الذئاب المنفردة: هويات غير المنتمين للإرهابيين - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:29 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الذئاب المنفردة: هويات غير المنتمين للإرهابيين

نشر فى : الإثنين 26 ديسمبر 2016 - 10:15 م | آخر تحديث : الإثنين 26 ديسمبر 2016 - 10:15 م
نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مقالا لـ«سيف الهرمزى» المتخصص بالعلوم السياسية حول الإرهابيين ومصطلح الذئاب المنفردة الذى بات يطلق عليهم والكيفية التى يتم بها استقطابهم وما يساعدهم على الانجراف فى مثل هذه التيارات المتطرفة.
يستهل الكاتب بأن اصطلاح «الذئاب المنفردة» ظهر بصورته الجلية فى وسائل الإعلام والأوساط السياسية الغربية، وهو نسبيا مفهوم جديد الإطلاق فى علم السياسة وطور الولوج فى هذا الحقل المتغير، وهو فى طريقه إلى القواميس والمعاجم المتعلقة بحقل العلاقات الدولية. وإذا ما عدنا إلى جذور كلمة الذئاب فإن الذئاب هى تلك الحيوانات التى يتغنى بها العرب والغرب التى تتميز بالشجاعة والقدرة على اقتناص الفرص والغدر فى الوقت نفسه.
الذئاب المنفردة هم أشخاص يقومون بعمليات مسلحة بوسائل مختلفة بشكل منفرد بدوافع عقائدية أو اجتماعية أو نفسية أو حتى مرضية دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، ومن دون أن يكون له ارتباط مباشر بشبكة على الأرض المستهدفة.
هناك نوعان من الذئاب المنفردة، النوع الأول الذى تقوده دوافع نفسية؛ فقد يكون الشخص يعانى من تحديات عائلية أو وظيفية أو مجتمعية فيقوم بإطلاق طاقته السلبية نحو الآخرين؛ حيث يقوم بالانتقام من محيطه من جهة والبحث عن الشهرة من جهة أخرى. أما النوع الثانى وهو الأكثر خطورة وانتشارا فيكون ذات توجهات عقائدية أو أيديولوجية أو قومية.
***
يشير «الهرمزى» إلى أن مصطلح الذئاب المنفردة لم يُطلق إلا بعد مباغته تنظيم القاعدة وتنظيم «داعش» الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بعمليات مسلحة على أراضيها من أشخاص لا يبدو عليهم التدين ولا مظاهر التشدد كما يصفها الغرب، بل على العكس نجد أن منهم من يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات وله علاقات مع فتيات. وبالفعل قد كشف ذلك تنظيم «داعش» فى كتيب الأمن والسلامة باللغة الإنجليزية الذى وضعه أحد عناصر تنظيم القاعدة باللغة العربية سابقا، ويقدم الكتيب نصائح للخلايا النائمة والذئاب المنفردة فى الدول الغربية بما يجب فعله وتجنبه حتى لا يتم اكتشافهم. وارتكز دليل الأمن والسلامة لتنظيم «داعش» على كيفية مفاجأة العدو، وتشفير وسائل الاتصال الإلكترونى.
لعل أكبر معضلة فيما يتعلق بالذئاب المنفردة أن أغلبهم يخرجون من أوساط غير متدينة ولا يوجد عليهم أى مظهر من مظاهر التدين، ويصعب وضعهم فى شق الإرهاب الدينى، فأغلب العمليات التى حدثت فى أوروبا والولايات المتحدة قام بها أشخاص تم رصدهم عن طريق كاميرات المراقبة، مما شكَل هاجسا أمنيا فى كيفية تحديد هوية تلك الذئاب إذا كانت جميع المؤشرات التى يمكن تخمينها لمراقبة المشتبه فيه على غرار المنتمين إلى الجماعات الراديكالية فى حال ترددهم إلى المسجد أو إلى المراكز الخيرية فإنهم ــ على عكس الأفراد الذين رصدتهم كاميرات المراقبة ــ من السهولة مراقبتهم وتفسير سلوكهم بصورته التراكمية.
من جهة أخرى يشير «الهرمزى» إلى أن هؤلاء الذئاب المنفردة عادة ما يكون الانتماء إليها من خلال شبكة الإنترنت تأثرا بما تنتجه الجماعات والحركات الراديكالية من مواد إعلامية مؤثرة منها على سبيل المثال، نشر صورة طفل ينزف حتى الموت أو امرأة تصرخ للنجدة من ويلات الحروب، فتلك المواد تسهل عملية الاستقطاب والتطرف وصولا إلى تنفيذ عمليات دون أن يبعث الشك لدى أجهزة الأمن والاستخبارات لدى الدول التى يتم استهدافها.
***
من الضرورى البحث فى الأحداث الأخيرة التى حدثت فى أوروبا لاسيما فى فرنسا وبافاريا وآخرها فى ميونخ حيث قام تونسى بقيادة شاحنة كبيرة فى بلدة نيس الفرنسية وقام بدهس جموع من الناس مما أدى إلى مقتل أكثر من 130 شخصا. وأفغانى يقوم بضرب أكثر من ١٠ أشخاص بفأس وسكين فى قطار جنوب ألمانيا، وهنا يطرح أكثر من سؤال لهؤلاء المتطرفين الذين أعطوا صورة سوداوية عن الإسلام وحققوا لليمين المتطرف أحلامهم بعد تقديم اصطلاح «الإسلاموفوبيا» فى عام 1997.
بالتحدث بلغة هؤلاء الذئاب يتساءل الكاتب: هل أجبر أحد هؤلاء المتطرفين على ترك بلاد المسلمين (تونس – أفغانستان) للعيش مع الكفار؟ وإذا كان هؤلاء يرفضون العيش بين الكفار لماذا لم يرجعوا إلى أفغانستان أو تونس أو المغرب أو الجزائر حيث يمكنهم العيش فى بلاد المسلمين. هل سبب عدم عودتهم إلى بلاد المسلمين هو أنهم يعتبرون حكومات تلك الدول كافرة وشعبها مرتد؟ هل يعتبرون الناس التى تمشى فى شوارع نيس أو بالقطار فى ألمانيا كلهم كفار؟
هؤلاء الشباب عقولهم خام يعيشون ازدواج واضطراب فى الانتماء والهوية، يبدأ الفرد منهم بالتفتيش عبر الإنترنت عن شىء يقربه من جذوره التى انسلخ منها، فيجده فى المواقع المتطرفة التى تجيد فن الاستقطاب والترويج والإقناع بأناشيد حماسية وصور ومشاهد لما يتعرض له المسلمون من قمع واضطهاد. ومن خلال التكرار والتأكيد، تلعب تلك الوسائط الإلكترونية دورا كبيرا فى تشكيل رؤية هؤلاء الشباب الحائر. ثم يعمل بعد ذلك قانون الجذب حيث ينجذبون نحو أى فكرة تبرر الأفعال التى تخالف العقل والمنطق وحتى الدين فيصبح هؤلاء ذئاب منفردة يقتلون ويفجرون ويدهسون الناس فى الأماكن المزدحمة، ثم يُقتلون أو يُعتقلون. وبعد ذلك يعلن تنظيم «داعش» عن مسئوليته عن تنفيذ العملية دون أن يعرف من هم هؤلاء الأشخاص.
يختتم الكاتب بأن هؤلاء الشباب لم يدركوا بعد أنهم يتمتعون عادة بالمزيد من الحرية الدينية فى هذه البلدان بشكل أكبر مما كانت عليه فى بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة. والمشكلة هنا تكمن فى التفسير الخاطئ للإسلام، فالدين معاملة.. والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده.. كن مظلوما ولا تكن ظالما.. لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم.

النص الأصلى

التعليقات