يتحالف رجلان لتعقب ثالث، والهدف «جائزة» تعد غاية تبرر وسيلة الحصول عليها، هذا ما يجسده فيلم «من أجل حفنة دولارات» ضمن ثلاثية أفلام الأسباجتى ويسترن الإيطالية التى دارت أحداثها فى الغرب الأمريكى ونالت إقبالاً وشهرة فى ستينيات القرن العشرين.
الفيلم أخرجه سير جيو ليونى، وساهم فى صنع نجومية الممثل الأمريكى كلينت إيستوود إلى جوار أبطاله: لى فان كليف وجان ماريا فولونتى ولويجى باستاللا وكلاوس كينسكى، وشهد إقبالاً جماهيريًا كبيرًا فى دور العرض حول العالم، ربما حتى منتصف السبعينيات، على الرغم من أن إنتاجه يعود إلى عام 1965.
لا أعرف لماذا استدعت ذاكرتى هذا الفيلم الحافل بالصراع من أجل الفوز بالجائزة بشتى الطرق، وأنا أتابع انتخابات نقابة الصحفيين التى تأجلت للمرة الثانية لعدم اكتمال النصاب، ويتوقع تأجيلها للمرة الثالثة قبل حضور ربع أعضاء الجمعية العمومية ممن يحق لهم التصويت يوم الجمعة 2 مايو المقبل، حسب اتفاق «جنتلمان» بين المرشحين تخفيفا على الناخبين فى شهر رمضان، والجمعة العظيمة عند الإخوة المسيحيين فى 18 إبريل.
وفى كل انتخابات تجديد نصفى، يتم كل عامين، على مقعد النقيب و6 من أعضاء المجلس، تتسم المعركة الانتخابية بسمات خاصة، وملمح يميزها، عادة، عن سابقتها أو تلك التى تليها، وهذه المرة يمكن أن نسميها انتخابات "الروابط والشُعب" بعد أن برزت على السطح العديد من التجمعات الصحفية، التى يطارد السادة المرشحون أصحابها لكسب ودهم، ونيل ثقتهم ورضاهم.
وأمام السيل المنهمر من كل حدب وصوب، وظهور روابط بأسماء محافظات بعينها، ومسارعة السادة المرشحين إلى زيارة هؤلاء والإفطار على مائدة أولئك، وتقديم الوعود وتبادل العهود، يصبح الخوف كل الخوف من «تفتيت» وحدة الجماعة، التى طالما رفعت شعار «عاشت وحدة الصحفيين».
السعى للحصول على حفنة أصوات ربما تكون «الجائزة الكبرى» والمقعد الوثير فى واحدة من أعرق النقابات المهنية، وأكثرها فعالية ونشاطا، ربما يغرى الزملاء المرشحين على تجاهل العديد من التقاليد النقابية التى تحفظ وقار المرشح، وتقدير الناخب، عبر أساليب دعائية متعارف عليها لم يكن من بينها هذا التشجيع الكبير لظاهرة «الروابط» التى يخشى معها تحول الانتخابات فى مقبل الأيام إلى معارك جهوية، وعصبيات جغرافية!
لا يجوز أن تتحول انتخابات الصحفيين إلى باب تطل منه العصبيات، ولا يجب أن تصبح النقابة فناء للتنافس الذى يبتعد عن قاعدة «التنوع» فى إطار وحدة الجماعة الصحفية، وفى تقديرى فإن التوسع فى مثل هذه الروابط، التى لا نعرف لغالبيتها قاعدة عمل أو لائحة انضباط، خطر يجب الانتباه إليه ومنع سلبياته فى المستقبل.
الحصول على «حفنة من الأصوات» لا يجب أن يجعلنا نغفل الهدف من الانتخابات التى تمنح الجماعة الصحفية فرصة اختيار الأفضل لتولى قيادتها، وليس من تتحكم فيهم «روابط» قد تتسلل إليها الأهواء وتغيب عنها القيم النقابية، وبما يحيد عن الطريق المستقيمة للحفاظ على وحدة النقابة، وجعل انتخاباتها ساحة لمناقشة المشكلات والتحديات التى تواجه الصحفيين وفى مقدمتها تدنى الأجور، وتواضع الخدمة العلاجية، جنبا إلى جنب سقف الحرية المنخفض.
الروابط الجهوية التى تحمل أسماء محافظات فى الدلتا والصعيد ربما يجد فيها بعض المرشحين ضالتهم فى كسب معركتهم، لكنها أبدا لن تكون فى صالح الجماعة الصحفية، عندما ينفض «مولد» الانتخابات ونجد أنفسنا أمام أعضاء يدينون بالولاء للروابط التى أتت بهم أكثر من الجمعية العمومية.. ويجب أن نعلم جميعا أن وحدة الجماعة الصحفية، فقط، هى العاصم عند كل خطر أو منزلق.