حول تفجير كنيسة مار إلياس - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 25 يونيو 2025 1:27 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

حول تفجير كنيسة مار إلياس

نشر فى : الثلاثاء 24 يونيو 2025 - 6:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 24 يونيو 2025 - 6:50 م

 

أدانت الدول العربية والأجنبية الحادث الإرهابى الذى وقع فى كنيسة مار إلياس فى قلب دمشق، وأودى بحياة نحو خمسة وعشرين شخصًا، وخلف عشرات الجرحى والمصابين فضلًا عن تدمير الكنيسة التى لها مكانة رمزية مهمة. نفذ الحادث شخص أطلق النار على المصلين الذين اكتظت بهم الكنيسة يوم الأحد، ثم فجر نفسه.

فى غضون أقل من ساعة أعلنت الحكومة السورية أن منفذ الحادث ينتمى إلى تنظيم داعش الإرهابى، وهو ما آثار استغراب كثيرين، من بينهم مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان رامى عبدالرحمن، الذى حذر من إمكانية حدوث المزيد من الأعمال الإرهابية، خصوصًا أن الكثير من الأشخاص المتطرفين موجودين فى المدن، منهم من ينتمى إلى تنظيم داعش ومنهم من هم على علاقة بهيئة تحرير الشام، لافتًا إلى أن بعض جدران الكنائس كتبت عليها عبارات تهديد للمسيحيين.

وتساءل: كيف أن الدولة التى لا تعرف حتى الآن من المسئول عن المجازر التى ارتكبت بحق العلويين، تعرف خلفية منفذ الهجوم على كنيسة مار إلياس خلال أقل من نصف ساعة؟

هناك عدة اعتبارات فى هذا الحادث

أولًا، أن المسيحيين يشكون من تمييز يمارس حيالهم، وصدرت أصوات من الكنيسة تشير إلى أن ما يوصف بأنه حالات فردية يعبر فى الواقع عن حالة مؤسسية من التمييز يعانون منها، وأن السلطة الحالية لا تحمى مواطنيها.

ثانيا، إن الإشكالية ليست فى وقوع حادث إرهابى قد يحدث فى أى مكان، لكن فى ضرورة وجود سلطة وطنية، مهنية ومحايدة، تفحص وتحقق وتتعقب الجناة، وهو ما تفتقر إليه سوريا الآن بعد أن تحولت الأجهزة الأمنية بها إلى تشكيلات جهادية فى ثوب حكومى. وهل الخلفية الأيديولوجية لهذه التشكيلات تختلف فى نظرتها للمسيحيين عن تنظيم داعش الذى سارعت السلطة إلى اتهامه؟ هنا يوجد اختلاف جوهرى بين حادث الكنيسة البطرسية فى مصر، وحادث كنيسة مار إلياس فى دمشق، كلاهما وقع نتيجة تفجير انتحارى، وأوقعا ضحايا وسببا دمارًا، لكن فى مصر كانت هناك سلطة دولة القانون المهنية التى تواجه الإرهاب، وهو ما تفتقر إليه سوريا اليوم.

ثالثًا، هناك علامات استفهام أساسية تحيط بالحادث منها أن تنظيم داعش لم يعلن مسئوليته عن تلك الجريمة البشعة حتى الآن، ومن أدرانا أن مرتكبها داعشى؟ ولماذا لا يكون عضوًا فى تنظيمات جهادية تنازع سلطة أحمد الشرع رغم أنها كانت ولا تزال منضوية رسميًا تحت جناحه؟ ولماذا لا يكون الأمر تسويقًا للنظام تحت لافتة محاربة الإرهاب، ما دام أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أعلن قبوله له، بل طلب منه محاربة داعش؟ وهل فى ظل حالة السيولة الجهادية، والتداخل بين عناصرها يمكن تحديد الفروق القاطعة بين تشكيلاتها؟ وهل المطلوب هو قبول جهادية مهذبة فى وجه جهادية إرهابية، وهو تكتيك اختبرناه فى المنطقة العربية فى ظل التنافس على السلطة بين الفصائل التى تنتمى إلى الأيديولوجية الدينية. وإذا كانت بالفعل أجهزة الأمن استطاعت ضبط المتورطين فى العملية، وبحوذتهم أسلحة ومتفجرات، فهل سيكون ذلك مقدمة لإعلان الحرب على الإرهاب، ومواجهة الفكر المتطرف بوجه عام وليس الإرهاب المسلح؟

أخشى أن يتحول المسيحيون وغيرهم من أبناء الأقليات إلى رهائن ليس فقط فى علاقة السلطة مع العالم الخارجى الذى يضع حماية الأقليات شرطًا أساسيا لتعامله مع نظام الشرع، لكن أيضًا فى علاقة التنظيمات الجهادية نفسها التى تتنازع على المكاسب والنفوذ على الساحة السورية. ولعل ذلك كان فى خلفية البطريرك يوحنا العاشر بطريرك الروم الأرثوذكس، كنيسة الشام التاريخية، عندما تحدث بشجاعة عن مواطنة المسيحيين فى الأيام الأولى لاستيلاء التنظيمات الجهادية المسلحة على دمشق، مؤكدًا أنهم ليسوا رعايا ولا ذميين بل مواطنين شركاء الوطن والمصير المشترك مع أشقائهم المسلمين.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات