الاقتصاد العالمى.. و«شيخوخة» ألمانيا واليابان - قضايا اقتصادية - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 8:44 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاقتصاد العالمى.. و«شيخوخة» ألمانيا واليابان

نشر فى : الإثنين 29 أبريل 2024 - 6:10 م | آخر تحديث : الإثنين 29 أبريل 2024 - 7:43 م

الكاتب عدنان كريمة

استهل الكاتب حديثه قائلا: الاقتصاد العالمى يواجه حالة من عدم اليقين، فى ظل أخطار متزايدة، مع استمرار التوتّرات الجيوسياسية المتصاعدة والصراعات العسكرية فى مناطق عدة حول العالم، وترقب تحوّلات سياسية كبيرة فى دول مختلفة. وقد بدأت طلائع التطوّرات مع اليابان التى تخلّت عن المرتبة الثالثة متراجعة إلى المرتبة الرابعة فى الاقتصاد العالمى، لتحل محلها ألمانيا. وبما أن الفارق ضئيل بين حجْم الناتج المحلى الإجمالى لكل من الاقتصاديْن، تتطلع الهند التى أصبحت أكبر دولة فى العالم بعدد السكان إلى القفز من المرتبة الخامسة حاليّا إلى المرتبة الثالثة، بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

 اليابان .. المعجزة الاقتصادية

توقّع «جولدمان ساكس» نمو اقتصاد اليابان بنسبة واحد فى المائة فى الربع الأول من العام الحالى. علما بأن هناك خطرا من حدوث انكماش مرة أخرى، بسبب تباطؤ النمو العالمى، وضعف الطلب المحلى وتأثير زلزال العام الجديد فى غرب اليابان. وقد يضطر البنك المركزى لخفض توقعاته الوردية للناتج المحلى الإجمالى بشكل حاد لعامَىْ 2023 - 2024، بعدما فقدتِ اليابان بالتدريج قدرتَها التنافسية والإنتاجية، وتراجع موقعها إلى المرتبة الرابعة بين كبرى اقتصادات العالم، إذ بلغ ناتِجها 4.21 تريليون دولار فى نهاية العام الماضى. وحلّت محلها ألمانيا فى المرتبة الثالثة بناتج بلغ 4.46 تريليون دولار. ويعود السبب فى ذلك إلى أن الانكماش الاقتصادى مُرتبط بتقلّص عدد السكان الذى انخفض بمقدار 800 ألف نسمة فى العام 2022. وهو العام 14 على التوالى من الانكماش. وقد انكمش النّاتج المحلّى الإجمالى بنسبة 0.1 فى المائة بعدما تراجع بنسبة 0.8 فى المائة فى الربع الثالث من العام الماضى. أمّا توقّعات المُحلّلين، فقد أشارت إلى نمو الاقتصاد 0.3 فى المائة. فيما تُعد الأرقام المسجّلة للناتج المحلى فى الربع الرابع عكس توقّعات المحللين بنحو 1.4 فى المائة.

سَبق أن أطلق على اليابان، تاريخيا، بأنها «معجزة اقتصادية»، بعدما نهضت من رماد الحرب العالمية الثانية، لتصبح ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة، وحافَظت على هذه المرتبة طوال أكثر من 60 عاما، حتى العام 2010، عندما تراجعت إلى المرتبة الثالثة، نتيجة تقدم الاقتصاد الصينى الذى لا يزال يحتفظ بالمرتبة الثانية بناتج بلغ 17.7 تريليون دولار، بعد الاقتصاد الأمريكى الذى بلغ ناتجه المحلّى 26.9 تريليون دولار.

إضافة إلى ضعف «الين» الذى أسهم فى تراجع الأداء الاقتصادى، بانخفاض قيمته بنسبة 7 فى المائة مقابل الدولار، وأدى إلى تآكل عائدات الصادرات لدى إعادتها الى الوطن، ما جعل العملة اليابانية من أسوأ العملات أداء بين عملات مجموعة الدول العشر الصناعيّة، ثمّة عوامل عدة يواجهها الاقتصاد اليابانى، لعل أهمها «الشيخوخة»، وانخفاض عدد الأطفال، وقلة العمالة.

وكانت اليابان قد شهدت «طفرة إنجاب» بعد الحرب العالمية الثانية بين عامَىْ 1947–1949، إذ سهّل قانون صدر فى العام 1948 عمليات الإجهاض، ثمّ تلت تلك الطفرة فترة طويلة من انخفاض فى معدلات الخصوبة، أدّت بدورها إلى «شيخوخة» السكان. وقد بدأ العدد بالانخفاض فى العام2011، وقدّر فى العام 2014 بنحو 127 مليون نسمة، ويتوقّع أن يتقلّص إلى 107 ملايين فى العام 2040 وإلى 97 مليونا فى العام 2050، ويشكّل الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم خمسة وستين عاما أو أكثر، حوالى ربع إجمالى السكان، وسيصلون إلى الثلث فى العام 2050. وتواجه اليابان أيضا مشكلة نقص فى العمالة، وتُعد الهجرة أحد الخيارات المُتاحة.

 ألمانيا .. الرجل المريض

يرى الكاتب أن وضع ألمانيا ليس أفضل من اليابان، وعلى الرغم من أن اقتصادها هو أكبر اقتصاد فى قارة أوروبا (العجوز)، فهى تحمل لقب «رجل أوروبا المريض»، ويواجه اقتصادها حالة من الركود، مع ارتفاع حدة المخاوف من تراجع النمو فى ظل ارتفاع معدل التضخّم، وأسعار الطاقة. وتتوقع الحكومة أن يسجّل العام الحاليّ نموا قدره 0.2 فى المائة فقط، وهو أقل كثيرا عن توقّعات سابقة بنمو 1.3 فى المائة، وذلك مع تضاؤل الآمال فى تعاف سريع بسبب ضعف الطلب العالمى، والضبابية الجيوسياسية، واستمرار ارتفاع التضخّم. علما أنه سبق أن انكمش فى العام الماضى بنسبة 0.3 فى المائة. وتوقّع «المركزى الألمانى» أن يدخل أكبر اقتصاد فى أوروبا فى ركود، مع استمرار حَذر المستهلكين وتراجع الاستثمار المحلى نتيجة ارتفاع تكاليف الاقتراض بشكل حاد، منذ أن رفع "المركزى الأوروبي" أسعار الفائدة إلى مستوى قياسى لمكافحة التضخّم.

إضافة إلى ذلك، تتحمل ألمانيا الأعباء الكبيرة الناتجة عن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وقد بلغت تكلفة هذه الحرب على الاقتصاد الألمانى نحو 160 مليار يورو، وتشكل نحو 4 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى فى نهاية العام 2023. وتَدرس الحكومة مضاعفة المساعدات العسكرية الألمانية لأوكرانيا العام الحالى إلى 8 مليارات يورو، ما يرفع الإنفاق الدفاعى إلى ما يتجاوز هدف الـ (2 فى المائة) من النّاتج، الذى تعهَّدت به جميع الدول الأعضاء فى حلف شمال الأطلسى (الناتو).

تعانى ألمانيا من نقص كبير فى الأيدى العاملة، وهى تعتمد على الهجرة المتاحة لتغطية هذا النقص. وفيما تحاول دول عدة تقييد الهجرة، أقرّ البرلمان الألمانى قانونا جديدا لجذب العمال المهاجرين المهرة. وحذّر بعض الوزراء من أن ملايين الوظائف الشاغرة تحتاج بالفعل إلى موظفين، ووصفوا نقص العمالة بأنّه أكبر خطر يواجه الاقتصاد الألمانى، وخصوصا فى وقت تواجه فيه البلاد أزمة متفاقمة، مع ارتفاع نسبة "الشيخوخة"، ولاسيما أن عدد كِبار السنّ سيتضاعف فى السنوات المُقبلة، ليصل إلى أكثر من 5 ملايين شخص بحاجةٍ إلى الرعاية فى العام2030، ثم إلى 7.25 مليوناً فى العام 2050.

 الهند «الفتية»

أشار الكاتب إلى أن الفارق بين الناتج المحلى اليابانى والألمانى ضئيل. ومع وجود أخطار المشكلات التى تُواجه مستقبل الاقتصادَيْن، تَبرز قوة الاقتصاد الهندى الذى يحتل المرتبة الخامسة عالميا بناتج محلى يبلغ 3.73 تريليون دولار، ويتطلّع إلى المرتبة الثالثة بتحقيق أسرع وتيرة للنمو، وخصوصا أن الهند أصبحت أكبر دولة فى العالم بعدد سكانها البالغ 1.428 مليار نسمة، وهى دولة "فتية" لأن أكثر من 40 فى المائة تقل أعمارهم عن 25 عاما، وهناك أكثر من 900 مليون فى سن العمل، ويتوقع أن يتجاوز المليار خلال العقد المُقبل. وهى قوة عاملة كبيرة، ومؤثرة فى رأس المال البشرى، وذات أجور منخفضة نسبيا، ما يجعلها نقطة جذب للشركات الغربية التى تبحث عن مركز تصنيع بديل للصين.

اللافت أن الاقتصاد الهندى ينمو بأسرع وتيرة، بين الاقتصادات الكبرى؛ حيث زاد النّاتج المحلّى الإجمالى إلى 3.73 تريليون دولار فى العام 2023. وتوقّع بنك الاحتياطى الهندى نموا بنسبة 6.5 فى المائة فى السنة المالية 2023 - 2024. وهذا الرقم قريب من 5.9 فى المائة الذى توقّعه صندوق النقد الدولى. وتُعَدّ الهند من أكبر البلدان الجاذبة للاستثمار. وقد سجلت رقما قياسيا بلغ 85 مليار دولار، قيمة تدفق الاستثمارات الأجنبية خلال السنة المالية 2021 - 2022، بزيادة 60 فى المائة عن السنة السابقة التى سجلت 51 مليار دولار.

ويسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأكثر من 13 فى المائة من النّاتج المحلّى الإجمالى للهند، ويعَد من المحركات الاقتصادية الرئيسة. وفى العام 2023 سجّلت صناعة تكنولوجيا المعلومات زيادة بنسبة 8.4 فى المائة من إجمالى إيرادات 245 مليار دولار، منها 194 مليار دولار من الصادرات. وتهدف نيودلهى إلى تنمية هذا القطاع إلى تريليون دولار فى العام 2025، بما يُعادل 20 فى المائة من النّاتج المحلى الإجمالى المتوقع.

ووفق تقرير للبنك الدولى، استطاعت الهند أن تخفّض من حدة الفقر بنسبة 50 فى المائة، وأن ترفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومى، من 1500 دولارٍ فى العام 2013 إلى 2380 دولارا فى العام 2022. لكن على الرّغم من هذا التحسُّن، فإن ثمة تحديا كبيرا يواجه الهند، يتمثل فى سوء التغذية لدى نسبة كبيرة من السكّان، وبخاصة الأطفال الذين تصل نسبة التقزّم بين من يبلغون أقل من 5 سنوات إلى 35.5 فى المائة؛ ما يعزّز من أهمية قضية «عدالة توزيع الثروة»، بجوار تحدّى استمرار تحقيق معدّلات نموّ مُرتفعة.

النص الأصلي

قضايا اقتصادية القضايا الاقتصادية العالمية والدولية والمحلية
التعليقات