التجويع على حدود مصر! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الإثنين 28 يوليه 2025 5:27 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

التجويع على حدود مصر!

نشر فى : الجمعة 25 يوليه 2025 - 9:35 م | آخر تحديث : الجمعة 25 يوليه 2025 - 9:35 م

 

مشاهد التجويع والقتل التى يتعرض لها أهل غزة على يد آلة الدمار الصهيونية، ترسم بدقة ملامح صورة هى الأكثر سوداوية ومأساوية فى العصر الحديث، حيث يُباد شعب عربى يوميًا بالقنابل والحصار، وسط صمت دولى مهين، وسقوط أخلاقى مخز للضمير الإنسانى العالمى، وكأن من يتم تجويعهم وذبحهم ليس لهم حق فى الحياة مثل أى شعب آخر فى هذا العالم.

واقع صادم للغاية، يضاعف من حجم وقوة تأثيره وتداعياته السلبية الهائلة على الفلسطينيين فى غزة، ذلك الصمت العربى على ما يحدث لـ«أولى القربى»، الذين لا يجدون ما يسد رمقهم أو يروى عطشهم أو يحميهم من الإبادة الجماعية التى يتعرضون لها منذ ما يقرب من العامين.

التقارير الدولية عن الأوضاع الإنسانية فى غزة، تدق يوميًا ناقوس الخطر وتدمى القلوب، حيث أشار برنامج الغذاء العالمى إلى أن «ثلث سكان القطاع لم يتمكنوا من تناول الطعام لأيام متتالية، بينما يعيش ربعهم فى ظروف تُشبه المجاعة، الأمر الذى يزيد من هشاشة الوضع الصحى والنفسى للأطفال ويدفعهم إلى حافة الخطر».

أما منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) فذكرت أن الجوع فى غزة بات «واقعًا مروّعًا» يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال، مشيرة إلى أن أكثر من 70 ألف طفل فى القطاع يعانون من سوء تغذية حاد، بينما شُخّص أكثر من 5 آلاف طفل دون سن الخامسة رسميًا بهذه الحالة خلال شهر مايو الماضى وحده.

من جهته، قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) ينس لاركه، إن هناك حاجة ماسة إلى إيصال الغذاء للفلسطينيين فى غزة، لكنهم يتلقون القنابل.. يحتاجون إلى الماء.. ويتلقون القنابل.. يحتاجون إلى الرعاية الصحية.. ويتلقون القنابل».

وسط هذا الواقع المرير والتجويع الممنهج الذى يفتك بالأبرياء فى غزة، نجد للأسف من يحاول تغيير البوصلة وتشتيت الانتباه عن المجرم الحقيقى المتسبب فى الكارثة الإنسانية التى حلت بالفلسطينيين، وهو الكيان الصهيونى النازى، عبر ترديد اتهامات غير حقيقية بمساهمة مصر فى حصار القطاع وإغلاق معبر رفح ومنع دخول المساعدات المتكدسة فى المخازن بمختلف مدن سيناء.

البيان الذى أصدرته الخارجية المصرية يوم الخميس الماضى، استنكر بشدة هذه «الاتهامات غير المبررة التى ترددها بعض القوى والتنظيمات التى تستهدف تشويه الدور المصرى الداعم للقضية الفلسطينية»، مؤكدًا أن هذه الادعاءات غير الصحيحة «تتناقض فى محتواها مع الموقف بل ومع المصالح المصرية وتتجاهل الدور الذى قامت وما زالت تقوم به مصر منذ بدء العدوان الإسرائيلى على القطاع، سواء فيما يتعلق بالجهود من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، أو من خلال عمليات الإغاثة وتوفير وإدخال المساعدات الإنسانية التى قادتها مصر عبر معبر رفح، أو جهود الإعداد والترويج لخطة إعادة إعمار القطاع التى تم اعتمادها عربيا وتأييدها من عدد من الأطراف الدولية».

هل من مصلحة مصر المساهمة فى تجويع الفلسطينيين على حدودها؟ بالتأكيد لا.. فبقاء الشعب الفلسطينى على أرضه آمنًا مستقرًا يجد ما يسد رمقه، يجهض المخطط الذى يحاول الكيان الصهيونى تنفيذه بكل الطرق والوسائل منذ بدء العدوان قبل عشرين شهرًا، ونعنى بذلك تهجيره إلى مصر، وإنهاء القضية الفلسطينية من جذورها إلى الأبد.

يجب على الجميع الحذر التام من إلقاء الاتهامات جزافًا صوب مصر، التى لا تستطيع وحدها فك كرب الفلسطينيين، وإذا لم يكن هناك تحرك عربى ودولى حقيقى وداعم ومساند، يتم من خلاله استخدام كل أوراق الضغط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية لوقف حرب الإبادة، فإن هذا الواقع الصادم غير الإنسانى سوف يستمر على حساب دماء الفلسطينيين وقضيتهم العادلة فى دولة مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام ١٩٦٧.

ينبغى على الدول العربية التحرر من حالة الصمت واللامبالاة والتفكير فى الذات، والعمل جديًا بشكل سريع على مساعدة الشعب الفلسطينى وعدم تركه بمفرده فى مواجهة هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية، لأن هذا الأمر يفتح شهية الكيان الصهيونى المدعوم أمريكيًا وغربيًا للتمدد والتوسع أكثر فى المنطقة وإشعال الإقليم بالحروب التى ستصيب شظاياها الجميع بلا استثناء.

التعليقات