لماذا الإصرار على كسب الخصوم؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا الإصرار على كسب الخصوم؟

نشر فى : الأربعاء 28 ديسمبر 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 28 ديسمبر 2016 - 9:50 م

من الأشياء الغريبة العجيبة إصرار الحكومة وبعض أجهزتها على خسارة الكثير من الناس مجانا، وبلا سبب وجيه أو مقنع، فى حين أن ألف باء السياسة والحكم هو جمع أكبر عدد من المؤيدين حولك، بل وتشتيت أعداءك قدر المستطاع وليس توحيدهم.
سوف يسأل البعض: وما هى مناسبة هذا الكلام الآن؟!
المناسبة هى وجود مناخ عام من التربص والاستقطاب فى سماء العمل العام فى مصر، والخاسر الأكبر هو الحكومة. استبشرنا خيرا بالمؤتمر الوطنى للشباب نهاية أكتوبر الماضى فى شرم الشيخ. كان التفاؤل سائدا، وكانت هناك أصوات مختلفة، الأمر الذى صدر صورة إيجابية عن مصر فى الداخل والخارج، خصوصا أن التوصيات التى صدرت فى نهاية المؤتمر كانت شديدة الإيجابية.
منسوب التفاؤل ارتفع أكثر حينما تم الإفراج عن ٨٢ سجينا، ورأينا أيضا بعض القضايا يتم حلها عبر المسار القضائى، وتبرئة أو وقف تنفيذ أحكام مثل الروائى أحمد ناجى، وقبله الباحث إسلام البحيرى وقبلهم جميعا غالبية من تم القبض عليهم أو إدانتهم على ذمة التظاهر فى قضية تيران وصنافير.
هذا المناخ الإيجابى يتعرض للأسف الشديد للعديد من العواصف والأعاصير، بلا سبب مقنع. على سبيل المثال يحتار الإنسان السوى والعاقل والطبيعى فى سر إصرار مجلس النواب على عرقلة تنفيذ حكم محكمة النقض بأحقية الدكتور عمرو الشوبكى بأداء اليمين الدستورية نائبا عن دائرة الدقى. الحكم واضح، بل إن القضاء رفض قبل أيام دعوى المخاصمة التى رفعها أحمد مرتضى منصور.
كثيرون محتارون فى سر عدم تنفيذ الحكم، خصوصا أنه يخصم كثيرا من رصيد المجلس وسمعته واحترامه لحكم القانون والقضاء.. ما يزيد الأمر حيرة أن الشوبكى يشهد له الكثيرون بالخبرة والسمعة الجيدة والنزاهة والاعتدال وهو يضيف الكثير لمجلس النواب.
لو كنت مكان مجلس النواب لسارعت إلى الاتصال بالشوبكى وحسم هذا الأمر وفتح صفحة جديدة، خصوصا أن المجلس خسر الكثير شعبيا فى الفترة الأخيرة بعد تمرير قانون الجمعيات الأهلية، والانتقادات المتتالية التى يوجهها لوسائل الإعلام.
أفهم وأدرك أن تدخل الحكومة ومجلس النواب وسائر الأجهزة المعنية معارك ضاربة ضد الإرهاب والإرهابيين والتطرف والمتطرفين، وقوى كثيرة لها تناصب البلد العداء. لكن ما هى المصلحة والفائدة ان تدخل فى معركة بلا طائل مع عمرو الشوبكى أو إبراهيم عيسى، أو أى صاحب رأى حر أو حتى مختلف يعمل ويتحرك ويتكلم تحت سقف الدولة والقانون والدستور؟!
الأغرب من الخيال أن الدولة بأكملها تخوض معارك صعبة على أكثر من جبهة هذه الأيام، ليس فقط ضد التطرف والإرهاب، بل صارت هناك جهة جديدة هى الخليج، الذى كان حليفا، ويكاد الآن أن ينقلب خصما، بل ومحرضا كما رأينا فى وقف المنح والمساعدات والتسهيلات الاقتصادية والنفطية، ومناصرة قطر فى صراعها الدائم ضد مصر. وهناك خشية من جبهة إثيوبية جديدة ضدنا.
السؤال مرة أخرى: إذا كانت الحكومة وأجهزتها تستطيع أن تكسب الناس والقوى السياسية والاجتماعية والشخصيات العامة، بأقل جهد، فما الذى يدفعها إلى خسارتهم مجانا. لماذا يصر البعض على «تكتيل الخصوم» بدلا من كسبهم أو على الأقل تحييدهم.
هذا أوان العقلاء والسياسيين، وبدلا من دخول معارك بلا طائل، بل تخصم مما تبقى من رصيد الحكومة، يفترض أن يسارع هؤلاء العقلاء إلى سد هذه الثغرات، التى تتسع يوما بعد يوم.
للأسف الشديد الحكومة لا نرى بوضوح عوامل الغضب الكامنة فى نفوس الكثير من الناس على مختلف أطيافهم.
هناك مواطنون عاديون طحنهم الغلاء الذى انفلت بصورة غير مسبوقة، وهناك المجتمع المدنى والأهلى الذى قرأ القانون الأخير باعتباره الضربة القاضية لعملهم وليس فقط للشق الحقوقى السياسى. وهناك الغضب فى مجتمع الإعلام بعد حالة التراجع والتردى بفعل الأزمة الاقتصادية، وهناك غضب فى كل مكان تقريبا. والسؤال: هل يتم مواجهة ذلك بالحكمة والهدوء واحتواء الناس، أم بكسب المزيد من الخصوم؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي