قواعد ترامب الأربعون للبقاء فى البيت الأبيض - جميل مطر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قواعد ترامب الأربعون للبقاء فى البيت الأبيض

نشر فى : الأربعاء 26 أغسطس 2020 - 9:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 26 أغسطس 2020 - 9:10 م

يبدو دونالد ترامب خلال الأيام الأخيرة زعيما يعرف كيف يخفى الإصابات والأوجاع الناجمة عن أزمات وتطورات غير مناسبة لما يرغب فى تحقيقه. فى الوقت نفسه يبدو واثقا، وإن بجهد وقدرة فائقة، أنه استطاع أن يجمع من إمكانات القوة والنفوذ والاتصالات والمال ما يجعله أو يجب أن يجعله مطمئنا إلى أنه ليس بعيدا عن الفوز، بل لعله أقرب إلى هذا الفوز مما كان عليه فى الفترة المماثلة من المرحلة السابقة على الانتخابات الرئاسية الماضية.
من جانبى، وهو جانب هام فى الموضوع، أشعر أن حماستى لمتابعة هذه الانتخابات لم تفتر. كنت باستمرار واضحا ومبررا هذه الحماسة بمنطق بسيط. أنا المواطن من مصر أعتقد أن لا رئيس لأى دولة فى العالم، طبعا باستثناء الرئيس المصرى، أشعر تجاهه بأنه يؤثر فى حياتى السياسية والاقتصادية بل والشخصية مثلما يؤثر أحيانا رؤساء أمريكيون، ومثلما أثر بالتأكيد هذا الرئيس، المدعو دونالد ترامب. أشعر وأعرف أن كثيرا من الملمات التى أصابتنى كانت من تداعيات مباشرة لأفعالهم، أو من تداعيات غير مباشرة. لن أنكر على كل حال أن بعض السعادة، تسربت إلى حيث أكون، فعشتها. عشت تداعيات الفوضى التى أطلقها من أقفاصها الحديدية بإعلانه أنه سوف يواصل سياسة خلفه الرئيس باراك أوباما، سياسة الانسحاب من الشرق الأوسط. كان الأمل أن بانسحابه ننفرد أهل الإقليم ببعضنا فنستقر على رأى موحد ونعيد لملمة أجزاء حضارتنا وطموحاتنا، وهى بالقياس متواضعة. حتى الفوضى لم يتركونا ننعم بها، أو انغمسنا فيها ثم عدنا فوجدنا آخرون سبقونا إلى المكان.
***
اقترب موعد إجراء الانتخابات. اقترب الموعد وسط مفاجآت وتطورات لم يتوقعها أى منا فى أيام مماثلة قبل أربع سنوات. أنا شخصيا أفتقد المهرجان حيث كانت تجرى طقوس اختيار مرشح الحزب. أفتقده لأنه يكشف بدون خجل عن قدر من الوثنية ما زال يكسب السياسة الداخلية فى أمريكا ألوانا محببة للبعض ومقززة لبعض آخر. هذه الوثنية وجدناها فى كثير من ممارسات الرئيس ترامب خلال فترة حكمه. لا أخفى أننى كثيرا ما حكمت على فساد الحكم وتناثره فى مختلف دوائر إدارته بأنه نوع من العلاقات الوثنية التى ربطت بين أصنام وعبدتها. بل لعلنى فى أكثر من حوار حول الديمقراطية كما يراها بعض القريبين من الحزب الجمهورى لم أخف خوفى على مصير القوة الرخوة التى جذبتنا لأمريكا لو استمرت الأدوات الترامبوية فى ممارسة العشق المفضوح بالفساد والديمقراطية الزائفة. لم أخطئ أو هكذا يروح ظنى. فمن ثنايا الشقوق فى جدار الغرب تخرج أصوات غاضبة أو عاتبة تحمل هذا العشق وهذا العهد تحديدا مسئولية فى مسلسل انحدار الغرب أيديولوجية وثقافة وحضارة.
***
يثق كثيرون فى أن فرص الرئيس ترامب فى الفوز تناقصت ومستمر تناقصها. وعلى الجانب الآخر يثق عدد متساوٍ أو يكاد يتساوى فى أن فرص فوز المرشح الديمقراطى جو بايدين ازدادت ومستمرة الزيادة. يجرى هذا السباق بين الفرص فى جو يهيمن عليه احتمال خبيث، وهو أن يستخدم الرئيس ترامب سلطاته عند اللزوم لوقف السباق وإعلان نتيجة مزورة وفرض أمر واقع ليس فقط على أمريكا والأمريكيين ولكن أيضا على العالم والبشر أجمعين. يذهب محللون إلى أن الرئيس ترامب قد لا يلجأ لهذه الخطوة الدراماتيكية فلديه كما يعرف العارفون والأقربون عشرات الخيارات وعديد الدروب ليسلكها إن أراد الوصول إلى هدفه بخسائر أقل وثمن غير باهظ. فيما يلى نماذج خيارات ودروب يتحدثون بها:
أولا: إن نسينا كثيرا من مصادر قوة دونالد ترامب فلن ننسى هذا الرصيد الهائل من العلاقات التى أقامها ترامب مع عشرات السياسيين وصانعى القرار فى عديد الدول والشركات الكبرى. كان صريحا فى حملته الانتخابية قبل أربعة أعوام عندما حذرنا كمواطنين فى بلده أو فى خارجها مستفيدين أو متضررين من أنه سوف يتعامل مع جميع الشعوب والدول كما يتعامل مع زبائن ساعين إلى عقد صفقات. وليتأكد من أننا فهمنا الدرس قرر علينا كتابا يحمل اسمه حول هذا الأسلوب فى حكم بلاده والعالم، وظل على امتداد السنوات الأربع يمتحننا ويختبر قدراتنا فى تطوير أسلوبه لخدمة منافع مشتركة. أتصور أن المرحلة الأخيرة من حملته الانتخابية سوف تشهد سباقا منفردا فى هذا المجال إذ لن يتحصل جو بايدين وزميلته كاملا هاريس على إمكانات مناسبة للدخول متسابقا ثانيا فى سباق صفقات على هذا المستوى. هنا يتفوق الرئيس ترامب. سوف تظهر فى اللحظات الأخيرة فرص لصفقات لم يحلم رئيس أمريكى سابق بعقد مثيلاتها.
***
ثانيا؛ كنا حتى أيام قريبة نراهن على فوز مطلق وحاسم للرئيس ترامب ونائبه فى انتخابات نوفمبر القادم. لم يتغير الرهان إنما لم نعد نرى الفوز به للرئيس ترامب ونائبه مطلقا أو حاسما. اعتدنا سابقا أن نراهن بفوز مطلق مستندين إلى عناصر لم يخطر على الظن أن تتغير. كان الظن أن يحتفظ اليمين الأمريكى بهيمنته على مختلف ساحات الحكم والإعلام على حساب قوى اليسار. تغير وجه الساحة الأمريكية فى الشهور الأخيرة. انحسر اليمين وصعد اليسار. كذلك لم يخطر على أذهان المراقبين أن يقع حادث قتل جون فلويد تحت ركبة ضابط شرطة أبيض فتشتعل الساحات الاجتماعية، ويشمر اليسار المعتدل فى الكونجرس والإعلام والمجتمع المدنى بوجه عام عن ساعديه فى مواجهة يعتقد اليسار أن استحقاقها طال. فى الوقت نفسه ارتكب الرئيس عدة أخطاء جلبت عليه وعلى الساحة السياسية تداعيات شقاق أيديولوجى وعنصرى كان مؤجلا أو مكتوما. رأينا الكورونا أيضا تلعب وتؤثر وتساهم فى رسم خريطة اجتماعية جديدة فى أمريكا.
***
ثالثا: بالرغم من بيانات الإنكار الرسمية الصادرة عن حكومتى الصين وروسيا لم ينحسر الشك فى أن التدخل الالكترونى للتأثير فى مجريات الحملة الرئاسية فى الولايات المتحدة سوف يتكرر. بل كانت هناك اجتهادات استخباراتية تتوقع كثافة أشد وأساليب أكثر تنوعا. المهم ساد الانطباع أن موسكو وبكين لن تتخليا بالرضا والبساطة عن الرئيس ترامب، وأنهما سوف يردان الجميل. وبالفعل يجوز القول بأن الدولتين لم تذهبا إلى بعيد فى اتخاذ أو تنفيذ إجراءات أملتها ظروف حرب شبه باردة أو حروب تجارية مصغرة لزوم الاستجابة لتغيرات فى توازنات القوة الدولية، تغيرات ترفض أن ترقى إلى مستوى تهديد السلم والأمن الدوليين ومكانة أمريكا المتراجعة فى صدارة القوى القائدة.
***
رابعا: تجرى الانتخابات والرئيس ترامب فى السلطة. يستطيع الرئيس أن يعلن حال طوارئ ويفرض الأحكام العرفية. يستطيع دعوة الجيش للنزول إلى الشوارع. يستطيع إعلان الحرب على إيران وإعلان التعبئة. يستطيع فى النهاية أن يؤجل إعلان النتائج.
***
لن تكون هادئة ولا مملة الشهور من أكتوبر وحتى يناير، ولكنها فى كل الأحوال ستكون باهظة التكلفة وعميقة التأثير فى داخل الولايات المتحدة ودول عديدة. شعوب كثيرة سوف تدفع جانبا من فاتورة هذه الانتخابات، نحن منها. دفعنا وندفع وسوف ندفع. دول عديدة سوف تقضى وقتها ووقت جيرانها تبحث عن مكانة ودور وعن استقرار وأمن. عالم بأسره كان على وعد ببوصلة تعوضه عن الفوضى، وهو فى الانتظار.
الاقتباس
لعلنى فى أكثر من حوار حول الديمقراطية كما يراها بعض القريبين من الحزب الجمهورى لم أخف خوفى على مصير القوة الرخوة التى جذبتنا لأمريكا لو استمرت الأدوات الترامبوية فى ممارسة العشق المفضوح بالفساد والديمقراطية الزائفة.

جميل مطر كاتب ومحلل سياسي