لم يقم أحد بعمل أى مراجعة حقيقية لما فعله كتاب السيناريو بقصص الأفلام فى السينما المصرية مثل، قصة فيلم «وكان الحب» إخراج حلمى رفلة التى سبق أن رأيناها بشكل رسمى قرابة أربع مرات فى السينما فى فترات متقاربة، والمقصود بالصفة الرسمية التشابه الواضح جدا بين مصائر الأختين فى الأفلام الأربعة، مع الاعتراف أن فيلما واحدا منهم لم ينته بوفاة الأخت الخائنة، الفيلم الأول هو «ارحم حبى» إخراج بركات 1959، والفيلم الرابع هو «وكان الحب» 1974 إخراج وحوار حلمى رفلة، أما القصة والسيناريو فلكل من فيصل ندا، وسيف الدين شوكت، وعندما تقول سيف الدين شوكت وتضع اسمه على الفيلم ككاتب سيناريو أو حوار، أو منتج فلابد أن تبحث عن اسم المصدر الأجنبى للفيلم، وهذان الفيلمان هما نسخة كاربونية من فيلم، أو رواية ما زلنا نبحث عن الاسم، أما الفيلم الثالث «فضيحة فى الزمالك 1959، إخراج نيازى مصطفى، وفيه المشهد الشهير الذى تلبس الأخت الخائنة حذاء أختها وهى تشارك فى القتل، ويكون ذلك سببا فى توجيه الاتهام بقتل العشيق إلى الأخت البريئة، أما الفيلم الرابع فهو أكثر رومانسية باسم «من غير ميعاد» إخراج أحمد ضياء الدين عام 1963
ثلاثة من هذه الأفلام شاركت فى بطولتها مريم فخر الدين خاصة فى دور البنت البريئة، أما فى «وكان الحب»، فهى الأم، للفتاتين، وهنا أيضا عماد حمدى الذى تبدل دوره من الطبيب العاشق فى «ارحم حبى»، إلى والد سحر وليلى فى الفيلم الثانى.
كان هناك حوار دائم مع صديق ناقد حول من هى البطلة الحقيقية لفيلم «ارحم حبى»، هل هى المطربة شادية التى قامت بدور الأخت الكبرى التى تستولى على جميع ممتلكات أختها الصغرى الشخصية خاصة الرجال، فى حياة كل منهما، فليلى تتفنن فى إلقاء الشباك على الشباب من الأثرياء، ولها أكثر من علاقة سابقة وحتى تنتبه إلى الدكتور مراد فترمى بشباكها عليه، وبعد أن تصطدم فى علاقة جديدة تتزوج من مراد وفيما بعد تخونه، وتموت فى ظروف مأساوية.
بالطبع فإن للفنانة شادية مكانة لدى الناس أقرب إليهم من مريم فخر الدين، لكن فى فيلم «ارحم حبى» فإن البطولة للشخصية التى تجسدها مريم الأخت الكبرى، فهى البنت العاقلة التى تتلقى الصدمات العاطفية من أختها، وهى التى تضحى بسمعتها، فتنسب إلى نفسها تهمة أن هناك علاقة مع عشيق أختها، إلا أن الأخت تعترف بالحقيقة قبل أن تموت، طبيعة الدور لا تجعل من صاحبته هى البطلة، حتى وإن غنت شادية الكثير من أغنياتها الشهيرة مثل «خطاب الكتير وقالوا لى تستاهلى الدهب واللولى»، لكن نبيلة عبيد ليست مطربة وليست شادية قد اعتدلت الأمور فى فيلم «وكان الحب»، فالبطلة الأساسية هى سحر التى جسدتها شمس البارودى، التى تزوجت من حسن يوسف فتخلت عن تمثيل المشاهد الجريئة، ومارست نبيلة عبيد دورها فى الإغراء، فقد كانت فى أجمل حالاتها كأنثى فى تلك الفترة، وبدت فاتنة على الشاطئ بملابس البحر أكثر من مرة، أو فى الفراش تستعرض مفاتنها، الجدير بالذكر أن الأفلام الثلاثة تدور على شاطئ البحر فى الإسكندرية فى فيلا يمتلكها الأب، وتلجأ الأسرة إلى تأجير غرفة من الفيلا لشخص غريب مثلما يحدث فى مدن العالم، ويأتى شخص للسكن ومعه أمه، ويكون له شأن فى مصير الأسرة، وشاهدنا الحكاية نفسها فى فيلم «وفاء إلى الأبد» الذى قام ببطولته أيضا عماد حمدى فى تلك الفترة، وباعتبار أننا فى فيلم ملون، تدور أحداثه فى الإسكندرية فلابد من الاستفادة من المشاهد الخلفية، واختار الفيلم تقريبا نفس فيلا شارع الكورنيش فى أفلام «من غير ميعاد»، و«وكان الحب» التى تقع على الشاطئ فى الرمل، وهى المناطق التى زرعت فيها الفنادق فى العقود الأخيرة فتغير المشهد تماما.
الموضوع يعجب المشاهدين، اختان جميلتان، لكل منهما طبيعة مختلفة وفى مدينة ساحلية يلقبونها بعروس البحر، والأخت ليلى بالغة التطرف فيم تفعل، عكس أختها شديدة التعقل، والفيلم حالة من دوائر الحب الملتفة حول بعضها، فالدكتور مراد يحب سحر، ويتزوج ليلى، والدكتور مجدى يرمى شباكه على سحر فلما تستعصى عليه يغرى أختها إلى الخيانة، وهى فى الوقت نفسه متزوجة من زميله الطبيب، والأستاذ درويش الرسام يحب ليلى من طرف واحد حتى إذا أحست به ووافقت على الزواج منه تراجعت فى موقفها، وما يلبث مراد أن يلحق بها عند الشاطئ.
أطرف ما فى الفيلم أننا فوجئنا بالمخرج حلمى رفلة يؤدى دور الرجل المتقدم فى السن الذى ينتظر السفر، ويحمل وردة يعرضها على سحر من وقت لآخر بما يؤكد أنه هائم صبابة، ما يؤكد أنه كان صالحا لعمل الأفلام الخفيفة التى قدمها بشكل خاص فى الخمسينيات، وقد قدم لنبيلة عبيد العديد من الأفلام الكوميدية الخفيفة، وهنا تبدو نبيلة عبيد كوجه وجسد منشود فى سينما السبعينيات، وفى زمن الجونلة القصيرة، ويتشابه دور شادية فى «ارحم حبى» مع دور نبيلة عبيد، التى جسدت دور المرأة الخائنة مرات عديدة، ودورها هنا علامة فارقة فى مسيرتها، لكنها الفتاة الحلوة المطلوبة، تدفع حياتها ثمنا للحياة، وقد خفف الفيلم من مشهد الخيانة الذى أدى إلى وفاة ليلى، وكان فيلم بركات قد امتلأ بالتفصيلات المأساوية حول الزوج فى خيانة زوجته، وقد وقف الزوج أمام ليلى، أخت زوجته يعاتبها على ما فعلته بالتستر على الخيانة، وأنها نسبت إلى نفسها أنها كانت فى شقة الدكتور مجدى، أما الفيلم الجديد فإن أداء حسن يوسف ما كان يسعفه أن يؤديه، وربما لهذا السبب تم إلغاء هذا المشهد البالغ الحمية، وهناك قرابة خمسة عشر عاما بين إنتاج الفيلمين، لكن الفيلم الأقدم كان مليئا بنجوم تلك الحقبة، نحن نعرف أن شادية وحدها كفيل وجودها إلى نجاح الفيلم لكن الغريب أنها جسدت فى هذه المرة دور المرأة الخائنة أكثر من مرة مثل دورها فى «لا تذكرينى»، و«لوعة الحب» وغيرها.