‫الإيجار القديم.. والإخلاء المر! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 5 يوليه 2025 12:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

‫الإيجار القديم.. والإخلاء المر!

نشر فى : الجمعة 4 يوليه 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 4 يوليه 2025 - 7:20 م

استبشر الكثيرون خيرا من انتفاضة أعضاء مجلس النواب ضد تعديلات مشروع قانون الإيجار القديم، وإصرارهم على تغيير بعض نصوص مواده حماية لحقوق قطاع عريض من المواطنين، إلا أنه لم تمر سوى ٢٤ ساعة فقط على هذه الانتفاضة، حتى اجتاز مشروع القانون عتبة المجلس بالموافقة النهائية.

فسر البعض ما حدث داخل قاعة المجلس، وهذه الانتفاضة غير المعهودة من قبل النواب المؤيدين أو المعارضين لسياسات الحكومة، والتى أثلجت كلماتهم ومطالبهم بل وانتقاداتهم العنيفة صدور الجميع، بأن هذا القانون يحمل فى طياته قنابل موقوتة وألغامًا تهدد السلم والاستقرار الاجتماعى، جراء تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، والتى تعنى بشكل مباشر وصريح إخلاء ملايين المواطنين من المنازل التى تأويهم بعد سبع سنين فقط من دون مراعاة لظروفهم الاقتصادية وأحوالهم المعيشية الصعبة، والتى ازدادت قسوة خلال الفترة الماضية.

فوفقا لنص المادة الثانية من قانون الإيجار القديم، الذى تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب، فإنه: «تنتهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وتنتهى عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل به، وذلك كله ما لم يتم التراضى على الإنهاء قبل ذلك».

البعض الآخر فسر تلك الانتفاضة بخشية النواب من العودة إلى دوائرهم الانتخابية طلبا لأصوات أبنائها فى الاستحقاق النيابى المقبل، لاسيما وأن الفصل التشريعى الخامس والأخير للمجلس الحالى قارب على الانتهاء، وهو ما يضعهم فى موقف صعب ومأزق حقيقى هم فى غنى عنه، فكيف سيواجهون الناس فى الشارع بعدما قصروا فى الدفاع عن مصالحهم وحماية حقوقهم المشروعة؟

هناك وجهة نظر ثالثة، ترى أن الكثير من النواب الذين تكونت لديهم بالفعل قناعة تامة بخطورة مثل هذا القانون على السلم الاجتماعى بالبلاد فى ظل غياب بيانات رسمية دقيقة حول البدائل المتاحة للفئات المتأثرة من تطبيقه، يعتقدون أن القانون المقدم من الحكومة للبرلمان، تجاوز بالفعل حكم المحكمة الدستورية المتعلق بالإيجار القديم، الصادر فى نوفمبر من العام الماضى، والذى لم يأت مطلقا على ذكر إخلاء السكان من منازلهم، لكنه أقر بجواز رفع القيمة الإيجارية بشكل تدريجى، حفاظا على حق الملاك وعدم استمرار الضرر فى العلاقة الإيجارية بين الطرفين.

هذا الأمر ظهر بوضوح تام خلال جلسة الأربعاء الماضى، التى تم فيها تمرير القانون، حيث تمسكت الحكومة بالمشروع المقدم من طرفها، وأبدت رفضا قاطعا لكل المحاولات والطلبات والضغوط التى مارسها النواب من أجل إقناعها بحذف أو تعديل المادة الثانية من القانون، والتى تحرر العلاقة الإيجارية، حرصا على الصالح العام وتحقيقا للرضا الشعبى؛ حيث قالت على لسان المستشار محمود فوزى، وزير الشئون القانونية والنيابية والتواصل السياسى، خلال الجلسة إن «فلسفة القانون تستند إلى الالتزام بحكم المحكمة الدستورية العليا»، مضيفا أن «المادة الثانية جوهرية ولا يمكن التخلى عنها، وتعبر عن توجه الحكومة نحو إعادة العلاقة الإيجارية إلى أصلها العام، بعد فترات طويلة من الصيغ الاستثنائية التى حكمت هذه العلاقة».

على أى حال، تم تمرير القانون بأغلبية كبيرة ومريحة، وانتهت على الفور «انتفاضة اليوم الواحد» للنواب.. وعاد المؤيدون منهم إلى أماكنهم المعهودة ورفعوا أيديهم بالموافقة، بينما لاذ المعارضون بالانسحاب بعد تسجيل اعتراضهم واحتجاجهم وتحذيرهم من التداعيات السلبية للقانون على شريحة واسعة من الشعب، ستجد نفسها بعد سنوات قليلة فى العراء، وأصبحنا الآن أمام واقع جديد ومختلف يحمل فى طياته تحديات خطيرة للغاية، ما لم يحدث فى اللحظات الأخيرة، تدخل رئاسى حاسم لا يزال يراهن عليه الكثيرون، ويتمثل فى رفض الرئيس التوقيع على القانون قبل نشره فى الجريدة الرسمية، ومن ثم إعادته مرة أخرى إلى البرلمان، ليبدأ مجددا فى مناقشته ومعالجة المخاوف المتعلقة بالمادة الثانية منه، والبحث عن حلول توافقية تحقق التوازن المطلوب والعدل المنشود لطرفى العلاقة الإيجارية، وتحافظ فى الوقت نفسه على استقرار المجتمع من أى هزات عنيفة قد تحدث جراء الإخلاء الصعب والمر لملايين المواطنين من منازلهم.

التعليقات