أبلغ رد على كل ما يجرى فى مصر الآن هو إجراء الانتخابات فى موعدها.
إياك أن تظن أن فتنة القضاة والمحامين أو فتنة الأمناء والداخلية أو فتنة الطلبة وأساتذة الجامعة هى آخر الفتن، إياك أن تظن أن ضحايا ماسبيرو هم آخر الضحايا، فالمؤامرة لم تحقق مآربها بعد، والمتآمرون قاتلهم الله، كلما أخمدنا نارا فى موضع أشعلوا فتيلا فى آخر، لكن الرد على ذلك لن يكون ـ أقصد أنه لا ينبغى أن يكون ـ تأجيل الانتخابات ونسف استحقاقات المرحلة الانتقالية وفقا للترتيب الذى تم الاستفتاء عليه فى مارس: برلمان يمثل إرادة الشعب، رئيس منتخب انتخابا حرا، دستور يعكس تطلعات المصريين لوطن يجمع تحت سمائه كل أبنائه بالعدل والقسطاس، دون تمييز.
ستسمع كلاما كثيرا عن رخاوة الدولة وعدم قدرة أجهزة الأمن على تأمين الانتخابات، وستسمع كلاما أكثر عن سوء إدارة المرحلة الانتقالية، وأننا لو سمعنا «كلامهم»، لوصلنا بكل سلاسة ورشاقة ونعومة إلى بر الأمان، ستسمع كلاما عن الإخوان الذين يريدون أن يسيطروا على البرلمان ويكتبوا الدستور ويحيلوا مصر إلى إمارة إسلامية، وعن الفلول الذين عادوا، الذين سيعيدون إنتاج نظام مبارك بكل فساده وانحلاله، ستسمع عن الثورة التى سُرقت ولابد من استعادتها، وأنه لا جدوى من الانتخابات فى هذه الأجواء.
أنصحك ياصديقى أن تلقى بهذا كله خلف ظهرك، وأن تستعد بوعى وبإصرار لأن تدلى بصوتك فى الانتخابات المقبلة، وأن تشجع القريبين منك على المشاركة، قل لهم إن الفزاعات التى يطلقها البعض لا أساس لها، وإن حصول أعضاء فى الحزب الوطنى المنحل على عدة مقاعد فى البرلمان ـ لو حدث ـ لا يعنى أنهم سيسيطرون عليه، قل لهم إن الإخوان مع كل التزوير والإقصاء والعنت الذى واجهوه من النظام البائد، حصلوا على 88 مقعدا فى انتخابات 2005، وأن حصولهم على ضعف هذا العدد من المقاعد فى الانتخابات المقبلة أمر طبيعى، يعكس قوتهم داخل المجتمع فى اللحظة الراهنة، لكنه لا يعنى أن مصر ستصبح إمارة إسلامية.
قل لهم إن بديل نجاح الانتخابات هو إغراق مصر فى الفوضى، وإعادتنا إلى المربع رقم صفر.
قل لهم إن السياسة تصنعها برامج الأحزاب وتوازنات القوى تحت القبة لا صياحات الشوارع وخناقات التوك شو.
قل لهم إن زمن الحزب الواحد ولّى، وأن تداول السلطة لم يعد حلما بعيد المنال، فالمعارضون اليوم قد يحكمون غدا، والأحزاب الصغيرة تكبر بالعمل والمثابرة والتواصل مع الناس.
قل لهم إن شرعية الحشد لا تلغى، ولا ينبغى لها أن تلغى شرعية القانون.
قل لهم إن مصر ليست تونس، مصر أكبر وأقدر.
eghazaly@shorouknews.com