ترامب لسكان العالم «أنا رئيسكم» - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 31 يناير 2025 1:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ترامب لسكان العالم «أنا رئيسكم»

نشر فى : الخميس 30 يناير 2025 - 8:10 م | آخر تحديث : الخميس 30 يناير 2025 - 8:10 م

نشرت صحيفة المغرب التونسية مقالاً للكاتب محمد صالح مجيّد، تناول فيه دلالات خطاب ترامب فى حفل تنصيبه، وكيف أنه يختلف عن أسلافه فى أن كلماته خالية من التجميل أو التأويل وإنما صريحة واضحة.. نعرض من المقال ما يلى:
فى السياسة، عالم المتناقضات، لا عهد لا ميثاق.. واهم من يؤمن بصداقة مؤبدة وبعداوات دائمة. عدو الأمس صديق اليوم.. الخير شرير إلى أن يثبت العكس والشرير خير إلى أن تنكشف عورته.. الصاعد سلما يجد نفسه فى هوة سحيقة من حيث ظن أنه فى القمة.. السياسة عالم المراهنات وعالم الوحوش الضارية التى لا ترحم ضحاياها، والضباع المتوارية وراء الأكمة ترقب فريستها لتجهز عليها.
بوجه مكشوف خال من مساحيق الكلام المعسول المنمّق، وبلهجة الحاكم الأوحد الآمر الناهى، تكلم «ترامب» وتوجّه برسالة قويّة إلى كلّ العالم «أنا الرئيس.. والبقية كومبارس.. أمريكا أولا وثانيا وثالثا ثم بقية العالم!».
لم يجد «كوبوى» العالم وقتا ليتحدث عن القارة العجوز «أوروبا».. ألغاها من خطابه ومن حسابه، بعد أن كانت «جملة» قارة فى «نص» خطاب تنصيب كل حاكم أمريكى جديد. لقد أعلن سابقا أن أمريكا لن تتكفل مستقبلا بالدفاع مجانا عن «أوروبا»، وعن دول لا تفعل شيئا من أجل حماية نفسها. «أوروبا» المتعاظمة باتحادها الاقتصادى أمست عند «ترامب» مجرد سوق للمنتجات الأمريكية التى وجب أن تكون لها الحظوة الأكبر، وبرسوم ترضى عنها أمريكا. وكل دولة تتجرأ على الرفض ستُواجه بالردع فى شكل رسوم إضافية أو منع لتداول سلعها. لم تعد «أوروبا» وفق هذا المنطق الجديد، «محمية أمريكية» وحليفا استراتيجيا، بل أمست «فضاء تجاريا كبيرا» يخضع إلى رقابة أمريكية لصيقة. قالها بفظاظة: «استعدّوا للتنفيذ وإلا انتظروا الرسوم والعقوبات الاقتصاديّة».
وإمعانا فى إظهار القوّة والتعاظم، وفى مشهد استعراضى مقصود وموجّه، حرص حاكم العالم الجديد على أن يظهر وراءه أرباب المال وصنّاع التكنولوجيا. لقد أرادها رسالة إلى العالم نحن نعرف عنكم كل شىء: «مراسلاتكم الإلكترونية، وتحويلاتكم المالية، وأنشطتكم التجاريّة، وغرف نومكم وأسراركم، فإن لم تكونوا معنا صنّفناكم أعداء!».
ظهر وراء الرئيس الجديد، كل أصحاب المواقع الاجتماعية التى يرتادها الشباب والكهول والشيوخ فى كل أرجاء المعمورة.. «الفضاء الأزرق» كنز أسرار تتحكم فى شفرته الإدارة الجديدة ومن خلاله هى قادرة على زعزعة أى نظام مناوئ خارج عن السكة.
فى المنطق الأمريكى الجديد إسقاط نظام فى أى مكان من العالم هدف رخيص لا يستحق أن تُزهق من أجله روح جندى أمريكى واحد.. انتهى زمن الحرب الكلاسيكية.. «الفيسبوك» و«تويتر» اليوم سلاحان مرفوعان فى وجه كل من لا ترضى عنه أمريكا.
لقد رأى العالم تهاوى قطع «الدومينو» سابقا وسيرى مع قدوم «ترامب» وسائل تحكم جديدة تجعل سقوط نظام لا يستغرق أكثر من زمن سفرة على متن طائرة من شمال أمريكا إلى جنوبها.
لقد قال «ترامب» علنا وبكل وضوح، ما كان يقوله رؤساء أمريكا سرّا فى الغرف المظلمة. قديما كان رؤساء أمريكا يقولون كلاما جميلا ويأتون أفعالا قبيحة .. «ترامب» مأخوذا بعزة الانتصار والقوة، على عكسهم ذهب بعيدا فى التغوّل فهو يتوعد متكبرا ومتجبرا، بفعل قبيح لا يتورع عن كشفه وإعلانه بصلف.
إن الحرب التى يتوعد بها «ترامب» خصومه فى أرجاء أرض هو حاكمها الأوحد، ستكون برءوس «فيسبوكية» «تويترية» «إنستاجرامية» «مصنوعة بذكاء»!.. ويبدو أن الرجل قد اطمأن وهو فى بداية عهدته الجديدة، إلى ضمان إذعان كل العالم لسلطان أمريكا وجبروتها، لأنه قرر دون أن يستشير أحدا، أن يتوجه غازيا إلى المريخ. واللّه وحده يعلم بماذا سيعود إلى العالم من هذه الغزوة الجديدة. وقريبا سيصبح هذا المتعالى حاكم الأرض والقمر والمرّيخ وما بينهما من مجرّات وكواكب!

التعليقات