حيا استجابة لأهواء سادية شيطانية ثم يبحث لها بعد ذلك عن دليل من الشرع وفق نفس الذائقة المضطربة... فما الفارق؟

(٤)
الشباب الذى انضم إلى صفوف «داعش» قادما من لندن وباريس وقع فريسة «التجنيد الإلكترونى» الذى استخدمه محترفون لإقناعه بأن الذبح والحرق وسلب أموال الناس بالباطل وترويع الآمنين تقرب إلى الله وجهاد فى سبيله بالآية القرءانية والحديث النبوى !.. وبالتالى فإن زعزعة القناعات الفكرية عند هؤلاء لن تأتى إلا بفكر سليم منهجى يعتمد نفس الأصول (القرآن والحديث)، ونشر الحجج القوية الواضحة المستمدة من هذين الأصلين وسط شباب قادر على هذه المواجهة الفكرية الإلكترونية.
إذا كان التكفير منطلقا من حاضنة فكرية تزعم التزاما بنصوص الوحيين الشريفين ــ وهى أبعد ما تكون عنهما ــ فلتكن المواجهة الفكرية ومقارعة الفكرة بالفكرة هى السبيل إذا، فى مساجدنا ومنتدياتنا وعلى شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد بل وحتى فى إعلانات الطرق وملصقات الجدران.