جينيات الشعب المصرى وتاريخه تقول إنه غير قابل للكسر ولحظات الأفول مؤقتة على الرغم من مرارتها فسرعان ما يعود إلى الانتصار، وميراث الأجداد فخر لا يوجد مثله على ظهر البسيطة، فمصر مهد الحضارات وبها حدث التجلى الأعظم، وفيها عاش الأنبياء وخزائن الأرض وأسرار لم تبح بها الأيام حتى الآن.
افتتاح المتحف الكبير على عظمته وما يعكس من فخر لكنه قليل من تكوين ربانى لتلك البقعة التى ما زالت تحمل للبشرية وللكوكب نفحات سلام ومحبة وأمن، الملك رمسيس الثانى ينتظر الزوار ليحكى تاريخ أمة عريقة مستقبلها لا بد أن يكون عظيمًا رغم المصاعب والمتاعب والسنوات العجاف لا بد أن تأتى بعدها سنوات سمان آية كونية مقدرة لتلك البقعة التى أطعمت العالم من قبل وتحمل انبهارًا لا يعرفه إلا صاحب فهم وتمييز ومحاربتها تعد فشلا وهزيمة قديمًا وحديثًا، فكنوز توت عنخ آمون ليست لوحات فنية ولا ملكا عظيما وفقط ولا إنجازات حققّها أو حروب انتصر فيها كما هو الحال مع الكثير من الفراعنة؛ وإنما لأسباب أخرى تعدّ مهمة من الناحية التاريخية واكتشاف مقبرته وكنوزه بالكامل دون أى تلف. والأحداث الغامضة، والترديد الكثيف لأسطورة لعنة الفراعنة المرتبطة بمقبرة توت عنخ أمون التى تناولتها الأعمال الفنية والسينمائية وصولًا إلى ألعاب الفيديو جعلت من الملك توت أشهر الفراعنة لألغاز وأسئلة لا تزال بلا جواب شأنها شأن كثير من علوم الفلك والهندسة والطب وعلوم الطاقة عرفت فى تلك الأرض فقط.
من المتوقع أن يزور المتحف نحو 4-5 ملايين سائح سنويًا بمجرد افتتاحه رسميًا، وسيشهد المتحف الكبير للمرة الأولى عرض 31 تابوتًا ملونًا مكتشفًا فى خبيئة العساسيف، إضافة إلى حفائر جرى اكتشافها فى منطقة سقارة وستظهر للجمهور للمرة الأولى. فكل شبر فى مصر يحمل تاريخًا وعلمًا والكثير منه لم يكتشف بعد، فكل مكان من ربوع الجمهورية يحمل قصصًا لم ترو حتى الساعة، وأسرارًا لملوك وأسُر لم تكتشف وقطعًا من القمر تضىء العالم وتحمل أنشودة للسلام وشفاء للأبدان.
يمتد المتحف على مساحة إجمالية تبلغ نحو 500 ألف متر مربع وبها ساحة المسلة المعلقة ودرج عظيم تصطف على جانبيه 87 تمثالًا ضخمًا يحكى أساطير يجعلنا نردد إنهم «كفونى الكلام عند التحدى» ونغنى إن مجدى فى الأوليات عريق من له مثل أولياتى ومجدى.. ما رمانى رامٍ وراح سليمًا.. من قـديم عناية الله جندى..
كم بغت دولة على وجارت.. ثم زالت وتلك عقبى التعدى
المتحف يؤكد القدم، والتنوع، والصمود عبر العصور لـ«أم الدنيا» مصدر إلهام للحكم والفن، فهل هناك هندسة مثل الموجودة هنا، التراث الثقافى والفنى يجعلها فى المقدمة وحتمًا النتائج الاقتصادية ستظهر وتنعكس على حياة أحفاد هؤلاء العظماء. «المجموعات الأثرية» التى تبرز الكنوز الفرعونية والمقتنيات الفريدة حكايات تجعلنا نرفع رأسنا لفوق.
تعطى مصر من خلال المتحف رسالة للعالم إنها تصون تراثها وحضارتها وتهدى العالم رحلة تربط سهل النيل القديم بهضبة الأهرامات، وتربط مجازيا عالم الأحياء بعالم الموتى، وتقول إن أزوريس والدولة الحديثة للفراعنة أول من عرف الكتابة طريق المعرفة والعلم على وجه الأرض.
سيبقى اسم مصر محفورًا فى وجدان الإنسانية عبر العصور.. الشكر واجب لمن فكر ولمن أكمل الصرح المهدى من مصر إلى العالم. قل للأخيار المكرمين الوافدين والقادمين إليها مسلّمين «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».