التطبيع الإجبارى.. واستباحة غزة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 1 نوفمبر 2025 10:35 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من يحسم السوبر المصري؟

التطبيع الإجبارى.. واستباحة غزة!

نشر فى : الجمعة 31 أكتوبر 2025 - 10:00 م | آخر تحديث : الجمعة 31 أكتوبر 2025 - 10:00 م

الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار فى قطاع غزة، والتى تتم تحت غطاء أمريكى، تؤشر إلى وجود محاولة جدية من جانب الاحتلال لفرض معادلة جديدة تسمح له بمواصلة القتل والتدمير، حتى يخلق حالة من التقبل أو التطبيع الإجبارى مع فكرة استباحة الدم الفلسطينى وقتما يريد ومن دون قيود.

فمنذ فجر الأربعاء الماضى، استشهد أكثر من 100 فلسطينى، بينهم نحو 35 طفلا فى سلسلة مجازر متتالية ارتكبها جيش الاحتلال الصهيونى خلال أقل من 12 ساعة، ليرتفع بذلك عدد من سقطوا جراء الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار بالقطاع والذى دخل حيز التنفيذ يوم 11 أكتوبر الجارى إلى نحو 211 شهيدا و597 جريحا.

الآلية الجديدة التى يسعى الاحتلال إلى تثبيتها وترسيخها وفرضها بقوة السلاح على قطاع غزة، تتطابق إلى حد كبير مع ما يحدث فى جنوب لبنان، حيث إنه منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان فى نوفمبر من العام الماضى، ألقى جيش الاحتلال نحو 950 قذيفة وشن أكثر من 100 غارة جوية ما أسفر عن استشهاد نحو 274 شخصا، وفقا لإحصاءات عسكرية وإعلامية لبنانية.

أسباب كثيرة بالتأكيد تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى مواصلة خرق وانتهاك اتفاق وقف النار فى غزة، والذى لم يكن راغبا فيه منذ البداية لولا الضغوط الكبيرة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أهمها محاولة الحفاظ على ائتلافه الحكومى وإرضاء شركائه من اليمين المتطرف، إضافة إلى رغبته فى التهرب من المحاكمة جراء قضايا الفساد التى تلاحقه.

لكن العامل الأهم والأساسى فى تقديرى يتمثل فى أن نتنياهو لم يحصل بعد على صورة انتصار فى غزة، على الرغم من حجم الجرائم الهائلة التى ارتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين والتى وصلت إلى حد الإبادة الجماعية، بل إنه لم يتمكن من نزع سلاح أو تفكيك فصائل المقاومة فى القطاع، والتى لا يزال عناصرها يدخلون ويخرجون بسلاسة من شبكات الأنفاق المنتشرة تحت الأرض، مثلما ظهروا الأسبوع الماضى على الشاشات خلال البحث عن جثث أسرى الاحتلال فى غزة!

إذن.. معضلة نتنياهو الكبرى أنه لم يحقق أهدافه كاملة فى غزة، وبالتالى يحاول اختلاق الذرائع والمبررات من أجل العمل على إجهاض وإنهاء اتفاق وقف النار والعودة مجددا إلى الحرب المفتوحة، وهو ما يضع مسئولية كبيرة على عاتق الرباعى الداعم للاتفاق، ونعنى بذلك مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا، حتى لا تنزلق الأوضاع إلى مزيد من التوتر والتدهور، ومن ثمّ فإن عليها العمل سياسيا ودبلوماسيا بشكل مكثف من أجل «لجم» رئيس الوزراء الإسرائيلى ومنعه من محاولة ترسيخ فكرة استباحة الدم الفلسطينى فى أى وقت دون خشية من العواقب.

ليس هذا فحسب، بل إنه على فصائل المقاومة الفلسطينية عدم إعطاء أى مبرر لنتنياهو من أجل استئناف حرب الإبادة.. فالشعب الفلسطينى لم يعد يتحمل مزيدا من الدماء، ويحتاج إلى هدنة يلتقط فيها أنفاسه بعد عامين من القتل والنزوح والجوع والمعاناة غير المسبوقة جراء التوحش الصهيونى الذى لم يستثن بشرا أو حجرا فى غزة.

التمسك الفلسطينى باتفاق وقف النار فى غزة وعدم إعطاء أى مبرر لإجهاضه مسألة مهمة للغاية، وقد لا يكون هناك بديل لها فى الوقت الراهن من أجل كسر دائرة الإبادة ووقف العدوان الإسرائيلى المتواصل منذ عامين واستمرار التدفق السلس للمساعدات الإنسانية والإغاثية ووأد أى مخطط لتهجير الفلسطينيين من أرضهم وإنهاء قضيتهم إلى الأبد، كما أنه يتيح العمل على حشد الجهود الدولية والعربية لتسريع التعافى المبكر وإعادة إعمار القطاع، الذى يتطلب أموالا طائلة قدرها الممثل الخاص للمدير العام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى لبرنامج مساعدة الشعب الفلسطينى، جاكو سيلييرس، بنحو 70 مليار دولار، وفقا لتقييم الاحتياجات العاجلة الذى أجرته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى.

التعليقات