، منهم أحمد باشا حسنين قبل تكليفه بالإشراف الكامل على شئون الأمير فاروق ولى العهد. فقد قام بأطول رحلة ومغامرة عبور صحراوى يقوم بها إنسان، رحلة دامت حوالى ثمانية شهور قطع فيها مسافة ثلاثة آلاف وخمسمائة كيلومتر سيرا على الأقدام من السلوم مارا بواحات ليبيا حتى منتصف الأراضى السودانية. اكتشف خلالها واحتين جنوب ليبيا ومصر وهما، واحة أركنو (١٩٢٣/٤/٢٣)، وواحة وجبل العوينات (١٩٢٣/٤/٣٠)؛ وهو الجبل الدائرى ذو الاثنين كيلو ارتفاعا والمقسم بين مصر وليبيا والسودان.
لم يعلم العالم أجمع بوجودهم فلا ذكر ولا ظهور للواحتين فى كامل خرائط عام ١٩٢٣، فأثبت أحمد باشا حسنين وجودهم بالأساليب العلمية. وكان هذا الاكتشاف إنجازا تناقلته وكالات الأنباء العالمية باهتمام بالغ، وتم تكريمه فى العديد من الدول والمنظمات الجغرافية الدولية ليكون أكثر مصريا فى التاريخ تم تقليده بالأوسمة والقلادات والأوشحة.
بطل آخر من أبطال مصر وهو الشاب جورج سوريال، بطل إفريقيا فى رياضة الجودو والذى عبر المحيط الأطلنطى مرتين، كل مرة مسافة حوالى ستة آلاف كيلومتر وسط ظروف مناخية مخيفة عامى ١٩٦٩و١٩٧٠ مع ستة مغامرين من جنسيات مختلفة فى سفن مشكلة من سيقان البردى ذات شراع واحد ومزودة بكامل الإمكانات المعيشية البدائية، والتى كان يستخدمها أجدادنا الفراعنة، مع الاعتماد التام فى الإبحار على الرياح والتيارات البحرية مثل القدماء المصريين.
وهدف هذه المغامرات كان لإثبات أن الفراعنة بلغوا أمريكا الجنوبية، وكان لهم تأثير واضح على حضارة الإنكا والمايا. لم تحقق الرحلة الأولى الهدف حيث إنفكت حبال ربط سيقان أحزمة البردى قبل بلوغ سواحل أمريكا الجنوبية مما أجبرهم على التخلى عن السفينة والانتقال بسفينة حديثة لأقرب ميناء، أما المحاولة الثانية، والتى بدأت فى مايو من عام ١٩٧٠، فقد نجحت فى بلوغ سواحل دولة جزيرة باربادوس بعد رحلة حفتها الأخطار والمشاكل والأمواج العاتية، واستغرقت هذه الرحلة خمسة وسبعين يوما. وقد تابعت كامل وكالات الأنباء الدولية تفاصيل هذه المغامرات، وسجل فى كامل أخبار وكتب وتحقيقات هذه المغامرات أنه كان للشاب المصرى جورج سوريال دور هام فيها. أعشق تصفح الصحف القديمة والتى تطبع على صفحاتها قصصا وأحداثا طوتها السنون وأصبحت فى عالم النسيان. ولأن مقالتى تشير لبطولات ولإنجازات عدد من المصريين يشرفنى إلقاء الضوء على بطولات مصرية حدثت خلال النصف الثانى من أربعينيات القرن الماضى أثناء معاركنا ضد العصابات الصهيونية.
فقد اطلعت على أهم جريدة فلسطينية باللغة الإنجليزية فى ذلك الوقت والتى كانت تلقب بجريدة فلسطين، رغم إقامة الدولة الإسرائيلية. فعلى الصفحة الأولى للجريدة بتاريخ ١٩٤٨/٥/١٦ تم طبع خبرين الأول سرعة اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بدولة إسرائيل، أما الخبر الثانى فكان أن ديفيد بن جوريون أول رئيس لإسرائيل أعلن بصوته بإذاعة تل أبيب فى رسالة موجهة للشعب الأمريكى أنه فى الساعة الثانية ظهرا من يوم ٥/١٤ ثم يوم ٥/١٥ هاجمت ست طائرات مقاتلة قاذفة مصرية من طراز سبيتفاير (أحد الطيارين المقاتلين اسمه محمد عز الدين الطاهرى، والذى حاول بعد هذه المعارك بحوالى عشرين سنة التطوع بالقوات الجوية أثناء معارك ١٩٦٧)، والمحلقة على ارتفاع حوالى مائة متر من سطح الأرض، أهداف داخل تل أبيب حيث ألقت القنابل. وعادت بعد ساعتين بنفس الأسلوب لتضرب بالرشاشات أهداف داخل المطار الواقع شمال المدينة حيث أصابت طائرة الخطوط الجوية الفرنسية ثم هاجمت الطائرات المصرية مستعمرتين فى النقب فى منتصف النهار التالى. وقد أصيبت إحدى الطائرات المصرية بطلقة مدفع فى خزان الوقود فسقطت وتم أسر الطيار المصرى.
وقد أدت هذه الهجمات إلى إطفاء الأنوار ليلا على مستوى إسرائيل بالكامل، هذا ما نشر على الصفحة الأولى للجريدة. مع وجوب الإشارة إلى أن القوات الجوية المصرية كانت مصدر إزعاج مميت للعصابات الصهيونية طوال شهور الحرب، وأن أول شهيد قوات جوية مصرية كان اسمه تحتمس كامل غبريال. وواجب ذكر بطل حرب أكتوبر المجهول الدكتور الكيميائى/ محمود يوسف سعادة، والذى نمى لعلمه قبل العبور العظيم بعدة شهور أن الاتحاد السوفيتى أوقف تماما مد مصر بالأسلحة وقطع الغيار ووقود الصواريخ المضادة للطائرات سام ٢ وسام ٣ بعد أن قام الرئيس السادات بطرد الخبراء الروس، لأسباب لن أخوض فى تفاصيلها فى هذه المقالة، وأن وقود الصواريخ له مدة صلاحية.
وهذا يعنى عدم تفعيل دور حائط الصواريخ الأسطورى، والذى استخدم ــ لأول مرة ــ فى التاريخ لحماية القوات المصرية الزاحفة شرقا من هجمات مئات الطائرات الإسرائيلية المقاتلة، وأن التركيبة الكيميائية الخاصة بهذا الوقود سرية. فتطوع الدكتور/ محمود فورا لفحص هذا الوقود وتحليله، وانعزل لمدة شهر كامل داخل معامل المركز القومى للبحوث يحلل ويجرب حتى تمكن بفضل الله من فك شفرة هذا الوقود وإنتاج كمية مناسبة لإجراء التجارب العملية. فقامت أجهزة القوات المسلحة المعنية بتجربة الوقود على أحد الصواريخ وكانت النتيجة ناجحة، أدت فورا إلى إنتاج الكميات المناسبة لصواريخ حائط الدفاع المنيع ما حقق الهدف المنشود طوال أيام معارك العبور فى حماية الآلاف من رجال القوات المسلحة وإسقاط العديد من طائرات العدو وإفشال كل محاولات دخول النطاق الجوى المصرى وكامل نطاق الجبهة. وهو ما كان من الأسباب الرئيسة لنصر حرب أكتوبر ١٩٧٣.
المستشار السابق لوزير السياحة ووزيرة البيئة