نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتبة «إنعام كجه جى» جاء فيه:؛ يبدو أن اقتران الرئيس الفرنسى بزوجة تكبره فى السن بأكثر من عقدين، سيفتح الباب لقصص مماثلة كتمها أصحابها وظلت غافية فى صناديق العتمة. أليست الأسرار من توابل الغرام؟ ها هو الكاتب فيليب سولرز يكشف الحجاب عن علاقة ربطت، لأكثر من نصف قرن، بينه وبين الروائية البلجيكية دومنيك رولان. تعارفا قبل ستين عاما تماما، عندما كان فى الثانية والعشرين من العمر، يتلمس طريقه إلى عالم الأدباء، وكانت هى كاتبة حسناء فى ربيعها الخامس والأربعين. وبما أنهما كانا يقيمان فى بلدين مختلفين ولكل منهما التزاماته، فقد ظلت الرسائل تذهب وتجيء بين باريس وبروكسل بانتظام. لا تنقطع إلا فى فترتين من السنة. عندما يلتقى العاشقان فى ربيع كل عام وخريفه. أين؟ دائما على أرض محايدة. غرفة فى الطابق الثالث من نزل صغير بمدينة البندقية الإيطالية. يقفان فى الشباك فإذا بكاتدرائية سان جورجيو طوع اليد.
ودومينيك رولان، يومذاك، أديبة معروفة. اختيرت عضوا فى الأكاديمية الملكية فى بلجيكا. وكان من ثمار ذلك الحب رواية لها بعنوان: «ثلاثون عاما من حب مجنون». ويبدو أن الغرام واصل تجديد خلاياها فعاشت مائة عام إلا سنتين. أما سولرز، فما زال شابا تعدى الثمانين، يؤلف الكتب ويعشق النساء ويعمل مشرفا على مجلة ثقافية تصدرها دار «غاليمار». الدار ذاتها التى أوكلت إليه مهمة نشر رسائل الحب التى تبادلها المشاهير. وفى مقابلة صحفية معه قال إنه يتمنى لو يحصل على الرسائل التى كتبها الرئيس الفرنسى إلى حبيبته بريجيت، أيام كان تلميذا فى السادسة عشرة وهى معلمته. ومن يدرى، فقد يفرج ماكرون عن مراسلاته بعد أن يغادر الحكم، مقتديا بالرئيس السابق ميتران الذى رتّب مع عشيقته آن بنجو أن تنشر، بعد وفاته، خطابات الحب التى تلقتها منه.
بدأ سولرز بمكاتيبه الخاصة التى بعث بها إلى محبوبته البلجيكية بين 1959 و1980 وصدرت فى 400 صفحة. وهذا ليس سوى الجزء الأول من أربعة مجلدات تغطى ما كتبه لها فى السنوات الثلاثين التالية، بالإضافة إلى الرسائل التى تلقاها منها. وطبعا فإن المراسلات ذات نبرة أدبية نظرا لاشتغال الطرفين بالكتابة. مع هذا تبقى مشاعر المحبين هى هى، سواء أكانوا فى باريس أو فى نيكاراغوا. وهناك عبارات تشبه تلك التى تبادلها عماد حمدى وفاتن حمامة فى فيلم «بين الأطلال». يكتب لها: «دومينيك العزيزة، لم يحدث مطلقا أن بدت لى الكلمات قاصرة إلا معك. أنا أحبك ولا أفكر بسواك. أنت النقطة الثابتة الوحيدة فى حياتى. أعبدك وأخاف ألا تعرفى أهميتك فى نظرى. أنت الكائن الوحيد الذى أحب حتى صمته. نهار أحد دون رسالة منك هو محنة لا تُحتمل». إنه يسميها «الصغيرة الكبيرة الحلوة الجميلة الحسناء». ويقول إنها كانت تبدو أصغر من عمرها الحقيقى بعشر سنوات. لكن الناس ما كانوا ليتقبلوا، فى تلك الفترة من أواسط القرن الماضى، الفارق الكبير فى السن بينهما.
أخفى فيليب سولرز رسائله فى حرز أمين على أمل أن تنشر بعد وفاته. ثم حدث أن اقتنت الأكاديمية الملكية فى بلجيكا رسائل حبيبته دومينيك رولان وأقامت معرضا لها. وهكذا بات على العاشق العجوز أن يسرع فى إصدار ما عنده ويقبض الثمن. فهو، فى نهاية المطاف، كاتب يعيش من عائدات ما يكتب. ويقول إن الكتابة هى «اليوغا» التى يمارسها لكى يستمر فى الوقوف متوازنا على الحبل. وقد ترجمت كتبه إلى عدة لغات، منها الصينية. لغة تعلمها لكى ينقل للمحبوبة الصغيرة الكبيرة الجميلة الحلوة... أشعار ماو تسى تونغ.