الانقطاع الكهربائى فى إسبانيا.. والمحاذير أوروبيًا وعربيًا - قضايا اقتصادية - بوابة الشروق
الخميس 8 مايو 2025 2:18 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الانقطاع الكهربائى فى إسبانيا.. والمحاذير أوروبيًا وعربيًا

نشر فى : الأربعاء 7 مايو 2025 - 8:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 7 مايو 2025 - 8:45 م

واجهت إسبانيا ومعها البرتغال انقطاعًا كهربائيًا مفاجئًا قبل أسبوعين تقريبا شكل أهم توقف للكهرباء أوروبيا. إذ تفاجأت شركة «ريد الكترسيا» المسئولة عن الشبكة الكهربائية الإسبانية، فى منتصف الليل، بخسارة حوالى 15 ميجاواط من طاقتها الكهربائية، أو حوالى 60 فى المائة من الطلب على الكهرباء فى إسبانيا.
الحادث طبيعى لملايين من المواطنين والمواطنات فى عدد من الدول العربية. فما الغريب فى ذلك؟ إذ منذ سنوات، أصبح المواطن «معتادًا» على انقطاع الكهرباء لساعات عدة فى بلاده، دون أى تفسير مقنع من شركة الكهرباء الحكومية، بل توقفت «البيانات الصحفية» ومحاولات تفسير سبب الانقطاعات المتتالية، بل انقطاعها لمدة 2-10 ساعات يوميًا. والأنكى فى الأمر، أن شركة الكهرباء تستمر فى إرسال فاتورة الكهرباء، وكأن المستهلك مستمر فى الحصول على الكهرباء فى منزله أو فى المصنع ومقر العمل.
من الصعب على المستهلك فى القرن الحادى والعشرين أن «يتعود» على انقطاع الكهرباء ساعات يوميًا ولأيام متتالية، فهناك الضوء والثلاجة والكمبيوتر والإنترنت والسلع الكهربائية المنزلية الأخرى.
لذا «ترعرعت» مهنة جديدة فى البلاد المنكوبة بانقطاع الكهرباء، وبالذات لأن جميع الدول العربية قد شيدت محطات الكهرباء منذ النصف الأول للقرن العشرين. فالخوف هو من تقاعس الشركات الكهربائية عن الاستثمار اللازم فى محطات كهربائية تقليدية، أو استعمال الطاقات المستدامة إليها جنبا إلى جنب، وطرق تحصيل الفواتير بوسائل حديثة، ودراسة النمو السنوى لعدد السكان ومدى ارتفاع مستواهم الاجتماعى ومن ثم الحاجة اللازمة للطلب الإضافى على الكهرباء فى البلاد فى المستقبل القريب. هذا ناهينا عن التخلص من بعض ما هو شائع فى بعض الدول العربية من الإهمال والفساد فى قطاع الكهرباء.
لماذا هذه الانقطاعات المستمرة يوميا.. ولماذا لا تصدر بيانات توضيحية ذات مصداقية للمستهلك؟
نعود إلى إسبانيا، حيث وسائل المواصلات الكهربائية العامة من القطارات والمترو والطائرات والوسائل الإلكترونية والكهربائية لتسديد الفواتير فى كل شاردة وواردة فى مجالات التنقل والبيع والشراء، ومن ثم توقف التنقل والعمل فجأة وكليًا فى جميع أنحاء البلاد. وقدرت الخسائر لإسبانيا خلال اليوم الواحد من الانقطاع الكهربائى بحوالى تريليون يورو. وهناك طبعًا آلاف الروايات المأساوية للذين عجزوا عن قطع الطرق البعيدة مشيا على الأقدام.
أدى الانقطاع إلى ردود فعل أوروبية حذرة، وهى المرتبطة بشبكة أنابيب الغاز أو شبكة كهرباء موحدة. ناهينا عن وجود طاقة شمسية مولدة للكهرباء فى جنوب إسبانيا. ورغم ذلك توقفت الحياة اليومية الاعتيادية ليومين على الأقل فى إسبانيا والبرتغال.
إن تجربة انقطاع الكهرباء الإسبانية ليست الأولى من نوعها فى الدول الصناعية المعتمدة على القطارات الكهربائية والمترو والطائرات والحاسوب. فقد انقطعت الكهرباء فى منتصف عقد الستينيات عن ولايتى نيويورك وكونيتيكت ومدينة نيويورك نحو 24 ساعة، إلى أن اكتشف العطل فى الشبكة وتم تصليحه. وطبعًا، توقفت خلال هذه الفترة، القصيرة نسبيًا، مواصلات القطارات والمترو والطائرات وأشغال المطاعم لعدم تمكنها إصدار الفواتير، هذا ناهينا عن الفوضى التى عمت شوارع نيويورك لعدم عمل أضوية المرور فى الشوارع، كما حصل فى مدريد.
طبعًا، من المحتمل جدًا حصول عطل فى شبكة الكهرباء. لكن من الممكن فى هذا العصر تشييد طاقات بديلة، ليس فقط للحصول على وسائل بديلة للكهرباء، على الأقل لتقليص التلوث، كما فى أجواء بعض المدن العربية، لكن أيضًا لتقليص المصاريف المنزلية والصناعية.
تخوفت بعض الدول الأوروبية من تجربة إسبانيا، والسبب فى الخوف هو الزيادة المستقبلية الواسعة لتزويد الكهرباء للذكاء الاصطناعى وللسيارات الكهربائية الحديثة. أما فى الدول العربية المعنية فالخوف هو من استمرار التدهور والفساد والإهمال لبعض شركات الكهرباء.

وليد خدورى
اقتصادى من العراقخبير
الشرق الأوسط اللندنية

قضايا اقتصادية القضايا الاقتصادية العالمية والدولية والمحلية
التعليقات