فى 25 إبريل 1982، رحل آخر جندى إسرائيلى عن سيناء وفقا لمعاهدة كامب ديفيد، غير أن الإسرائيليين كالعادة، أبقوا على مسمار جحا، واحتاجت مصر إلى 7 سنوات أخرى لتسترد «طابا» بالتحكيم الدولى بعد معركة قانونية وسياسية شرسة، شارك فيها نخبة من علماء مصر الوطنيين الأفذاذ.
أكملت الدبلوماسية ما بدأه جيشنا العظيم فى أكتوبر 1973، وهو يوم ينبغى أن نتذكر فيه كل الدماء التى سالت على هذه البقعة الطاهرة من بلادنا، وأيضا صاحب قرار الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذى اغتاله الإرهابيون فى يوم عيده، حين كان يحتفل وسط جنوده بذكرى النصر فى أكتوبر 1980.
اليوم، وبعد 33 سنة من رحيل الصهاينة عن سيناء، فإن احتلالا من نوع آخر يجثم على أنفاسها، يهدد أمنها ويفزع أهلها، ويزرع قنابل الغدر فى طريق خير أجناد الأرض تحصد أرواحهم يوما بعد آخر.
تتفاوت التقديرات حول عدد الإرهابيين الذين استوطنوا سيناء، لكن الرقم يقع بين العشرة آلاف والعشرين ألفا، أكثرهم نزح إليها فى سنة حكم الإخوان وفى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وبينهم عدد معتبر من العائدين من «ساحات الجهاد» فى أفغانستان واليمن والسودان وغيرها، وبينهم أيضا عدد من القتلة الذين أطلق مرسى سراحهم، والذين أكد حرصه على سلامتهم حين توسط لديهم لللإفراج عن الجنود المخطوفين، مؤكدا على «سلامة الخاطفين والمخطوفين».
التأم شمل الفرقاء على حلم الإمارة، وغذّى مرسى وإخوانه هذا الحلم كى يبقى هؤلاء ظهيرهم عند اللزوم، يواجهون بهم دولة يرفضونها، عملوا منذ يومهم الأول على تقويضها وكسر مؤسساتها.
زالت دولة الإخوان وبإذن الله لن تعود، لكن «حنظلهم» الذى زرعوه فى سيناء مازلنا نتجرع «مرّه»، وثعالبهم التى أطلقوها هناك مازالت تمرح فى بساتين العنب.
أثق تماما أن قواتنا المسلحة وأجهزة الأمن ستقضى على الإرهاب فى نهاية المطاف، لكننى أدرك أن الأمر سيأخذ وقتا أطول مما يتوقع الناس لاعتبارات عدة، منها طبعا الطبيعة الجبلية الوعرة لمنطقة شمال سيناء حيث يتمركز الإرهاب وتنطلق عملياته القذرة، لكن الأهم هو نوعية القتلة الذين يواجههم الجيش هناك، وأغلبهم لديه خبرات اكتسبها فى «ميادين الجهاد» التى نزحوا منها، حيث تلقوا تدريبا على عمليات القتال والمناورة وتصنيع المتفجرات وزرع الألغام، فإذا أضفت إلى هذا استمرار تدفق التمويل السخى من قوى لا تخفى عداءها للنظام المصرى وتبذل الغالى والنفيس لإفشاله، وكذلك قرب شمال سيناء من الفرع الإخوانى الحمساوى فى غزة، والانتشار السرطانى للإنفاق التى تسمح بتهريب السلاح ومنفذى العمليات القذرة عند الضرورة، واختباء الإرهابيين وسط الناس والبيوت.
لو وضعت هذا كله جنبا إلى جنب، لعرفت لماذا تبدو المهمة صعبة، ولماذا لن تنتهى كما تتمنى بين يوم وليلة؟.
لكن دعونا نأمل فى يوم قريب ندحر فيه الإرهاب وقوى الشر جميعها، وكما حرر جيشنا الباسل أرض سيناء من دنس الصهاينة فى أكتوبر 73، وأخرج آخر جنودهم منها فى مثل هذا اليوم من 33 سنة، سيحررها من أعداء الحياة والدين بإذن الله.