الجانب المظلم.. تداعيات التغير المناخى على النساء - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجانب المظلم.. تداعيات التغير المناخى على النساء

نشر فى : الأربعاء 29 يونيو 2022 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 29 يونيو 2022 - 9:20 م
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا بتاريخ 23 يونيو للكاتبة هالة فؤاد، تناولت فيه سبب كون النساء الفئة الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، وتعجبت من محدودية مشاركتهن فى جهود مكافحة التغير المناخى بالرغم من أن تداعياته تطالهن أكثر من الرجال.. نعرض من المقال ما يلى.
يومًا بعد يوم، يتزايد الاعتراف بأن النساء أكثر عرضة للتأثيرات السلبية الناتجة عن الكوارث التى تجتاح العالم، سواء كانت كوارث طبيعية أم تلك التى تحدث من صنع الإنسان. ولنا فى جائحة كورونا مثال، فقد رأينا تأثير الجائحة فى تكريس عدم المساواة، وزيادة الفقر والعنف ضد النساء والفتيات، وتقليص تقدمهن فى التوظيف والصحة والتعليم، إضافة إلى تأثير التداعيات الاقتصادية والاجتماعية غير المتناسب، مما زاد من التحديات أمام قدراتهن على تحمل آثار أزمات البيئة والمناخ، علاوة على ضغوط التوفيق بين العمل والأسرة إلى جانب إغلاق المدارس وفقدان الوظائف التى تُهيمن عليها النساء مما أدى إلى مشاركة عدد أقل من النساء فى القوى العاملة، حيث شهد عام 2020 خروج حوالى 113 مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين 25 و54 عامًا لديهن أزواج وأطفال صغار من القوى العاملة بحسب منظمة الأمم المتحدة للمرأة.
وما يحدث اليوم تفاوت فى الاستجابة للتغير المناخى بين الذكور والإناث، فوفقًا لبيان الأمم المتحدة الصادر فى اليوم العالمى للمرأة مارس 2022، فإن النساء أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ من الرجال، لأنهن يُشكلن غالبية فقراء العالم. وقد تؤدى ندرة الموارد وضرورة السفر لمسافات أبعد للحصول عليها إلى تعريض النساء لمزيد من العنف، بما فى ذلك عوامل الخطر المتزايدة المرتبطة بالاتجار بالبشر، أو زواج الأطفال، أو وصولهن إلى الموارد اللازمة لحمايتهن من العنف القائم على النوع الاجتماعى.
لماذا النساء هنّ الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية؟
الفقر: قد يعود تصدر النساء للفئات الأكثر تأثرًا بالتغير المناخى إلى زيادة معدلات الفقر بينهن، فهناك 118 امرأة، مقابل كل 100 رجل تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا يعيشون فى فقر مدقع (1.90 دولار فى اليوم أو أقل). ومن المتوقع أن تزداد الفجوة إلى 121 امرأة لكل 100 رجل بحلول عام 2030، وبعد تداعيات جائحة كورونا؛ فمن المرجح إضافة 47 مليون امرأة أخرى إلى الفقر، ووفقًا لدراسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، فمن المتوقع زيادة معدل الفقر بين النساء بنسبة 9.1%، وهناك أكثر من 160 مليون طفل معرضين لخطر الاستمرار فى العيش فى فقر مدقع بحلول عام 2030.
العدالة الاجتماعية: فى العديد من المجتمعات، يقتصر دور النساء على رعاية الأطفال وتوفير الماء والغذاء للأسرة. يحدث ذلك بالتوازى مع فرض العديد من القيود، كمنعها من التعليم، أو العمل فى أغلب الأحيان، وإن أُجيز لها العمل فيتم تخصيص أعمال معينة خالية من وسائل الأمان كالعمل فى الحقول مثلًا. أيضًا يتم منعها من حيازة الأراضى لضمان مصدر رزق لها ولأسرتها، كما يحظر على النساء فى مثل تلك المجتمعات الحصول على تدريبات بدنية خاصة فى الدول الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية كتدريبات السباحة وتسلق الأشجار للهروب من منسوب المياه المرتفع فى حالات الأعاصير أو ركوب الماشية للعبور الآمن من الأودية أو السيول.
وكنتيجة حتمية لتلك القيود ترتفع أعداد الضحايا من النساء والأطفال فى الكوارث الطبيعية. فوفقًا لدراسة «حتى التغير المناخى يظلم النساء» الصادرة عن منظمة «نساء من أجل عدالة مناخية دولية» فإن نسبة تأثر النساء والبنات بالتغير المناخى وما ينجم عنه من كوارث طبيعية تزيد بمقدار 14 ضعفًا عن تأثر الرجال، فمثلًا عدد النساء اللواتى قُتلن فى تسونامى 2004 فى إندونيسيا بلغ ثلاثة أضعاف عدد الرجال، لأن عددًا قليلًا من النساء يُجدن السباحة مقارنة بالرجال، كما أشارت الدراسة إلى أن مشاكل العديد من النساء تبدأ بعد انحسار مياه الفيضانات، إذ يتم تزويج البنات قسرًا لأنهن فقدن ذويهن، كما تم تسجيل زيادة ملحوظة فى عدد أحداث العنف ضد النساء بعد هذه الكوارث وزيادة حالات اغتصاب البنات اللواتى تم إنقاذهن.
محدودية مشاركة النساء فى جهود مكافحة التغير المناخى
بالرغم من زيادة تمثيل النساء فى مواجهة التغير المناخى بصفتهن أكثر الفئات تضررًا، إلا أن العدد يظل محدودًا، فوفقًا لتقرير على دويتش فيلا بعنوان «النساء فى مواجهة التغير المناخى»؛ تصل نسبة النساء ضمن الموفدين للمشاركة فى مؤتمرات المناخ من جميع بلدان العالم إلى الثلث فقط، كما أن وفدًا واحدًا فقط من بين كل خمسة هو بقيادة امرأة، وبقى هذا الوضع ثابتًا خلال السنوات الخمس الماضية ولم يتغير تقريبًا. وتناولت دراسة أخرى بعنوان «مشاركة المرأة فى مفاوضات الأمم المتحدة للمناخ» مستوى مشاركة النساء فى المفاوضات، وقد استنتجت الدراسة أنه كلما زاد تأثر البلد بظاهرة التغير المناخى، كلما قل تمثيل النساء من البلد المعنى فى وفود مفاوضات الأمم المتحدة للمناخ.
تداعيات أزمة التغير المناخى على النساء
١ ــ الصحة: تمتد تداعيات أزمة التغير المناخى لتؤثر على صحة الأفراد بشكل أساسى، ويتباين التأثير السلبى لتلك التغيرات بين الذكور والإناث وفقًا للبلد ومستوى الدخول. فوفقًا لتقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان (أغسطس 2021) تكون النساء والفتيات الأكثر ضعفًا وتأثرًا، ويعود ذلك إلى أنّهن يشكلن غالبية الفقراء فى العالم، وغالبًا ما يتحملن العبء الرئيسى فى جلب الماء والغذاء وغير ذلك من المؤن الضرورية لأسرهن، وذلك اعتمادًا على الموارد الطبيعية التى تتعرض للتآكل نتيجة تأثيرات تغير المناخ.
يحدث ذلك بالتوازى مع عدم حصولهن على خدمات الرعاية الصحية الكافية، بما فى ذلك خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وتنظيم الأسرة، والخدمات التعليمية والغذاء وذلك فى الأوضاع العادية مما يقوض حياتهن وحياة أسرهن ومجتمعاتهن. ويزداد الأمر سوءًا فى الأوضاع الإنسانية، مثل الكوارث المناخية، حيث يؤدى النزوح القسرى والهجرة إلى زيادة تفاقم الظلم الذى تتعرض له النساء والفتيات، ويجعلهن عرضة لخطر أكبر هو الاغتصاب والتحرش والاستغلال الجنسيين، والاتجار بالبشر، والاستغلال نتيجة تعطل خدمات الحماية والشرطة الأساسية. وبالتالى، فهم أقل قدرة على مواجهة تأثيرات تغير المناخ.
2 ــ الأمن الغذائى: وفقًا لدراسة المفوضية السامية لحقوق الإنسان «الإجراءات المناخية المراعية للاعتبارات الجنسانية»، فإن النساء الحوامل والمرضعات أكثر الفئات عرضة لانعدام الأمن الغذائى الناتج عن تغيّر المناخ. كما قد تتسبّب مياه الشرب الأكثر ملوحة بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، فى ولادات مبكرة ووفيّات أمهات وأطفال حديثى الولادة. علاوة على أن المخاطر العارمة التى تهدّد الأرض والمياه والكائنات وسبل العيش تؤثّر بشكل كبير على النساء اللواتى يعملن فى الأرض أو يعتمدن على النظم الإيكولوجية لإعالة أسرهنّ.
3 ــ العمل الآمن: تكمن الآثار السلبية للتغير المناخى فى استنزاف الموارد وتدمير البنية التحتية، وهو ما يزيد من نسب البطالة، وبالتالى تزداد الفجوة بين الجنسين فى العمل؛ حيث تواجه المرأة بالفعل عقبات عديدة فى الحصول على عمل آمن بمقابل مادى مناسب فى الظروف الطبيعية والتى قد لا تتواجد تلك الفرص من الأساس بمعايير أمان أقل أو معدومة فى أوقات الكوارث. وعليه، قد تجد الأسر التى تعولها نساء مثلًا صعوبات فى الحصول على المساعدة الإنسانية أو الاستفادة من البرامج المنفذة فى أعقاب الكوارث، التى تستهدف فى العادة رب الأسرة «الرجل»، وذلك وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان 2019.
4 ــ العنف القائم على النوع الاجتماعى: وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة عام 2018، فإن 80% من الأشخاص النازحين بسبب التغير المناخى كن من النساء، وبالتالى تتعرض المرأة النازحة إلى مخاطر كبرى تتمثل فى الضرب والخطف والتنكيل بأطفالها، علاوة على الاعتداءات الجنسية المصنفة بالعنيفة وفقًا للأم المتحدة والتى ينتج عنها عمليات الحمل غير المرغوب فيها، وعادة تحدث عمليات الاغتصاب كمقابل تدفعه المرأة النازحة لتمكينها من استكمال هجرتها دون قتلها أو خطف أولادها مثلًا أو حتى لتمكينها من الغذاء والماء، فى ظل غياب تام لنظم الحماية الاجتماعية، ناهيك عن الحالات التى يقترن فيها انعدام الأمن الغذائى بإفلات مرتكبى العنف من العقاب وضعف مؤسسات إنفاذ القانون.
ووفقًا لما سبق، يتضح ضرورة تبنى الدول سياسات مناخية مراعية للنساء، مع العمل على سن أُطر قانونية داعمة ومؤسسة للمنظور الجنسانى فى تناول قضية تغير المناخ، أيضًا نظر إمكانية تحديد «كوتة» للنساء فى لجان المكافحة، مع ضرورة نشر الوعى الكافى بمخاطر التغير المناخى وأساليب الحماية والتعايش للنساء، خاصةً فى الدول النامية والأكثر تعرضًا لخطر التغير المناخى.
النص الأصلى:


التعليقات